تعريف الحال في النحو
معنى الحال في النحو
الحال لغةً هي ما عليه الشخصُ من خيرٍ أو شرٍّ، وفي الاصطلاحِ يُعرِّفها النُّحاةُ بقولِهم: هي وصفٌ فَضْلَةٌ يُذكر لبيان هيئة الاسم الذي يكون الوصف له، كقولنا: رجع المسافر سعيدًا، وجاء خالد غاضبًا، وقد أجاد ابن هشام إذ زاد شيئًا في تعريفه يفيد في تعيين الحال وتمييزها، فقال: "هو وصفٌ فضلة يقع في جواب "كيف"، مثل ضربت اللِّصَ مكتوفًا، والحال لا يكون إلا منصوبًا.
وإننا نرى النحاة يذكرون أن الحال فَضْلَة، ومعنى ذلك في اللغة أنه لفظ زائد، فهل يصح الاستغناء عنه؟ لا، ليس هذا مقصود النحاة، بل الفضلة هي ما كان بعد تمام الجملة، ولا يلزم من ذلك أننا يمكننا الاستغناء عنه، ألا ترى قول ربنا: {وَلا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحًا } ، فإنَّك لو استغنيت عن الحال هنا وهو كلمة "مرحًا" لفسد المعنى المُراد، نعم، إنك لو قلت: لا تمش في الأرض، لكانت جملة مفيدة يحسن السكوت عليها، ولكنها ليست هي الكلام المراد، فتنبَّه لهذا المعنى الدقيق الذي يخلط فيه كثير من الناس.
واعلم- رحمك الله- أن اللغة الفصحية في كلمة الحال أنها مؤنثة، فالأفصح أن تقول: حال حسنة. وقد تقول على لغة أقل في الفصاحة: حال حسن. وقد نص على ذلك جلة من العلماء، منهم ابن هشام في بعض كتبه.
صاحب الحال
وبما أنَّه تقرر لدينا أن الحال تصف لنا هيئة صاحبها فهذا يقودنا إلى تعريف صاحب الحال، وهو: ما كانت الحال وصفًا له في المعنى، فعندما نقول: استيقظ الطفل باكيًا، فإنّ الطفل هو صاحب الحال، لأنه هو الذي وُصِفَ حالُه، وهو البكاء، واعلم أن الأصل في صاحب الحال أنه يأتي معرفة، ولكن قد سوَّغ العرب إتيان صاحب الحال نكرة بشروط وقيود محدّدة وهي:
- أنْ يسبق صاحبَ الحال نفيٌ أو نهي أو استفهام مثل: ما في البيت من أحدٍ مستيقظًا.
- أنْ يتأخر صاحب الحال عن الحال، كقولنا: أتاني مستنجِدًا مسرعٌ فأدركته.
- أنْ يتخصص صاحب الحال بوصف، كقولنا: قام رجل مسنٌ قاصِدًا المدير.
- أنْ يتخصص صاحب الحال بإضافة، كقولنا: تحلُّ علينا تسعةُ أيامٍ عصيبةً.
- أن تكون الحالُ بعد صاحبها جملةً مقترِنةً بالواو، كقولنا: مررت على مدرسةٍ وهي مليئةٌ بالزينة.
أنواع الحال في النحو
إنَّ الحال ليست نوعًا واحدًا، بل تتعدد أنواعها وتختلف، وهذا من سعة كلام العرب وحسن تصرفهم، فمن تلك الأنواع:
الحال المُفرد
وهو ما ليس جملة ولا شبه جملة، كقول ربنا: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا }.
الحال الجملة
وهو أن تكون الجملة بنوعيها الاسمية والفعلية في محل نصب حال، فمثال الجملة الفعلية قول ربنا: {وَجاءوا أَباهُم عِشاءً يَبكونَ }، ومثال الجملة الاسمية قول ربنا: {لَئِن أَكَلَهُ الذِّئبُ وَنَحنُ عُصبَةٌ }. ويحسن التنبيه إلى أن الحال الجملة يجب أن يكون فيها رابطٌ يربطها بصاحب الحال، وهذا الرابط هو أحد أمرين أو كلاهما: ضمير عائد على صاحب الحال، وحرف الواو الذي يسبق جملة الحال.
الحال شبه الجملة
وهو أن يقع الظرف أو الجار والمجرور في موقع الحال، فمثال الظرف: رأيت النجم بين الغيوم، ومثال الجار والمجرور قولُ ربنا: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ }.
خصائص الحال
لقد استنبط النحاة عدة خصائص غالبية للحال، منها:
- الانتقال، فالغالب في الحال أنه لا يكون وصفًا ثابتًا لازمًا، كقولنا: جاء محمد راكضًا، فصفة الركض لا تلازم محمدًا.
- الاشتقاق، وهو أن يكون وصف الحال مأخوذا من مصدر، كقولنا: أكلت واقفًا، فالحال هنا مشتق مأخوذ من مصدر الفعل "قام"، وهو "القيام".
