تعريف القانون العام
تعريف القانون العام
يُعرَّف القانون العام على أنّه قانون الاجتهاد القضائي، فهو بنيان قانوني مكوّن من قوانين غير مكتوبة مبنية على سوابق قضائية تضعها المحكمة، إذ يُستمد القانون العام من آراء وتفسيرات مؤسسية من قِبل الهيئات القضائية ومحاكمات هيئات المُحلّفين العلنية، كما يُعرف أيضاً بأنّه قانون إصدار الأحكام القضائية دستورياً أو قانون القُضاة.
يلعب القانون العام دوراً في سنّ التشريعات الجديدة، ويؤثّر على اتخاذ القرارات في القضايا التي لا يُمكن اتخاذ منهجية القرارات فيها بناءً على قوانين موجودة أو مكتوبة، ومن الجدير بالذكر أنّ القانون المدني الموجود في أوروبا يُقابله؛ فعلى عكس القانون العام لا يملك القضاة في القانون المدني سلطةً أو قوةً لسنّ أيّ قانون من خلال تأويلاتهم أو تفسيراتهم للقضايا، فدور المحاكم والهيئات القضائية في القانون المدني مقتصر على ممارسة السلطة الدستورية؛ فالهيئة التشريعية وحدها المصرّح لها بوضع القوانين.
يُمثّل القانون العام سمةً لمعظم البلدان التي خضعت للاستعمار البريطاني؛ باعتبار بريطانيا مكان نشأة القانون العام ككلّ، وُوضع أساس القانون البريطاني من خلال حكم قضائي مبني على سابقة قانونية غير مكتوبة في الدستور والقواعد والأنظمة، ومن الدول التي تتبع نظام القانون العام: أستراليا، وكندا، وهونج كونج، والهند، ونيوزيلندا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية جميعها فيما عدا ولاية لويزيانا.
أصل القانون العام
نشأ القانون العام الإنجليزي في أوائل العصور الوسطى في محاكمة ملكية منفردة أُقيمت لمعظم البلاد في وستمنستر بالقرب من العاصمة لندن، كما أنّ جزءاً منه بُني على قواعد مسنونة من قِبل المحكمة الملكية خلال القرون الثلاثة الأولى بعد الغزو النورماندي سنة 1066م، وكباقي الأنظمة القانونية القديمة لم يشمل القانون حقوقاً موضوعيةً أساسية، إنّما اشتمل على سبل الإنصاف الإجرائية، ون الجدير بالذكر أنّ التعامل مع هذه السبل أنتج النظام الحديث في الحقوق مع مرور الوقت، وأنّ القانون العام الإنجليزي ظلّ يُطوَّر حتّى القرن 19م من قِبل القضاة عوضاً عن المُشرّعين.
نشأ القانون العام البريطاني في الفترة الأنجلوسكسونية عقب الغزو النورماندي تحديداً بعد حُكم الملك ألفريد العظيم سنة 871م، حيث إنّه وضع قواعد تُشبه تلك المستخدمة من قِبل الألمان في شمال أوروبا، مع التشديد على أنّ الأعراف المحلية حكمت في معظم المسائل، كما لعبت الكنيسة دوراً مهمّاً في الأحكام أيضاً.
إيجابيات القانون العام
من أبرز إيجابيات القانون العام ما يأتي:
- التطور: يتطوّر القانون العام تدريجياً مع مرور الوقت على ضوء القضايا والحالات الخاصة الموجودة، ممّا يعني أنّ القانون العام ليس له شكل ثابت إذ يُعدَّل ويُقوّم في حال ظهرت حالات أو قضايا جديدة على أرض الواقع.
- إمكانية التنبؤ بالأحكام: يُعتبر القانون العام قانوناً قابلاً للتنبؤ، فالمبدأ التوجيهي للقانون العام يعتمد على حصول القضايا المتشابهة على أحكام قضائية متشابهة، وعند وجود قضية جديدة في المحكمة، تُعطى للقاضي صلاحيات للاطلاع على القضايا السابقة المشابهة قبل المحاكمة لمقارنتها بالقضية الموجودة، ممّا يكفل تحقق العدالة القانونية.
