تعريف القانون
تعريف القانون
إنّ القانون عبارة عن مجموعة من الأُسُس والقواعِد التي تحكُم المُجتمع وتعمل على تنظيمه، حيث إنّه لا يمكن للمُجتمع العيش بِنجاح إذا كان أفراده لا يخضعون لِقوانين تحكمهم، ويفعلون ما يروق لهم دون مُراعاة لواجباتهم وحقوقهم، فالقانون هو الذي يضع القواعِد التي تُحدّد حقوق الأفراد وواجباتِهم، ويضع الجزاء المُناسب في حال مُخالفة تلك القواعِد والأُسُس، ويُطبّق الجزاء من قِبل الحُكومة، حيث تتغير القواعد القانونيّة باستمرار؛ وذلك تبعاً لِلتطوُّرات والتغيُّرات التي تحدُث في المُجتمع، وفي المُجتمعات الدّيمقراطيّة يأتي في نصّ القانون أساليب لِتعديل القوانين غير عادِلة؛ وذلك لِأنّ العدالة من مبادئ القانون الأساسيّة.
وفي اللغة يرجعِ أصل كلمة قانون إلى الكلمة اليونانيّة (Kanun)، ومعناها العصا المُستقيمة، وكانت تُستخدم للدّلالة على الاستقامة والنِّظام، ثمّ انتقلت من اليونانيّة إلى اللغة الفارسيّة بِنفس اللفظ كانون بِمعنى أصل الشيء وقياسه، ثمّ تم تعريبها لِتأخُذ أحد المعنييْن، إمّا الأصل أو الاستقامة، وفي الاصطلاح القانون هو: (أمرٌ كُلّي ينطبِق على جميع جُزيئاته، التي تعرف أحكامها منه)، وجاء في معجم المعاني أنّ القانون هو: (مِقياس كل شيء وطريقه).
الفرق بين القانون والتّشريع
يستخدِم أغلب الأشخاص هذين المُصطلحين للدّلالة نفسها، وإنْ صحّ ذلك في بعض الأحيان إلّا أنّه غير صحيح إجمالاً، فهناك فرق بين القانون والتّشريع ، ومن الفروقات بينهما:
- الشُّمول: القانون أشمل من التّشريع، إذ يُعد التّشريع جُزءاً من القوانين التي يحكُم بها القاضي، حيث إنّ القانون يشمل كل ما يحكُم به القاضي من تشريع ، أو عرف، أو قاعدة، أو حكم قضائي سابِق، وبذلك فإنّ كل تشريع قانون، وليس كل قانون تشريعاً، والتّشريع خاص أمّا القانون فعام.
- المصدر: يصدُر القانون من العُرف، أو الدِّين، أو أحكام قضائيّة سابِقة، أمّا التّشريع فيصدُر عن السُّلطة التشريعيّة.
- كتابة النّص: يجِب أنْ يكون نص التّشريع مكتوباً، فإذا لم يكُن مكتوباً فهو ليس تشريعاً، أمّا القانون قد يكون مكتوباً وقد لا يكون مثل الأعراف والقواعِد العامّة.
- الموضوع: يجِب أن يسعى التّشريع إلى تنظيم سلوكيّات الأفراد، وأن يكون موضوعه قاعدة قانونيّة، وأن تكون هناك رقابة من السُّلطة التّشريعيّة بعد إصدارها للتّشريع، ويجب أنْ يمُر التّشريع بمراحِل شكليّة كامِلة إلى أنْ يتم نشره، بخلاف الأعراف والقواعِد القانونيّة فهي لا تمُر بالمراحل الشكليّة.
- الاستخدام: إنّ كلمة القانون تُستخدم في مجالات كثيرة غير المجال القانوني، مثلاً نقول قانون الجاذبيّة، أو قانون العرْض والطّلب، ولكن لا يصِح أن نقول تشريع الجاذبيّة، أو تشريع العرْض والطّلب.
فُروع القانون
يُقسّم القانون إلى قِسمين أساسيين وهُما القانون العام والقانون الخاص، وأساس التّمييز بينهما هو وُجود عُنصر السِّيادة من جانِب الدّولة، وفيما يلي توضيح بسيط لكل منهما:
- القانون العام: هو مجموعة من القواعِد والأنظِمة التي تُنظِّم العلاقات بين طرفين أحدهما له السّيادة على الآخر مثل الدّولة.
