تعريف سورة المؤمنون
التعريف بسورة المؤمنون وفضلها
تعدّ سورة المؤمنون من السور المكية في القرآن الكريم، نزلت بعد حادثة الإسراء والمعراج، وقبل الهجرة إلى المدينة، تبلغ عدد آياتها مئة وثمانية عشر آية، وسُمّيت السورة بهذا الاسم لما افتتحت به، ولما ورد في خلالها من الآيات التي تذكر صفات المؤمنين.
جاءت السورة لتبيّن صفات عباد الله المؤمنين، وذكر الأسباب التي تحقق لهم النصر والفلاح في الدنيا والآخرة، وهذه الأسباب التي اتصف بها عباد الله السابقين فنصرهم الله بها، كما أظهرت السورة أحوال بعض الأنبياء السابقين، وقد جاءت السورة في القرآن الكريم بعد سورة الحج؛ التي أذنت للمسلمين بقتال عدوّهم، ثمّ جاءت سورة المؤمنون لتبين للمسلمين أسباب النصر على عدوّهم.
وسورة المؤمنون من المِئين التي أنزلت على رسول الله مكان الزبور ، وورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- في فضل العشر آيات الأولى منها حديث ضعيف، روى فيه عمر بن الخطاب أنّه لمّا أنزل الوحي على سيدنا محمد مكث ساعة.
ثمّ استقبل القبلة ورفع يديه، وقال: (اللهمَّ زِدْنا ولا تنقُصْنا، وأكرِمْنا ولا تُهِنَّا، وأعطِنا ولا تَحرِمْنا، وآثِرْنا ولا تُؤثِرْ علينا، وارضَ عنَّا وأرضِنا، ثمَّ قال: لقد أُنزِلتْ عليَّ عشرُ آياتٍ، مَن أقامَهنَّ دخَلَ الجنَّةَ، ثمَّ قرَأَ علينا: "قَدْ أفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ" حتى ختَمَ العَشرَ آياتٍ).
محور السورة
ذكرت سورة المؤمنون مجموعة من صفات عباد الله المؤمنين، فإذا تحقق هذه الصفات مع الأعمال الصالحة وصل العبد إلى مرتبة كمال الإيمان؛ ذلك أنّ شكر الله يتمثّل بالعمل الصالح، ثمّ ذكرت الآيات مجموعة من مظاهر قدرة الله في كونه ، ومجموعة من قصص الأنبياء مع أقوامهم، وميّز أهل الإيمان بقوله: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) .
وقد أمر الله عباده بالقيام بالطاعات التي تقع ضمن دائرة طاقتهم، ومحدودية قدراتهم، وإنّ القيام بهذه الأعمال الصالحة نابعة من الإيمان في قلوبهم، أمّا من كفر وعصى فإنّ ذلك نابع من العقيدة الفاسدة في قلوبهم، ولن تتعظ هذه الفئة مما ذكرت لهم الآيات من قصص الأقوام السابقة، لكن هذه الآيات هي الحجة الثابتة عليهم أمام الله يوم القيامة، وسيكون مصيرهم النار خالدين مخلدين فيها.
وأمر الله نبيّه بالدعاء للأمّة بأن يغفر الله لها ويرحمها والاستمرار بدعوتها إلى دين الله، فقال -تعالى: (وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ).
سبب نزول السورة
أورد الطبري و ابن كثير في كتبهما ما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، أنّه روى عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (جاء أبو سُفيانَ بنُ حَرْبٍ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا مُحمَّدُ أنشُدُكَ اللهَ والرَّحِمَ فقد أكَلْنا العِلْهِزَ - يعني الوَبَرَ والدَّمَ - فأنزَل اللهُ: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ).