تعريف النص عند المحدثين
تعريف النص عند المحدثين
قال بعض الباحثين بوجود ترابطٍ في المفهوم الغربي والمفهوم العربي للنّصّ، ففي معنى الدّال والمدلول نَراه يَتواجد في مصطلح "نص" بالعربيّة، وأيضًا ما يُقابله في الأجنبيّة "Text" فالنّص بذلك عبارة عن كلماتٍ مترابطةٍ، يَجمع العناصر البعيدة في قالب واحد وهو ما يُعرف بـ"النص"، وفيما يأتي توضيح الاختلاف لمفهوم النص عند المحدثين الغربيين والمحدثين العرب:
النّص عند المحدثين الغربيين
ترجمت كلمة "Text" في اللُّغة الإنجليزيّة، وكلمة "Texte" في اللُّغة الفرنسيّة إلى كلمة "نص" في اللُّغة العربيّة ، وفي الأصل اللاتيني "Textus" أي النّسيج، وهذه المعاني تُشير إلى دِلالات منها: دقّة التّنظيم، وبراعة الصّنع، والجهد والقصد، والكمال والاستواء، لما تَحويه من تسلسلٍ في الأفكار، وتتابعٍ في الكلمات، ما يُؤدّي إلى ترابط النّص وتماسكه.
يُعرّف "برينكر" النّص بأنّه مجموعةً من الجمل المترابطة المتتابعة، والجملة بذلك هي جزءٌ صغيرٌ من النّص، والعلاقة بين أجزاء النّص وعناصره علاقةٌ معقّدة متشابكة، والنّص عند "فاينرش" قائمٌ على التّحديد والاستلزام، فلا يُفهم النّص إلّا عند اتّحاد العناصر جميعها، وإنّ إسقاط أيّ عنصرٍ من عناصر النّص يُحدث خللًا وضعفًا في الفهم.
قال بعض الدّارسين أمثال "بول ريكور" بوجود علاقة ترابطٍ بين النّص و الخطاب ، وكلاهما يَعتمد على الآخر، فالنّص هو كلّ خطابٍ تمّت كتابته، فالكتابة تَحرص على استمراريّة الكلام وتواصله، أمّا "جوليا كريستيفيا" فترى أنّ النّص يَتعدّى كونه مجرّد خطاب، فالنّص موضوعٌ لمجموعةٍ من الممارسات السيميولوجيّة المكوّنة بفضل اللُّغة، وعلاقة النّص باللُّغة قابلة للتفكيك وإعادة البناء.
النّص عند المحدثين العرب
النّصّ في اللُّغة: جمعه نصوص، وهو صيغة الكلام الأصليّة الّتي وردت من المؤلف، ويُطلق النّصّ على ما لا يَحتمل إلّا معنًى واحدًا، أو لا يَحتمل التّأويل، و النّصّ عند الأُصوليين : الكتاب والسّنة، وبَلَغنَا من الأمر نَصَّه: شدَّته، ويُقال: هذا ما جاء في نصّ الرّسالة أي محتواها ومضمونها، وتحليل النّصّ: محاولة لقراءة العمل الأدبيّ قراءة فاحصة تتناول أجزاءه تفصيلًا.
عرّف طه عبد الرحمن النّصّ بأنّه تركيبٌ بين عددٍ من الجمل الصّحيحة المرتبطة مع بعضها البعض بعلاقةٍ ما، وقد تَكون بين جملتين أو بين جملتين فأكثر، والنّصّ هو بنيةٌ لسانيّة فيها دلالة وبُعد تواصلي ومبادئ تساعدها على تحقيق الأدبيّة من خلالها، كالانسجام والاتّساق .
كما يُعرّف بأنّه سلسلةٌ لغويّةٌ لا محدودة، وقد يَكون نتاج عمل كاتبٍ أو مجموعة من الوثائق المعروفة، وحسب النّظريّة السيميائيّة يَرى أحمد البيوري أنّ النّصّ ملفوظٌ، وهو يَتعارض مع الخطاب رغم وجود مترادفاتٍ بينهما، والنّصّ عند محمد مفتاح مجموعة ٌ من الأحداث التّواصليّة والتّفاعليّة، ومدوّنةٌ كلاميّةٌ، فيه بدايةٌ ونهايةٌ، يَظهر نتيجةً لأحداثٍ تاريخيّة ونفسانيّة ولغويةٍ.
المعاني الحديثة لدلالات النّصّ
للنّصّ دلالات تَحمل معانٍ حديثةٍ، وهذه المعاني تُشير إلى ما يأتي:
- كل ما هو يَستلزم التّعيين والتّحديد سواء أكان كلمةٌ واحدةٌ أم أكثر.
- كلّ كلامٍ معيّن لغايةٍ درسيّة أو توثيقيّة وإن كان كتابًا أو قصيدةً أو ديوانًا.
- كلّ جزءٍ من الفنون المرئيّة والمسموعة كالنّصّ الفنيّ والموسيقيّ وما إلى ذلك.
- مجموعة كلماتٍ بتصرّف لغويّ معروف سواء أكانت مكتوبة أم ملفوظة.