تعريف تسوس الأسنان
تسوس الأسنان
يُعرف تسوس الأسنان (بالإنجليزية: Tooth decay) أو نخر الأسنان (بالإنجليزية: Cavities) بأنَّه التلف الدائم الذي يُصيب طبقة المينا الصلبة التي تُغطِّي الأسنان، نتيجة التأثر بعوامل عدّة؛ بما في ذلك الأحماض التي تُنتجها البكتيريا الموجودة في اللويحة السنِّية المعروفة بطبقة البلاك (بالإنجليزية: Plaque) المتكوّنة على الأسنان، ومن العوامل الأخرى التي تلعب دورًا ملحوظًا في الإصابة بتسوس الأسنان: تناول وجبات خفيفة بشكلٍ مُتكرر، أو الإكثار من المشروبات السّكرية، أو عدم تنظيف الأسنان بشكلٍ جيّد، ويُعتبر التسوس من المشاكل الصحيَّة التي قد تُصيب الأفراد من مُختلف المراحل العُمريَّة، وبالرغم من كوْن تسوس الأسنان من المشاكل الأكثر شيوعاً بين الأطفال، إلاَّ أنَّه يُصيب اليافعين والبالغين أيضاً.
ووفقًا لما نشرته منظمة الصحة العالمية (بالإنجليزية: World Health Organization) واختصارًا WHO عام 2020 أنّ هناك ما يُقاري 2.3 مليون شخص في العالم يُعانون من مشكلة تسوس الأسنان الدائمة وأكثر من 530 مليون طفل يُعانون من تسوس الأسنان اللبنية.
مراحل تسوس الأسنان
قبل بيان مراحل تسوّس الأسنان يجدر توضيح أجزاء السنّ بما يُسهّل فهم آلية تطوّر التسوّس، ففي الواقع يتكون السنّ من عدّة أجزاء؛ ألا وهي الجزء الخارجي الأكثر صلابة والمعروف بالمينا (بالإنجليزية: Enamel)، يلي ذلك العاج (بالإنجليزية: Dentin) والذي يُمثل نسيجًا صلبًا يحتوي على أنابيب مجهرية، ومن ثمّ اللب (بالإنجليزية: Pulp) الذي يُمثل الهيكل الداخلي الحيّ والأكثر ليونة في السنّ، إضافة إلى أنّ السنّ يتألف أيضًا من الملاط (بالإنجليزية: Cementum) المتمثل بمجموعة أنسجة ضامّة تربط جذور الأسنان باللثة وعظام الفك، كما يتألف السنّ أيضًا من رباط الدواعم وهو مجموعة من الأنسجة التي تساعد على تثبيت الأسنان بإحكام في الفكّ، وفي الحقيقة يتطوّر تسوُّس الأسنان عن طريق مروره بمراحل عِدّة، يُمكن توضيحها على النّحو الآتي:
- تكوُّن اللُّويحة السنيَّة: تتكوَّن اللُّويحة السنيَّة نتيجة الإكثار من تناوُل أنواع مُعينة من الأطعمة؛ تحديداً النَّشويات والسُّكريات، إلى جانب عدم الحرص على تنظيف الأسنان بالشكل الذي يضمن إزالة بقايا هذه المواد عن الأسنان، فتتغذَّى البكتيريا على هذه البقايا ممَّا يؤدِّي إلى تشكّل اللُّويحة السنيَّة على شكل طبقة ملتصقة تُغطي الأسنان، وتزداد صلابة مع مرور الوقت بحيث تصعب إزالتها.
- مهاجمة اللُّويحة السنية: في هذه المرحلة تبدأ الأحماض الموجودة في اللُّويحة السنيَّة بمُهاجمة طبقة المينا وإزالة المعادن منها، ممَّا يتسبَّب بإتلافها وإحداث الثقوب فيها، ومع استمرار تآكل طبقة المينا تُلحق البكتيريا والأحماض الضرر بالطبقة التي تليها والتي تُعرف بطبقة العاج، حيث تحتوي هذه الطبقة على أنابيب دقيقة متصلة بشكل مباشر مع العصب السِّني كما تمّ بيانه، الأمر الذي يُؤدِّي إلى حدوث حساسيَّة الأسنان ، ويُشار إلى أنّ طبقة العاج تُعتبر أكثر رقّة وأقلّ مقاومة للأحماض مُقارنة بطبقة المينا.