- ردع الجريمة: يساعد كل من القانون العام والسوابق القضائية الأفراد على توقع الأحكام التي ستترتب عليهم، ممّا يردعهم عن الجرائم؛ وذلك لأن القانون العام يساعدهم على تحديد صحة الأمور من عدمها وقيم التعويضات مقابل الأذى أو الضرر المُتَسبب به.
- سرعة التعامل مع القضايا: يحتاج تشريع حالة جديدة من قِبل البرلمان لسنوات أحياناً، وعليه يُعطي القانون العام المحاكم صلاحية التعامل السريع مع القضايا، حتّى وإن كانت القضية تشمل مجموعةً من الحقائق التي لم تُدرس من قِبل المحكمة سابقاً؛ لأنّ القاضي سينظر للقضايا الأكثر قرباً من القضية الموجودة والتي أُصدر أحكام حولها ويُطبّق مبادئها القانونية على القضية الجديدة.
- الحيادية: يُمثّل أعضاء البرلمان الأحزاب السياسية المختلفة، وعليه يُمكن أنّ يتردد في إصدار بعض القوانين المتعلقة بالقضايا ذات التأثير على الرأي العام؛ لأنّ ذلك يمكن أنّ يعني خسارتهم للأصوات في الانتخابات، لكن القضاة على الجانب الآخر يُعتبرون محايدين سياسياً، فتكون قراراتهم في المحكمة مبنية على أسس قانونية طُبقت فيما سبق وليس على اعتبارات سياسية أو شخصية للقاضي.
- الكفاءة: يمكن القانون العام القضاء من إقرار قواعد وأطر قانونية أساسية على الأحكام بطريقة تجعل العملية تصبح أسرع، بالإضافة لكون هذه الأحكام مبنية على سوابق ممّا يجعلها أقوى وأكفأ.
- السهولة والعملية: تعتمد الأحكام المبنية في القانون العام على أحكام قضائية سابقة، وهي منهجية أسهل وأكثر عملية من القواعد الثابتة أو ذات الحكم الطويل، إذ يوجد حالات حقيقية حُلت من خلالها.
- الإنصاف والعدالة: حيث إنّه يمكن استخدام القانون العام على جميع المستويات الاجتماعية، وهو قانون على مستوى فني عالٍ، ففي حال وجود أخطاء بشرية في القانون يمكن أنّ يتسبب ذلك بخسارة القضية، وعليه فإن ذلك يعني سد الثغرات الموجودة في القانون، وتقدير أصحاب الحقوق بشكل عادل أكثر، وتصحيح أوجه قصور القانون العام، والتخفيف من قسوته.
سلبيات القانون العام
من أبرز سلبيات القانون العام ما يأتي:
- إطالة عمر القرارات الخاطئة: تُعتبر إمكانية نسخ القرارات الخاطئة المتخذة سابقاً وإطالة عمرها من سلبيات القانون العام.
- حالات عدم وجود سوابق قضائية: يتعرّض الأشخاص لمشكلات عند انعدام قدرتهم على معرفة التبعات القانونية والتنبؤ بها في الحالات التي لا يوجد لها سوابق قضائية، فالقاضي عندها سيعتمد على الأدلة الموجودة فقط في اتخاذ القرار، ممّا يزيد من فرصة اتخاذ أحكام خاطئة في هذه الحالات.
- الحاجة لوجود التسجيلات: يجب حفظ التسجيلات المفصّلة للمحاكمات، لأنّ المحاكم الأخرى يُمكن أن تحتاج للاطلاع عليها، وكذلك ينبغي توفير طرق فهرسة تجعل الوصول إليها سهلاً.
سياسية القانون العام
تكتب محكمة الاستئناف رأيها في قضية ما بالاستناد إلى قواعد قانونية، لكنّ ذلك لا يمنع أنّ استخدام القانون العام يزيد من احتمالية احتكام القضايا التي تليها لنفس القواعد القانونية وبالتالي تكرار الأخطاء القضائية إن وجدت عند الوصول لنفس الأحكام بعد اتباع المنهجية ذاتها، وعليه فإنّ هذه السياسة تُعرف على أنّها سياسة احترام ما بُت فيه من قضايا ( بالإنجليزية: Let the decision stand)، وهي سياسة أساسية للقانون العام ، لذلك يُمكن أن تُغير السابقة القانونية أو تُعدّل من القوانين بمرور الوقت، ممّا يسمح في نفس الوقت بتوقع سلوك الآخرين وقياس مدى قانونية أفعالهم.