تعريف سورة فاطر
معلومات عن سورة فاطر
تُعدُّ سورة فاطر من السور المكيّة، واتفق العلماء على مكيّتها، نزلت بين الهجرة إلى الحبشة ورحلة الإسراء والمعراج؛ وهي الفترة المُتوسطة في حياة المُسلمين في مكة، وكان نُزولها بعد سورة الفُرقان.
ويدور حديثها عن العقيدة الصحيحة ، وتثبيت قلب النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ولفت أنظار الناس إلى الكون وما فيه من آيات، والتركيز على بعض مشاهد يوم القيامة، كالحساب، والبعث، وأهل الجنة، وأهل النار، وعددُ آياتها خمسةٌ وأربعون آية، ويبلغ عددُ كلماتها سبعُ مئة وسبعون كلمة، وأمّا حُروفها فهي ثلاثةُ آلاف ومئة وثلاثةٌ وثلاثون حرفاً.
أسماء سورة فاطر ووجه تسميتها
ذكر العُلماء لسورة فاطر عدداً من الأسماء، فتُسمّى سورة فاطر، وسورة الملائكة، لقول الله -تعالى- في بدايتها: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وسُمّيت بفاطر؛ لأنّ كلمة فاطر لم ترد في مطلع سورةٍ غيرها.
وأمّا تسميتُها بالملائكة؛ لأنّ الله -تعالى- ذكر فيها الملائكة، وصفاتهم، وخلقهم، وأنّ لهم أجنحة مُتنوعةٌ في العدد، و أشار إلى أعمال الملائكة في إيصال الرسالة إلى خلقه، وهذه الصفة لم ترد في سورةٍ غيرها، وأكثر أهل التفسير على أنها تُسمّى بسورة فاطر، واختلاف الاسم لا يُغير من مُحتواها.
ترتيبها بين السور ومناسبتها لها
جاءت سورة فاطر بعد سورة سبأ التي تحدثت عن معرفة الله، والإيمان باليوم الآخر، والقيام بالشُكر، وبيّنت سورة فاطر الطريق العملي للقيام بذلك، فهُما تُكملان بعضهما عن طريق المعنى، فتحدثتا عن قضية الشُكر المُرتبطة بالتقوى،
وسورة فاطر هي الخامسة والثلاثون بحسب ترتيب المُصحف، والثالثة والأربعون بحسب ترتيب النُزول، ونزلت بعد سورة الفُرقان، وقبل سورة مريم، وكانت من أوائل السور نُزولاً بعد بعثة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وهي السورة السابعة من المجموعة الأولى من قسم المثاني، وهي آخر السور التي افتُتحت بالحمد، فناسبت السورة التي قبلها بالبدء بالحمد، والثناء على الله، وإضافة ما في السماوات والأرض إليه، فكان الحمدُ رداً على الكافرين وشُكوكهم، وما سيُلاقونه من عذاب.
وناسبت سورة فاطر مع سورة يس التي بعدها بذكرها للنذير وهو النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- الوارد في بداية سورة يس، وإيرادهما لبعض الأدلة الدالة على قدرة الله في الكون، كتسخير الشمس والقمر.
موضوعات سورة فاطر ومقاصدها
تناولت سورة فاطر العديد من الموضوعات والمقاصد، ومن أهمها ما يأتي:
- بيانُ خلق الملائكة، وفتح أبواب الرحمة.
- الحديث عن القُرآن وفضائله ، والشرف في تلاوته، وأصناف الناس في وراثته، وبيانها الخُلود في الجنة لأهل الإيمان، والخُلود في النار للكافرين والطُغاة، ومنة الله -تعالى- على عباده بحفظه السماء والأرض من الخلل والاضطراب.
- الحديث عن مظاهر قدرة الله ؛ كالرياح التي يسوقها لإنزال المطر، ورعاية الجنين في بطن أُمه، ورعايته له وليداً، وكذلك الليل والنهار، وعدم اختلاط البحرين الفُرات مع الأُجاج.
- تثبيت قلب النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- على ما يُلاقيه من أذى قومه ، وحثّه على الصبر، كما كشفت السورة نوايا الكُفار في إعراضهم عنه، وحسدهم له على الرسالة، مع إنذارهم وتخويفهم بما لهم من العذاب إن أصروا على كُفرهم، والثناء على المؤمنين المُصدقين للنبي وبما أعطاه الله -تعالى- من الكِتاب.
- بيان الطريق الموصل إلى معرفة الله -تعالى-، وبيانها للطُرق الصارفة عن الشُكر، وتحذيرها من الشيطان والدُنيا، وأن الرغبة في الدُنيا من الصوارف الموصلة إلى الله، وأن الخوف منه سُبحانه وخشيته بداية السير إليه.
- إثبات تفرد الله -تعالى- بالألوهيّة، وأنه المُستحق للحمد على ما أبدع في الكون، وتذكير الناس بنعمة الإيجاد والإمداد، وأن ما يعبده المُشركون من دونه لا يُغنون عنهم شيئاً، وتذكير المُكذبين به سُبحانه بما حصل بالأُمم التي كذبت الرُسل قبلهم من العذاب، وأنه لا مفر من العذاب إذا وقع بهم، والتذكير بعداوة الشيطان للإنسان.
- الحديث في بداية السورة عن نعم الله -تعالى- الكثيرة على عباده، كقوله -تعالى-: (مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، كما أنها تحدثت عن شُكر الله -تعالى-.
- النهي عن الغُرور بزينة الدُنيا، وعن اتباع الشيطان وخُطواته، لِقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ).
- بيان افتقار الناس لربهم، وحاجتهم إليه وإلى عونه وعطائه، وتحمل كل إنسان لمسؤولياته ولنتائج أعماله.
- إنذار الناس، ودعوتهم إلى الحق، ولفت أنظارهم إلى ما في الكون من براهين على رُبوبيّة الله، واستحقاقه وحده للعبادة، وبيانها لمصير المؤمنين والكافرين، وإشارتها إلى تمني العرب لبعثة النبيّ فيهم، والأسباب التي جعلتهم يُعرضون عن دعوته بعد مبعثه.