- استمرار حدوث التدمير: تستمر البكتيريا والأحماض بتدمير السِّن، وصولاً إلى طبقة اللب الداخليَّة، وهي الطبقة التي تحتوي على الأعصاب والأوعية الدموية، فتتسبَّب البكتيريا بتهيُّج وانتفاخ طبقة اللُّب، بحيث يؤدِّي هذا الانتفاخ إلى زيادة الضغط المؤثِّر على العصب السنِّي مُسبِّباً الألم، ولا ينحصر الشعور بالألم في هذه المنطقة فحسب؛ بل قد يتعدّى ذلك ليؤثر في المنطقة خارج جذر السنّ وقد يصِل العظام.
أعراض الإصابة بتسوس الأسنان
من الأعراض والعلامات التي قد تظهر على المصاب بتسوس الأسنان ما يأتي:
- وجود رائحة كريهة للفم .
- المُعاناه من ألم الأسنان؛ ولكن يجدر التنبيه إلى أنّه في بعض الحالات لا يُسبب تسوُّس الأسنان الشعور بألم، ولكنَّه قد يكون سبباً في حدوث ألم حادٍّ ومُتقطِّعٍ في حالات أخرى، وقد يظهر هذا الألم أيضاً على شكل أوجاع مُستمرة، تُعيق النَّوم.
- الشعور بطعم غير مُستساغ في الفم.
- ظهور بُقع على الأسنان قد تكون بنيَّة، أو رماديَّة، أو سوداء.
- الإصابة بحساسية الأسنان؛ حيث يشعر المُصاب بتسوُّس الأسنان بألم أو انزعاج عند ملامسة شيء للسن لا سيّما عند تناوله المأكولات أو المشروبات الباردة، أو الساخنة، أو السكريَّة.
عوامل خطر الإصابة بتسوس الأسنان
يزداد خطر الإصابة بتسوُّس الأسنان في حال وجود عوامل مُعيَّنة، يُمكن إجمالها على النحو الآتي:
- اتباع نظام غذائي غير صحّي، ويتمثل ذلك بتناول كميّات كبيرة من السّكريات، أو الأطعمة المُصنّعة، أو المشروبات الغازية، إذ تستهلك البكتيريا الموجودة في الفم هذه السكريات وتحوّلها إلى أحماض تبدأ بإذابة مينا الأسنان.
- عدم الحفاظ على نظافة الفم، إذ يؤدي ذلك إلى تراكم البكتيريا الضارة التي تشكل البلاك، ممّا قد يتسبّب بالإضرار بالفم والتسبّب بعدوى فيه، وقد يترتب على ذلك فقدان الأسنان.
- جفاف الفم نتيجة نقص إنتاج اللُّعاب، والذي يحدث أحياناً نتيجة تناوُل أنواع مُعيَّنة من الأدوية، أو التعرُّض للإشعاع في منطقة الرقبة أو الرأس، أو نتيجة الإصابة ببعض المشاكل الصحيَّة، أو الخضوع للعلاج الكيماوي، فاللُّعاب يلعب دوراً مهمًّا في التخلُّص من بقايا الطعام، ومنع تكوُّن اللُّويحة السنيَّة.
- الإصابة باضطرابات وأمراض مُعينة؛ مثل النُهام العصبي (بالإنجليزية: Bulimia nervosa)، وفقدان الشهيَّة العُصابي (بالإنجليزية: Anorexia nervosa)؛ فقد يُعاني المصابون بهذه المشاكل الصحية من التقيؤ المتكرر الذي يتسبب بإتلاف طبقة المينا نتيجة القيء الذي يخرج عبر الفم مؤثرًا في الأسنان، ومن الاضطرابات والمشاكل الصحية التي تزيد خطر الإصابة بتسوس الأسنان: الارتداد المعدي المريئي أو حرقة المعدة ، فمثل هذه الحالات قد تُسبب ارتداد الأحماض إلى الفم بصورة تُلحق الضرر بطبقة المينا والأسنان عامة.
- وجود الحشوات السنيَّة؛ فضعف هذه الحشوات وتكسُّر أطرافها مع مرور الوقت يزيد من فُرصة تكوُّن اللُّويحة السنيَّة التي يصعب إزالتها.
- استخدام أجهزة الأسنان، إذْ تزداد فُرصة إصابة الأسنان بالتسوُّس أسفل هذه الأجهزة في حال عدم مُلاءمتها للأسنان بشكلٍ كامل.
- موقع السِّن؛ فالأضراس والنواجذ أكثر عُرضة للإصابة بالتسوُّس نظراً لاحتوائها على العديد من الشقوق والجذور، ممّا يُحفّز تجمّع جزيئات الطعام بداخلها وجعلها أكثر عُرضة للتسوُّس.
