تفسير آية (وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن)
آية (وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن)
وردت هذه الآية في نهاية سورة فاطر، حيث قال تعالى: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) ، وذلك حين أخبر الله عز وجل عن حال أهل الجنة حين يدخلون الجنة، وقد ورد في القرآن الكريم عدة صور ومشاهد لأهل النار في النار، وعدة صور ومشاهد لأهل الجنة في الجنة، وبما أن مصير الإنسان إلى جنة أو إلى النار كل على حسب عمله؛ فإن المتأمل المتدبر بهذه الأحوال يجوز به الحال إلى أن ينتفع بما يحكيه الله عز وجل عن هؤلاء الفريقين، فليس هناك تشويق أبرع من أن يتيه الإنسان في روضات الجنات، ويسرح في ألوان النعيم التي أعدها الله تعالى لأوليائه وأهل طاعته.
تفسير الآية
معنى غريب الكلمات
- الْحَمْدُ لِلَّـهِ: وهو الثناء على الله تعالى بالفضيلة، بل هو تكرار الثناء مرة بعد مرة، وهو أخص من المدح، وأعم من الشكر.
- الْحَزَنَ: الأصل فيها خشونة في الأرض، ومن ثم نقل المعنى إلى خشونة في النفس لما يحصل فيه من الغمّ، ويضادّه الفرح، ولاعتبار الخشونة بالغم قيل: خشّنت بصدره: إذا حزنته.
المعنى الإجمالي للآية
تناولت الآية مشهداً من المشاهد التي قصها الله تعالى في كتابه حكاية عن أهل الجنة، وذلك أن أهل الجنة بعد أن رزقهم ربهم البساتين وألوان النعيم من الأنهار واللباس الحسن، حمدوا ربهم على ما أعطاهم كما كانوا يحمدونه في الدنيا؛ فالإنسان في الدنيا بين خوف وحزن، خائف من المستقبل، وحزين على الماضي، فلا يخلو حال الإنسان من الحزن، سواءً كان غنياً أو فقيراً، أما في الآخرة فقد أخبر جل وعلا عنهم بأنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فإنهم عند ربهم سبحانه وتعالى، فهم يثنون الثناء الجميل، واختلف في معنى الحزن الذي أذهبه الله تعالى عن أهل الجنة على معان، فقيل:
- الخوف من النار:
فهي أشد ما يمكن للإنسان أن يخافه ويخشاه؛ ولذلك من طرق الترهيب التي يسلكها القرآن التخويف من جهنم.
- الخوف من الموت:
وهو من أعظم ما يفرّ منه الإنسان ويهرب منه.
- حزن الخبز :
وهو الخوف من عدم القدرة على الطعام، أو على توفيره.
- الحزن الذي ينال الظالم لنفسه في موقف القيامة.
والأولى في ذلك بالصواب أن حمد هؤلاء القوم الذين أكرمهم بما أكرمهم به أنهم قالوا حين دخلوا الجنة: ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن)، فخوف دخول النار من الحزن، والجزع من الموت من الحزن، والجزع من الحاجة إلى المطعم من الحزن، وعليه فلم يكن التخصيص في الحمد لنوع دون نوع، بل فيه تعميم لجميع أنواع الحزن بقولهم ذلك، وبهذا يتجلى معنى الآية، وهو أن الدار الآخرة لا يوجد فيها أدنى شيء ينغص نعيم أهل الجنة ، فهناك النعيم الدائم الذي لا تشوبه الأحزان ولا الأكدار.