- القانون الخاص: هو مجموعة من القواعِد والأنظِمة التي تُنظِّم العلاقات بين طرفين ليس لأحدهما السّيادة والسُّلطة على الأخر، مثل تنظيم العلاقة بين الدّولة والأفراد وذلك باعتبار الدّولة شخصاً معنوياً عادِياً.
- ومن نتائج التمييز بين فرعي القانون :
- اختلاف أحكام مسؤوليّة الأشخاص في القانون العام عنها في القانون الخاص.
- تكون للسُّلطة العامّة في الدّولة امتيازات عديدة بِموجب القانون العام، وهذه الامتيازات غير موجودة في القانون الخاص، مثل: إصدار قرارات من قِبل السُّلطة العامّة لها تأثير في حقوق الأفراد مثل حق التملُّك، فيُمكِن للدّولة نزع مُلكيّة خاصة لِلمنفعة العامّة مقابل تقديم تعويض عادِل، كما أنّ للسُّلطة العامّة الحق في تحصيل حقوقها بشكل مُباشِر بينما يُحصِّل الفرد حقّة باللجوء لِلقضاء .
- تخضع المُنازعات التي تنشأ في إطار القانون العام إلى القضاء الإداري، بينما تخضع تِلك المُنازعات الحاصِلة في إطار القانون الخاص لِلقضاء العادي.
- لا يجوز لِلأفراد الاتِّفاق على مُخالفة القوانين العامّة كونها تخُص مصلحة المُجتمع كامِلاً، أمّا القوانين الخاصّة التي تكون مُكمِّلة لإرادة الفرد فإنّه ِيُمكِن للأفراد الاتّفاق على مُخالفتها.
- لا يُمكِن الحجز على الأموال المُخصّصة لِلمنفعة العامّة أو تملكها بالتّقادُم عكس الأموال الخاصّة بالأفراد، حيث يُمكِن الحجز عليها، أو تملُّكها بالتّقادم.
ولِلقانون الخاص سِتّة فُروع، وهي:
- قانون العقود والتجارة.
- قانون الضرر.
- قانون الملكية.
- قانون المواريث.
- قانون الأحوال الشخصية.
- قانون الشركات.
وتندرِج هذه الفروع تحت الأقسام الرئيسيّة الآتية:
- القانون المدني: وهو الذي يهتم بقوانين الأحوال الشخصيّة للأفراد مثل الملكيّة، والحصول على الجنسيّة كما يهتم بالمُعاملات الماليّة.
- قانون المُرافعات المدنيّة والتجاريّة: وهو الذي يهتم بتنظيم تقديم الشكاوى، أو طلبات الاستِئناف، وحلّ نِزاعات مُعيّنة عن طريق توجيه الأفراد لِمؤسسات القضاء لِلمطالبة بحقوقهم.
- القانون التّجاري: وهو الذي يهتم بالـتّجارة وحقوق الشّركات التّجاريّة مثل البنوك.
أمّا القانون العام الذي يُطبّق على جميع الأفراد والمؤسسات في الدّولة، فيقسم إلى الأقسام الآتية:
- القانون الدُّستوري: وهو القانون الذي يضُم جميع التّشريعات والقواعِد التي تضْمن لِلأفراد حقوقهم في الدّولة، مثل حقّ المُشاركة في الانتخابات سواء بالترشُّح لها أو التّصويت فيها.
- القانون المالي: وهو الذي يتحكّم بِخزينة الدّولة ويُنظِّم ميزانيّتها بشكل عام.
- القانون الإداري: وهو الذي يُنظِّم العلاقة بين المؤسّسات الإداريّة وأفراد المُجتمع، مثل عمليّات التّوظيف وإدارة المرافِق العامّة.
- وهناك أيضاً قوانين عامة فرعيّة مثل قانون الجمارك، وقوانين التّعليم وغيرها.
علاقة القانون بالمُجتمع
إنَّ علاقة القانون والمُجتمع ببعضهما البعض علاقة أساسيّة ومتينة، فلا يُوجد قانون بِلا مُجتمع، كما أنّه ليس هناك مُجتمع بدون قوانين تحكُمه، ويقول الدُّكتور مُحمّد حسين في كتابه تايخ النُّظم القانونيّة: (يوجد ارتباط وثيق بين القانون والمجتمع، ويظل القانون متأثراً بالمجتمع الذي نبت فيه، وكذلك يؤثر القانون في المجتمع الذي يحكمه، فالعلاقة بين المجتمع والقانون علاقة تأثر وتأثير).
