تعريف الكحول: أنواع الكحول وما هي أضرارها
ما هي الكحول؟
كيميائيّاً، تُعرّف الكحول بالمركّبات العضويّة التي تحتوي على مجموعاتِ الهيدروكسيل التي تحملُ الرّمز الكيميائيّ (-OH)، أمّا مصطلحُ الكحول بتعريفِه الشّائع فهو عبارةٌ عن مادّة سامّة تُوجدُ في المشروبات الروحيّة التي تشملُ البيرة والنّبيذ والخمور المُقطّرة، وتُعرف هذه الكحوليّات كيميائيّاً بالإيثانول الذي يحتوي على ذرّتين من الكربون ومجموعة هيدروكسيل واحدة، وتُعتبرُ الكحول سامّة بسبب قدرتها على إذابة الدّهون، إذ إنّها تعمل على إذابة الدّهون الموجودة في أغشية الخلايا ممّا يدمّر تركيب الخلايا ويعمل على قتلِها، وبهذه الطّريقة تعمل الكحوليّات على قتل الميكروبات، وهي فعّالة في التّعقيم.
يُعتبر الإيثانول أقلّ سميّة من غيره من الكحول، ولكن يجبُ العلم أنّ تناول الكحوليّات مهما كانت كمّيتها وتركيزها لا يُمكن أن يكون آمناً تماماً ودونَ مخاطر.>
يعمدُ الكثيرُ من النّاس في العديدِ من مناطقِ العالم إلى شربِ الكحول في المناسبات الاجتماعيّة، إلا أنّه يترتّب على شرب الكحول الكثير من المخاطر والعواقب الصحيّة والاجتماعيّة، وعلى الرّغم من أنّ غالبيّة الأمراض المُزمنة الناتجة عن شرب الكحول تنتج عن تناوله بكثرة ولفتراتٍ طويلة، إلّا أنّ شربه بكميّات قليلة أو في فترات متباعدة يحملُ معه مخاطرَ عديدةً أيضاً، وتوصّل العلم إلى أنّه لا يوجدُ حدّ أدنى آمن لشرب الكحول.
الكحول في جسم الإنسان
لا يحتاجُ الكحول الموجود في المشروبات الروحيّة إلى الهضم قبلَ امتصاصِه، ولذلك يتمّ امتصاصُه بشكلٍ سريع إلى الدّم، إذ يُمكنُ امتصاص حوالي 20% منه مباشرة من جدران المعدة الفارغة، ووصوله إلى الدّماغ خلالَ دقيقةٍ واحدة، في حين أنّ وجود الطّعام يُبطّئ من امتصاص الكحول ووصوله إلى الدّماغ، ويعمل على إبقائه في المعدةِ لفترةٍ أطول.
تعملُ المعدة على هضمِ جزءٍ من الكحول عن طريق إنزيم "نازعة هيدروجين الكحول (Alcohol degydrogenase)" مخفّضة بذلك من كميّة الكحول التي تصل إلى الدّماغ، ولكن الإنزيم الهاضم للكحول يكونُ أكثر في الرّجال من النّساء، لذلك تكون سميّة الكحول أكبر في النّساء، وفي الواقِع يمنح الجسم الأولويّة للكحول في عمليّات الأيض حتّى يضمن التّخلص منه بأسرع وقت ممكن، إذ لا يستطيعُ الجسمُ تخزينَ الكحول، والذي يدلّ أيضاً على تعاملِ الجسم معه على أنّه مادّة سامّة.
يُنقَلُ الدّم المُحمّل بالكحول من الجهاز الهضميّ إلى الكبد، بحيث يصلُ هذا الدّم إلى جميع خلايا الكبد، وهي الخلايا الوحيدة التي تحتوي أيضاً على كميّات جيّدة من إنزيم نازعة هيدروجين الكحول ، ممّا يُمكّن الجسم من التّخلص من جزءٍ من الكحول قبلَ وصولها إلى بقيّة خلايا الجسم، ولذلك يحصلُ الضّرر الأكبر النّاتج عن الكحولِ في الكبد، مع أنّه يُؤثّر في جميع أعضاء الجسم.