- أنها تكون نكرة لا معرفة، كما قدمنا في كل الأمثلة السابقة.
- أن صاحب الحال لا يكون نكرة محضة، بمعنى أنه لا يكون نكرة من غير مسوِّغٍ معتبَرٍ كما تقدم معنا.
إعراب الحال
إن الحال إعرابه ثابت لا يتغير، ولكن على حسب نوعه تختلف طريقة الإعراب وإن كان الموقع الإعرابي هو ذاته، وبيان ذلك:
إذا كان الحال مفردًا
إن حكم الحال الإعرابي هو النصب، مثل قوله تعالى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا } ، فكلمة "خائفًا" هي الحال، وإعرابها: حال منصوبة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة على آخرها، وكذلك في قولنا: أكل الغلام مسرعًا. فكلمة "مسرعًا" هي الحال، وإعرابها: حال منصوبة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة على آخرها، وكذلك في قولنا: خرجت من المنزل غاضبًا، فكلمة "غاضبًا" هي الحال، وإعرابها: حال منصوبة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة على آخرها.
إذا كان الحال جملة
وكذلك الجمل الاسمية والفعلية التي هي من أنواع الحال، فإنها جميعها تكون في محل نصب حال، ففي قول ربنا: {وَجاءوا أَباهُم عِشاءً يَبكونَ }، الجملة الفعلية "يبكون" في محل نصب حال، وفي قول ربنا: {لَئِن أَكَلَهُ الذِّئبُ وَنَحنُ عُصبَة }، الجملة الاسمية "نحن عصبة" في محل نصب حال، وكذلك في قولنا: تدور الأرض وهي مسيَّرة، الجملة الاسمية "هي مسيَّرة" في محل نصب حال، وكذلك في قولنا: أتى المعلمون يبشرون، الجملة الفعلية " يبشرون" في محل نصب حال.
إذا كان الحال شبه جملة
أما شبه الجملة من الجار والمجرور التي من أنواع الحال فهي تكون متعلقة بمحذوف حال، كقول ربنا: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ }، فقوله "في زينته" شبه
الجملة من الجار والمجرور متعلق بحال محذوف منصوب، تقديره "متحليًا"، فتقدير الكلام: فخرج على قومه متحليًا في زينته.
أمّا شبه الجملة الظرفية التي من أنواع الحال فهي أيضًا تكون متعلقة بمحذوف حال، كقولنا: رأيت النجم بين الغيوم. شبه الجملة الظرفية "بين الغيوم" متعلق بمحذوف حال منصوبة، وتقدير الكلام: رأيت النجم مستقرًا بين الغيوم.
وعليه فإنّ قولنا: إن شبه الجملة قد تكون نوعًا من أنواع الحال. فيه مسامحة، لأن شبه الجملة لا تكون بعينها في محل نصب حال، وإنما تدلّ على الحال المحذوفة بسبب تعلّقها به، لذلك نزّلها النحاة منزلة محذوفها من حيث الوصف لا من حيث الإعراب العملي.
تدريبات على الحال
استخرج الحال من الجمل التالية وحدد نوعه.
- قال تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا }: (ضاحكًا) حال مفرد.
- قال تعالى: {وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ }: (أذلة) حال مفرد، (وهم صاغرون) الحال الجملة الاسمية.
- قال تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ }: (يلعبون) الحال الجملة الفعلية.
- قال تعالى: {جِئتَ عَلى قَدَرٍ يا موسى }: (على قدر) الحال شبه الجملة من الجار والمجرور.
- رأيت الرجل بين الأطفال: (بين الأطفال) الحال شبه الجملة الظرفية.
أعرب الحال إعرابًا تامًّا في الجمل التالية.
- قال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا} : ساجدًا: حال منصوبة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة على آخرها.
- جاءني الصبيان يركضون: يركضون: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية في محل نصب حال.
- كتبت المقال وأنا متعبٌ: الواو واو الحال، أنا: ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ، متعب: خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والجملة الاسمية في محل نصب حال.
- رأيت العلَم في السماء: في: حرف جر، السماء: اسم مجرور بفي وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، وشبه الجملة من الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال منصوب، تقديره: مستقر، فتقدير الكلام: رأيت العلم مستقرا في السماء.
- رأيت المنارة بين البنيان: بين: ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره وهو مضاف، البنيان: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، وشبه الجملة الظرفية متعلق بحال محذوف، تقديره "بادِيَة"، وتقدير الكلام: رأيت المنارة بادية بين البنيان.
صغ جملًا من إنشائك تبرز الحال في أنواعه التي تقدمت.
- رجعتُ للمنزل خائفًا.
- أتاني القوم يذكرون الله.
- قرأتُ الكتاب والشمس بارزة.
- خرجتُ في ثوب جديد.
- وجدتُ المسجد بين الجبال.