ولِتفعيل دور القانون في المُجتمع فلا بُدّ من دِراسته وفهمِه وتحليلِه، كما يجِب إدراك أنَّ القوانين وُضِعت لِتُعالِج المشكلات وتحمي من الجريمة، ولذلك لا بُدّ من وضْع الجزاء والعقوبات لِمُعاقبة مُخالفيها بِدون مبالغة وتضخيم فيها، فالهدف هو الإصلاح وليس العِقاب، يقول ميشيل فوكو أنّ: (تشديد القوانين والأحكام ضد المُجرمين لن يخفض مُعدّل الجريمة في المُجتمع، لذلك يجب تفعيل منظومة القيم الأخلاقية لِلمُجتمع بعدّها أكثر ردعاً، والتّلويح بِالفضيحة على المُستوى الاجتماعي)، كما ينصح بيسون مُشرّعي القانون قائلاً: (إنّ السّبيل الوحيد لخفض مُعدّل الجريمة تعزيز المنظومة الأخلاقية للمجتمع، امنحوها قُدسيّة خاصّة في الضّمير الاجتماعي، حينها لنْ تكونوا مُضطرين لإصدار الأحكام القاسِية ضد المُجرمين).
أهداف القانون
لِلقانون أهداف كثيرة، منها:
تحقيق الأمن للأفراد
وذلك عن طريق منع وقوع الاعتداءات بين أفراد المُجتمع، ويُعاقب الشّخص المُرتكِب للضرّر عن نفسه، ويُحاسب الشّخص المسؤول عن أخطاء غيره في حال كان مُكلّفا بمُراقبة شخص آخر، لِصغر سنّه، أو لِمرضه العقلي أو الجسدي، وفي مثل هذه الحالة يُسأل المُكلّف بالرّقابة عن أخطاء الأفراد المشمولين برقابته، ويجب على أي شخص يُسبب ضرراً لغيره أن يُعوّضه عن ذلك الضّرر.
تحقيق العدْل ين الأفراد
إنّ العدْل والقانون مُتلازِمان، لذلك يهدِف القانون إلى تحقيق العدْل دائماً وأبداً، وذلك عن طريق تحقيق المُساواة ورفع الظُّلم عن المظلومين، ويتولى هذه المُهمة القضاء، وذلك عن طريق استخدام أساليب تشريعيّة مُحدّدة.
تحقيق الاستقرار
إنّ حاجة المُجتمع للاستقرار لا تقِّل عن حاجته لِلأمن والعدالة، ويُحقِّق القانون الاستقرار عن طريق عُموميّة القاعِدة القانونيّة وتجريدها، فتكون مُوجهة إلى الأفراد عامّة وليس لأشخاص مُعيّنين، إضافة إلى وجود الجزاء، ووجود مؤسسات تعمل على تطبيق القانون بقدر عالٍ من الاحترام مثل الجهاز القضائي.
تحقيق الأهداف الاقتصاديّة
لِكل نظام اقتصادي أهداف مُعيّنة، ويهدِف القانون لِتحقيق تلك الأهداف عن طريق التّجاوب مع الضّرورات الاقتصاديّة، وقد أدرك عُلماء القانون والاقتصاد أنّه لا بد من الرّبط بينهما على أساس أنّه لا يُمكِن الفصل بين دراسة الثروات الاقتصادية وما يقدّمه القانون من أحكام، كما أنّ النِّظام الاقتصادي في تطور مُستمر لذلك لا بد من مُواكبة القانون ومُلازمتِه لِهذه التّطورات.
تحقيق الأهداف السِّياسيّة
يُعتبر القانون الأداة التي تُنظِّم سياسياً، حيث ينظِّم القانون العلاقة بين سُطات الدّولة، وتُسمّى مجموعة القواعِد القانونيّة التي تحكم الأفراد بالنّظام السّياسي للدّولة، كما أنّ النّظام القانوني يُحدّد ويُسيّر بطريقة تتفق مع النظام السياسي خاصة في المجتمعات الدّيمقراطيّة.