تعريف العبودية
العبودية
يعتبر مفهوم العبودية واحداً من أهم المفاهيم، وأكثرها تعرّضاً للدرس، والبحث، والتدقيق؛ فهو مفهوم شامل تداخل ولا يزال إلى يومنا هذا مع كثير من أفكار العلوم الإنسانية المتنوعة، هذا عدا عن تطبيقاته العملية المختلفة بين الثقافات. تعارفت الإنسانية على معنى مُعيّن للعبودية أمّا في الشريعة الإسلامية فهناك معنى آخر إلى جانب المعنى الإنساني المتعارف عليه، وفيما يلي تفاصيل ذلك.
العبودية بمعنى الرِّق
يقصد بمفهوم العبودية ذلك النظام القاسي الذي استمر لفترات طويلة من عمر الإنسانية ، والذي يقضي بجواز أن يتملك الإنسان أخيه الإنسان، وأن يتحكم به، وأن يصادر آراءه، وحريته، وبهذا المعنى فإن العبد سيعمل لدى سيّده إلى أن يأتي فرج الله إمّا بإعتاقه، أو بموته. عرفت جميع الأمم والحضارات نظام العبودية، فقد كان شائعاً جداً، وقد كان العبيد يُباعون في أسواق النخاسة. وقد تعارفت الأمم والحضارات القديمة على هذا النظام لدواعٍ عدة منها الاقتصادية، ومنها السياسية، لذا فقد كان من الصعب التخلّي عنه كونه كان متغلغلاً في عمق الحياة آنذاك، فكانت بعض الأمم تستعمل العبيد من أجل تشييد الأبنية المختلفة، في حين استعملت أمم أخرى العبيد لأغراض عسكرية، وهناك من استعملهم في الزراعة، وفي الأعمال المنزلية، وغيرها. في أواخر القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر بدأ الالتفات الحقيقي إلى أهميّة وقف تجارة العبيد، فكانت دولة الدنمارك الدولة الأولى التي ألغت تجارة العبيد، لتتبعها دول أخرى كأمريكا، وبريطانيا، وفي الربع الأول من القرن التاسع عشر تمّ عقد مؤتمر فيينا الذي تم من خلاله وقف هذه التجارة عن طريق معاهدة رسمية بين الدول.
العبودية في الإسلام
في المفهوم الإسلامي الخاص يقصد بالعبودية التوجه إلى الله تعالى وحده بالعبادة، وإفراده ب الربوبية ، والألوهية، والصفات، والأسماء، وعدم إشراك أي شيء معه في العبادة، أو في الاعتقاد. والعبودية لله هي الأساس الذي بنيت عليه الديانة الإسلامية، وهي المصدر الذي انبثقت منه سائر أنواع العبادات من: صلاة، وزكاة، وحج، وصوم، وتسبيح، وذكر، واستغفار، وهي الفلك الذي تدور فيه أركان الإيمان من إيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر. العبودية لله تعالى في المنظور الإسلامي تحرر الإنسان من شتى أنواع العبودية للبشر، وللنفس، والهوى، فمن كان عبداً مخلصاً لله لم يكترث لأي شيء آخر، كما أن العبودية لله تساعد الإنسان على التطور والارتقاء، فهي تدفع الإنسان نحو الإكثار من الأعمال الصالحة، الخيِّرة، وهذا يتمثل ويتضح في التشريعات الإسلامية المختلفة التي حثت الناس على تزكية النفس، والإتيان بالأعمال البارة الصالحة.