تفسير آية (الرَّحْمَنُ عَلَى العرش اسْتَوَى)
تفسير آية (الرَّحْمَنُ عَلَى العرش اسْتَوَى)
قال الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، قال المفسرون أن في هذه الآية إثبات لصفة الاستواء لله تعالى على العرش سبحانه، وقد أخبر الله تعالى باستوائه على العرش في سبعة مواضع في القرآن الكريم منها هذه الآية.
معنى العرش
للعرش معانٍ عدّيدة في القرآن الكريم بحسب ورودها فيه وهي كالآتي:
- ورد لفظ العرش بمعنى سرير المُلْكُ، كما في قوله تعالى في سورة النمل : {نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا}.
- ورد لفظ العرش بمعنى سقف البيت والسلطان والملك، كما في قوله تعالى: {وَرَفعَ أَبَوَيْه عَلَى الْعَرْشِ}.
وقد فسّر أهل السلف هذا الاستواء بالعلو والارتفاع وذلك دون تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه، فعلوّ الله على العرش لا يشابه علو المخلوق على دابته أو سيارته أو ما شابه، وقد أثبت الله لنفسه صفة الاستواء في كثير من المواضع في القرآن الكريم، و كما قال الإمام مالك رحمه الله: " الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة "، لقول الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، وقوله تعالى في سورة النحل : {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} .
معنى الاستواء
ولفظ "استوى" في القرآن إنّما هو على ثلاثة أوجه عند ورودها:
- إن جاء بعدها حرف الجر "على": كان معناه العلو والارتفاع، وهذا كما أسلفنا في تفسير الآية.
- إن جاء بعدها حرف الجر "إلى": فيحمل معناه على القصد، كقوله تعالى في سورة البقرة: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}.
- إن لم يأتِ بعدها شيء: فمعناه كَمُل، كقوله تعالى في سورة القصص : {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى}.
مناسبة الآية لما قبلها
قال الله تعالى: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا* الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، جاءت الآية مناسبة لما قبلها بإثبات الله تعالى لنفسه في الآية الأولى بأنّه متولي شؤون الخلق جميعًا وهو سبحانه الخالق المدبر الآمر النّاهي لا أحد سواه، فأخبر الله -تعالى- عن نفسه بعد ذلك في الآية الثانية عن عظمته باستوائه على العرش فوق مخلوقاته علوًا يليق بجلاله سبحانه بلا تكييف ولا تشبيه ولا تمثييل.
فضائل سورة طه
وقد وُرد في فضائل سورة طه أحاديث كثيرة في السنّة النّبوية الشريفة نذكر منها ما يأتي:
- فعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه-، عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (اسْمُ اللهِ الأعْظَمُ الذي إذا دُعِيَ بهِ أجابَ؛ في ثلاثِ سُوَرٍ من القُرآنِ: في (البَقرةِ) و(آلِ عِمْرانَ)، و(طه)).
- وما رُوي عن معقل بن يسار -رضي الله عنه-، عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (أعطيتُ سورةَ البقرةِ منَ الذِّكرِ الأولِ ، وأعطيتُ طهَ والطواسينَ والحواميمَ منْ ألواحِ موسى ، وأعطيتُ فاتحةَ الكتابِ وخواتيمِ سورةِ البقرةِ منِ تحتِ العرشِ، والمفصلُ نافلةٌ).