- عدم الحصول على كمية كافية من معدن الفلوريد، والذي يدخل في تركيبة مياه الشّرب، وغسول الفم، ومعجون الأسنان ، نظراً لأهمية هذا المعدن في منع حدوث التسوُّس، بل ومن المُمكن أنْ يعمل الفلوريد على عكس عمليَّة تلف السِّن في المراحل الأولية من التسوُّس واستعادة حالة السنّ الأصلية وبالتالي الحدّ من تطوّر التسوّس.
- العُمر؛ إذ يزداد خطر حدوث تلف الأسنان وانحسار اللِّثة مع تقدُّم العُمر، إذ إنّ تقدّم العمر يُصاحبه انحسار اللِّثة وتراجعها عن الأسنان إضافة إلى المُعاناة من أمراض اللثة؛ ممّا يُساهم في جعل جذور الأسنان المُغطاة بنسيج أكثر رِقَّة من نسيج المينا عُرضة بشكل أكبر لحدوث التسوُّس، وتجدر الإشارة إلى أنَّ حشوات الأسنان تُصبح أكثر ضعفاً مع تقدُّم العُمر، إذْ تتعرَّض حوافها للتلف، فيُساعد ذلك على تراكُم البكتيريا في التجاويف الصغيرة المُتكوِّنة، ويزداد تجمُّع الحمض المسؤول عن حدوث تسوس الأسنان، ومن جهة أخرى تشيع الإصابة بتسوّس الأسنان بين الأطفال واليافعين،.
تشخيص تسوس الأسنان
يُمكن الكشف عن الإصابة بتسوّس الأسنان أثناء إجراء الفحص الدوري للأسنان، إذ يستخدم الطبيب أداة خاصّة لفحص الأسنان؛ وقد يُستدّل من سطح الأسنان اللينة على وجود تسوّس، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ تسوّسات الأسنان قد لا تكون مرئيّة في بداية تطوّرها، ويُمكن الكشف عن التسوّسات غير المرئية من خلال التصوير بالأشعة السينية، ومن العلامات الأخرى لتسوّس الأسنان ظهور حُفر أو ثقوب واضحة في الأسنان، وفي المراحل المتقدمة قد يُعاني الشخص من ألم الأسنان؛ خاصّة بعد تناول الأطعمة أو المشروبات السكريّة، أو السّاخنة، أو الباردة.
علاج تسوس الأسنان
بالاعتماد على شِدَّة الحالة يُمكن اتَّخاذ القرار بشأنْ اختيار العلاج المُناسب للمُصاب، ومن الخيارات المُتاحة لعلاج تسوُّس الأسنان يُمكن ذكر ما يأتي:
- العلاج بالفلوريد: يُستخدم الفلوريد لعلاج تسوُّس السِّن في المراحل الأولى، فمن المُمكن أنْ يمنع الفلوريد تطوُّر التسوُّس، ويستعيد طبقة المينا.
- السيطرة على الألم: فكما بيَّنَّا سابقاً قد يؤدِّي تسوُّس الأسنان إلى الشعور بالألم وعدم الراحة، وللتَّخفيف من الألم بشكلٍ مؤقت أثناء انتظار الموعد المُحدَّد مع طبيب الأسنان، يُمكن اتّباع عِدَّة طُرُق منها الآتي:
- استخدام مُسكِّنات الألم التي يُمكن صرفها دون وصفة طبيَّة.
- الحفاظ على نظافة الفم والأسنان، ويكون ذلك بتنظيف الأسنان بواسطة الفرشاة والتأكُّد من تنظيف جميع أجزاء الفم.
- تجنّب تناوُل الأطعمة أو المشروبات شديدة البرودة أو شديدة السخونة.
- وضع حشوات الأسنان: (بالإنجليزية: Tooth fillings)، حيث يزيل الطبيب التسوُّس باستخدام أداة خاصة، ليتم بعد ذلك ملء الأسنان بمادَّة مُعيَّنة قد تكون من الذهب، أو الفضة، أو البورسلان، أو الحشوة الضوئية، وجميعها تُعدّ مواد آمنةً للاستخدام في هذه الحالة، كما ويُمكن استخدام الحشوة الملغمية (بالإنجليزية: Amalgam) التي تحتوي على الزئبق، وبالرَّغم من مخاوف بعض الأشخاص حول تأثيرها على الصِّحة فقد صرَّحت المؤسِّسة العامة للغذاء والدواء، وجمعية طب الأسنان الأمريكية، وغيرها من وكالات الصحَّة العامة، بأنَّ الحشوة الملغميَّة آمنة عند استخدامها كحشوة للأسنان.