عواقب شرب الكحول
للكُحول العديد من العواقِب، أبرَزها:
العواقب قصيرة المدى
يُسبّبُ شرب الكحول فقداناً للتّركيز والقدرة على الحكم على المواقف والتّصرف خلالها، كما أنّه يُؤثّر في القدرة على الرّؤية ويُؤثّر في الذّاكرة، وقد يُسبّب الإغماء، وهُناك عواقِب أُخرى تحدُث بسبب الكُحول، تُعزى لشُربه أو استخدامه بشكلٍ غير صحيح وآمن، نُلخّصها آتيًا:
- الكحول مسؤولة عن ثُلث الحالات التي تدخل قسم الطّوارئ.
- الكحول مسؤولة عن نصف حالات جرائم القتل.
- الكحول مسؤولة عن نصف حالات العنف الأسريّ.
- الكحول مسؤولة عن نصف حالات الوفاة بحوادث السّير.
- الكحول مسؤولة عن نصف الوفيات النّاتجة عن الحرائق.
- الكحول يُؤثّر في الطّلاب الجامعييّن في العالم بشكل أكبر من غيرهم؛ بسبب تقبّل أفراد هذه المرحلة العمريّة للإفراط في الشّرب.
العواقب بعيدة المدى
وجدتِ الأبحاث العلميّة أنّ شرب الكحول يرتبطُ بأكثر من 60 مرضاً، وهو يحملُ الكثير من التأثيرات على الجسم، والتي لم يتمّ اكتشافها بعد بشكلٍ كامل، وعندما تكونُ كميّات الكحول التي يتمّ تناولُها كبيرة أو الفترة بين تناولها قصيرة فإن الجسم لا يستطيع التّعافي بشكل كامل من تأثير المشروب، ويُؤثّر تكرار ذلك على جميع أعضاء الجسم، بحيث يكون خطر الوفاة من جميع الأسباب أكبر في الأشخاص الذين يتناولون الكحول بكثرة، خاصّة الأشخاص تحت عمر 35 عاماً، ومن المشاكل الصحيّة بعيدة المدى التي يسبّبُها شرب الكحول ما يأتي:
- ارتفاع خطر الإصابة بالتهاب المفاصل.
- يمكن أن يسبّبَ شرب الكحول فقر الدّم .
- ارتفاع خطر الإصابة بالسرطان، وخاصّةً سرطان الكبد والبنكرياس والمستقيم والثّدي، كما أنّه يرفعُ من خطر الإصابة بسرطان الفم، والحَنجرة، والبلعوم، والمريء، وإذا كان الشّخص مُدخنًا إلى جانِب شُربه للكُحول سترتفع الخطورة في هذه الأنواع من السرطان بشكل أكبر.
- يسبّب شرب الكحول أثناءَ الحمل ما يُطلق عليه متلازمة الجنين الكحوليّ (Fetal alcohol syndrome)، بحيث يُصاب الجنين بتشوّهات خلقيّة وتغيّرات غير طبيعيّة في السّلوك، ويُعتبرُ هذا التأثير هو الأكثر خطورةً لشرب الكحول.
- يرفع شربُ الكحولِ بشكلٍ كبير من ضغط الدّم ودهون الدم، كما أنّه يرفعُ من خطر الإصابة بالسّكتة الدّماغيّة وأمراض القلب، والتي تشملُ فشل عضلة القلب .
- يمكن أن يسبّب شرب الكحول ارتفاع سكّر الدّم، كما أنّه قد يسبّب انخفاضه، خاصّة في الأشخاص المصابين بمرض السّكري.
- يرفع شرب الكحول من خطر الإجهاض في النساء والعقم في النساء والرجال.
- يزيد شُرب الكحول من حجم الكلى ويُؤثّر في وظائف الهرمونات، ويرفع خطر الإصابة بالفشل الكلويّ .
