تعريف الفلسفة السكولائية
مفهوم السكولاستية
شغلت حقيقة الإيمان والعقل، والإرادة والفكر، وإمكانية إثبات وجود الله، علماء الدين والمفكرين منذ القدم، فقد بدأت من عند فلاسفة آباء الكنيسة وخاصة الأوغسطينية، ثم أرسطو ، حتى توصلوا إلى ما يُسمى بالسكولاستية، وهي نظم فلسفية وميول تأملية لعدد من المفكرين المسيحيين في العصور الوسطى، استناداً على خلفية عقائدية دينية ثابتة.
ظهر مفهوم السكولاستية في بداية القرن التاسع عشر، عن اتحاد الفكر الفلسفي والفكر اللاهوتي لفهم وشرح الوحي للمسيحية، ويُطلق عليها أيضاً المدرسية. تطورت السكولاستية في الفترة الواقعة بين القرن الحادي عشر والخامس عشر، واشتهرت المدرسة السكولاستية بتطبيقها في اللاهوت المسيحي في العصور الوسطى، للتوفيق بين فلسفة الفلاسفة الكلاسيكيين القدماء كأرسطو واللاهوت المسيحي، وفي القرن الرابع عشر تجاوزت علم اللاهوت، وأصبحت تُطبق في مجالات الدراسة كفلسفة العلوم، وفلسفة الطبيعة وعلم النفس، بالإضافة إلى النظرية الاقتصادية .
المراحل التاريخية لتطور المدرسة السكولاستية
مرت المدرسة السكولاستية بثلاث مراحل تاريخية هي:
المرحلة الأولى
- امتدت هذه المراحلة ما بين القرن الأول والقرن الخامس.
- ركزت على تكييف الفلسفة الوثنية مع التوحيد، حيث قام بها مجموعة من اليهودية والمسيحية.
- تُسمى هذه المرحلة بالفلسفة المدرسية المبكرة، حيث نتج عنها عقيدة اللاهوت اللاحق لأوروبا الغربية.
المرحلة الثانية
- هي فلسفة المدرسة الكلاسيكية القائمة من قبل الفيلسوف أوغسطين والفيلسوف أفلاطون .
- أحدث كتاب القّديس أوغسطين، وتحول إلى نظام جديد يأخذ الطابع المؤسسي في الجامعات.
- ظهرت أعمال ومفاهيم للفيلسوف أرسطو، أشهرها بالعنوان اللاتيني (De Anima) وتعني باللغة العربية (على الروح)، والتي استندت على المنطق، حيث تم قبولها من قبل المدرسية الكلاسيكية لعدة قرون، كأساس للثقافة.
المرحلة الثالثة
- تحولت فلسفة مدرسة السكولاستية إلى منهج تعليم؛ لأنها تركز على التفكير الجدلي للوصول إلى الاستدلال.
- تميز فكر مدرسة السكولاستية في هذه المرحلة بالتحليل الدقيق للمفاهيم، واكتشاف الاختلافات بالجوانب الفكرية بمهارة.
- زاد الاهتمام ببرنامج الفلسفة السكولاستية؛ لأنها حققت التجانس والتوافق بين الجانب الفكري في العصور الوسطى للمسيحيين والتُراث الخاص بهم، بالإضافة إلى التوافق بين اللاهوت المسيحي وفلسفة العصور الكلاسيكية.
- ظهرت شخصيات مهمة خلال المرحلة الثالثة، اهتمت وقدمت الكثير لفلسفة مدرسة السكولاستية وهم:-
- القديس إنسلم من كانتربري، والمُلقب بأب الفلسفة المدرسية.
- المفكر فرانسيسكو سواريز، والمفكر لويس دو مولينا، حيث قدموا أعمال كثيرة ومهمة في تُراث المدرسة السكولاستية.
- توما الأكويني قدم عملًا عظيمًا لفلسفة المدرسة اسمه "الخلاصة اللاهوتية".
خصائص السكولاستية
تُعد السكولاستية اتجاهًا فلسفيًا، يهدف إلى ربط العقل مع الإيمان، وتميزت بالخصائص الآتية:
- تهدف إلى دمج المعرفة بالعقل والإيمان.
- تضع دائماً الإيمان فوق العقل.
- تهدف إلى تفسير أسرار ووحي الإيمان؛ حتى يتمكن العقل من فهمها واستيعابها.
- استخدمت مدرسة السكولاستية في العصور الوسطى طريقة تعليمية خاصة لشرح وتعليم السكولاستية.
- سعت السكولاستية إلى إيجاد طريقة عقلانية وفلسفية للتفكير، استندت عليها الفلسات التابعة لها وطورتها.
- أسست السكولاستية عقيدة أساسية في عملية التدريب الأكاديمي، حيث ما زالت تستخدم حتى يومنا هذا في التدريس.
- قبلت السكولاستية أفكار ومسلمات الكاثوليكية الأرثوذكسية التي كانت سائدة في ذلك الوقت.
- وافقت السكولاستية على مقترحات أرسطو حول التدريس لأنها تميل بشكل أكبر للسلطة من الأفكار المُقترحة من المدرسة المسيحية.
- أدركت السكولاستية الاختلافات الأكاديمية بين أرسطو وأفلاطون، استناداً إلى الأيديولوجيات المختلفة، واعتبرتها مواضيع مهمة يجب معالجتها.
- اهتمت السكولاستية في التفكير الديالكتيكي أو المنطوق، أو ما يسمى بالتفكير المنطقي.
- ميزت السكولاستية بين اللاهوت الطبيعي واللاهوت الموحى.
- تعاملت السكولاستية مع المواضيع المطروحة بشكل دقيق وتفصيلي، مستخدمة الكلمات التي تحاكي الكتابات التفسيرية ليسوع المسيح في الكتاب المقدس.
مميزات السكولاستية
مورست الفلسفة السكولاستية وتطورت على مر العصور، مما جعل لها تراثاً فلسفياً مميزاً، يحمل في طياتها صفات خاصة بمميزات خاصة تتمثل فيها يأتي:
- امتازت بتوافق وترتيب الأسئلة المطروحة في كل من الثقافة اليونانية الرومانية، وأوضحت الطريقة العقلانية لفهم مبادئ الكتب المقدسة والكنيسة المسيحية الأرثوذكسية.
- سعت السكولاستية إلى تنمية القياس المنطقي الأرسطي، بالإضافة إلى التجريبية واكتشاف الواقع.
- قامت الفلسفة المدرسية على العقلانية، ولم تتجاهل الأحاسيس والتعلم الناتج عنها.
- تتجلى فكرة الواقعية والاحتمالية في مدرسة السكولاستية في الفرص وخلق الكون.
- لم يتمكن الميراث التاريخي للفلسفة السكولاستية من تقديم اكتشافات علمية، لكنه وضع أسسًا مهمةً لتطوير العلوم الطبيعية .