- وضع تاج الأسنان: (بالإنجليزية: Crowns)، يتمثل هذا الإجراء بإزالة التسوُّس عن السِّن، يلي ذلك وضع غطاء مُصمَّم بشكل خاص كبديل لتاج السِّن الطبيعي، وتُستخدم هذه الطريقة في الحالات الشديدة من تسوُّس الأسنان، والتي يتبقَّى فيها جزء صغير من السِّن.
- تشكيل قناة الجذر: (بالإنجليزية: Root canal)، تتمثَّل هذه الطريقة بإزالة النَّسيج العصبي، وأنسجة الأوعية الدموية، والتسوُّس عن السِّن، إضافة إلى تطبيق الأدوية المُناسبة إنْ تطلَّب الأمر؛ خاصّة في حالات الكشف عن وجود عدوى، وبعد ذلك يملأ الطبيب السّن بحشوة ملائمة، ومن المُمكن أنْ يتم وضع تاجٍ مُناسبٍ عليه، وفي الحقيقة، تُستخدم طريقة قناة الجذر بهدف حماية السِّن بعد موت العصب نتيجة التسوُّس.
الوقاية من الإصابة بتسوس الأسنان
توجد العديد من الطُّرُق المُختلفة التي يُنصح باتّباعها للوقاية من تسوُّس الأسنان ، ومن هذه الطُّرُق يُمكن ذكر الآتي:
- الحرص على تنظيف المناطق المحصورة بين الأسنان جيداً، سواء كان ذلك باستخدام الخيط الطبي، أو غيره من الأدوات الطبية الخاصَّة، فمن المُمكن أنْ يُؤدِّي وجود بقايا الطعام بين الأسنان إلى تحفيز تطوّر تسوُّس الأسنان.
- الحرص على زيارة طبيب الأسنان للحصول على نصائح حول آليَّة تنظيف الأسنان بالشكل الصحيح باستخدام الفرشاه والخيط، كما ويُنصح بزيارة طبيب الأسنان بشكل مُنتظم بهدف تنظيف الأسنان والخضوع للفحوصات الدورية، واستشارته حول أهمية استخدام مكمّلات الفلوريد التي تُساعد على تقوية الأسنان.
- استخدام غسولات الفم المُضادَّة للميكروبات، سواء كان ذلك بعد تنظيف الأسنان بالفُرشاة أو بعد تناوُل الطعام، فمن المُمكن أنْ يُساعد ذلك على منع تطوّر التسوُّس، ولكن تجدر استشارة الطبيب حول إمكانية استخدام غسول الفم وعدد المرات المسموح بها.
- وضع الختام السني (بالإنجليزية: Sealant)؛ حيث تُستخدم هذه الطريقة لحماية الأسنان الخلفية من التسوُّس، وتتمثل بدعم أسطح هذه الأسنان بطبقة واقية تلعب دوراً في الحدّ من تأثير البكتيريا وتكوُّن اللُّويحات السنيَّة.
- الحرص على تناوُل الطعام الصحي بما يضمن حصول الجسم على كافَّة العناصر الغذائية التي تلعب دورً مهمًّا في الحفاظ على صحَّة الأسنان، مع ضرورة الحدّ من تناوُل الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على السكر، بهدف منع تكوُّن اللُّويحات السنيَّة على الأسنان.
- الحرص على تنظيف الأسنان مرتين يوميَّاً على الأقل باستخدام الفرشاة والمعجون الذي يحتوي على الفلوريد، والتأكد من تنظيف جميع جوانب الأسنان بشكلٍ جيّد، حيث يساعد ذلك على التخلُّص من طبقة البلاك التي قد تتراكم على الأسنان .
- مضغ أنواع مُعيَّنة من اللّبان الخالي من السكر، إذ قد يُساعد ذلك على منع حدوث تسوُّس الأسنان، نظراً لدورها في زيادة تدفق اللُّعاب في الفم.
مضاعفات تسوس الأسنان
لا ينحصر وجود البكتيريا داخل طبقة البلاك على إلحاق الضرر بالأسنان فحسب، بل قد يتعدّى ذلك ليتسبّب بالإضرار باللثة المُحيطة بالأسنان وعظام الأسنان أيضًا، ويُمكن بيان أبرز المضاعفات التي قد تترتب على الإصابة بتسوّس الأسنان على النّحو الآتي:
- خُراجات الأسنان واللثة المؤلمة، ويتطوّر ذلك في الحالات الشديدة.
- كسور الأسنان وسقوطها.
- أمراض اللثة؛ بما في ذلك التهاب اللثة أو التهاب دواعم السن.
- التأثير في نموّ الأطفال، نظراً لأنّ التسوّس قد يحول دون القدرة على تناول الطعام في بعض الحالات.