- يُسبّب شرب الكحول مرض الكبد الدّهنيّ (Fatty liver)، وتشمّع الكبد (Liver cirrhosis)، والتهاب الكبد الكحوليّ (Alcoholic hepatitis).
- يرفع شرب الكحول من خطر الإصابة بسوءِ التّغذية النّاتج عن نقص البروتين والطّاقة (Protein-energy malnutrition)، ويُسبب نقص في فيتامين أ والكالسيوم والحديد وفيتامين ج والثيامين (فيتامين ب1) والريبوفلافين (Riboflavin) المعروف بـِ "فيتامين ب2"، وفيتامين ب6، وخلل في امتصاص الكالسيوم والفسفور وفيتامين د والزنك.
- يسبّبُ شرب الكحول تلفَ الأعصاب ، والخرف، واختلال التوازن والذاكرة، كما أنّه يُسبّبُ ما يُعرف باعتلالِ الأعصاب المتعلّق بالكحول (Alcoholic neuropathy) والذي ينتجُ عنه الشّعور بالوخز والخدران في الأطراف، وضعف العضلات، وسلس البول ، وضعف الانتصاب، وغيرها.
- يرفع شرب الكحول خطر الإصابة بالسّمنة وزيادة الوزن.
- يسبّب شرب الكحول الاكتئابَ والقلق والأرق.
- يزيد شُرب الكحول من خطر الإصابة بقرحة المعدة وسرطانها .
- يزيد شُرب الكحول من خطر الإصابة بالصّرع، كما أنّه يسبّبُ نوبات التشنّج حتى في الأشخاص غير المصابين بالصرع ، وهو يتعارضُ أيضاً مع الأدوية المستخدمة في علاج التشنجات.
- يرفع شُرب الكحول من خطر الإصابة بمرض النّقرس (Gout)، ويزيد سوء حالة المرض في المصابين.
- يخفض شرب الكحول من كفاءة عمل جهاز المناعة، ويرفع خطر الإصابة بالعدوى، لا سيّما مرض السّل، وذات الرّئة، والإيدز، وغيره من الأمراض المنتقلة جنسيّاً، والتي تتضمّنُ أمراضاً تُؤدّي إلى العقم.
- يُسبب شُرب الكحول التهاب المعدة (Gastritis)، والتهاب البنكرياس (Pancreatitis) الذي يؤثّرُ في عمليّة الهضم، ويسبّب ألماً في البطن وإسهالاً مستمرّاً، ويُعتبرُ الكحول مسؤولاً عن حوالي 60% من حالاتِ التهاب البنكرياس.
الإدمان على الكحول
يُعرّف الإدمانُ على الكحول بامتلاكِ عادات شرب غير صحيّة وخطرة، ويُعتبر الشّخص مصاباً بالإدمان على الكحول في حال كان لديه ثلاثُ أو أكثر من المشكلات التالية خلال سنة واحدة:
- عدم القدرة على التوقّف عن الشّرب أو التّحكم في كميّة المشروب المتناول.
- الحاجة لشرب كميّات أكبر للحصول على التأثير نفسه.
- الإصابة بالأعراض الانسحابيّة، والتي تشملُ اضطراب المعدة، والتعرّق، والرّجفة، والقلق عند التّوقف عن الشّرب.
- تمضية وقت طويل في الشّرب أو الإفاقة من تأثير المشروب، أو التخلّي عن أنشطةٍ أخرى مقابلَ الشّرب.
- الفشل السابق في التوقّف عن عادة الشّرب أو خفض الكميّات المتناولة.
- الاستمرار في الشّرب مع أنّ ذلك يُضرّ بالعلاقات الاجتماعيّة، أو يسبّب مشاكلَ جسديّة.
يُعتبرُ الإدمان على الكحول مرضاً مُزمناً بحدِّ ذاته، ويمتلكُ أعراضاً تتطوّرُ بشكلٍ معروف، وهو مرضٌ يحتاج إلى العلاج الذي قد يتطلّبُ البقاء في المستشفى أو في مركزٍ علاجيّ.