تعريف البُخل
البُخل لغةً هو عكس الكَرَم ، والبُخل هو ضَنّ الإنسان بما عنده، وجمع البخيل هو البُخلاء، وفي الاصطلاح يُعرَّف البُخل بعدّة تعريفات، هي:
- عرَّفَ الأصفهانيّ البُخل على أنَّه إمساك مُقتَنَيات الإنسان عن الأمور التي لا يحِقُّ له أن يحبسها عنها.
- عرَّفَ الجرجانيّ البخل على أنَّه مَنْعُ الإنسانِ المالَ عن نفسه.
- عرَّفَ ابن حجر البُخل على أنَّه مَنْعُ الإنسانِ لما يُطلَب منه ممّا يقتنيه، وشرُّ البُخل ما كان طلبُه مُستحَقّاً، وخاصة إن كان من غير ماله.
- عرَّفَ الفيوميّ البُخل على أنَّه مَنْعُ الواجبِ.
وقد عُرِّفَ البُخل على أنَّه مَنْعُ ما لا يَضُرُّ دَفْعُه، ولا ينفعُه إمساكُه، كما عُرِّفَ على أنَّه مَنْعُ الأمرِ الواجبِ، وقيل في البخل أنَّه رؤيةُ الإنسان المالَ الذي يُمسِكُه شَرَفاً، والمال الذي يُنفِقُه تَلَفاً، كما قيل إنَّ البخل هو إمساك المال الذي يَجبُ بَذْلُه في حُكْمِ الشرع، مثل: الزكاة، والهديّة للأقارب، أو الجيران، أو الأَصدقاء.
والشُّحُّ لُغةً هو البُخل مع الحِرص، أمّا في الإصطلاح فتعريفُه لدى الأصفهانيّ: هو البُخل مع وجود الحِرص كعادة. وتعريفُه لدى الطبريّ: هو الإفراط في الحِرص على الأمور.
الفرق بين البُخل والشُّحِّ
يَختلفُ البُّخل عن الشُّحِّ بعدّة نقاط، يمكن ذِكْرُها كما يأتي:
- البُخل هو أن يكون الإنسانُ كريماً على نفسه وبخيلاً على غيره، أمّا الشُّحُّ فهو أن يكون الإنسانُ بخيلاً على نفسه وعلى غيره على حدٍّ سواء.
- يُعَدُّ الشُّحُّ إحدى منازل البُخل، وهي أفظع مَنزِلة فيه، فالشحيح يَبخلُ على من أتاه يَسألُهُ مسألةً تُهيِّج عواطفَه دون أن يَرِقُّ له قلب، والبخيل هو من انصرفَ عن جامع الصدقة أو تَولَّى عنه.
أنواع البُخل
يتمثَّلُ البُخل في عدّة صورٍ، منها:
- البُخلُ بالمال: يُقسَم البُخل بالمال، أو بالمُقتَنَيات الشخصيّة إلى عدّة أنواع، منها:
- بُخلُ الإنسان بماله على نفسه.
- بُخلُ الإنسان بمال غيره على غيره.
- بُخلُ الإنسان بمال غيره على نفسه، وهو أسوأ الأنواع وأقبحها.
- البُخلُ بالنفس: وهو أن يبخل الإنسان بنفسه فلا يُقدِّمُها في سبيل الله ؛ بسبب تعلُّقِه بالدُّنيا، وحِرْصِه عليها، على عكس الجُود بالنفس من أجل نشر الدِّين، وإعلاء كلمة الله -عز وجل-.
- البُخل بالجاه: وهو أن يبخل صاحب الجاه أو المَنصِب العالي بقدرته على نفع المُحتاجِين، فلا يُصلحُ بين الناس، ولا يسعى من أجل سدِّ حاجة مسكينٍ، أو ضعيفٍ.
- البُخل بالعِلْم: هو أسوأ وأقبح أنواع البُخل ، حيث يقوم صاحب العِلْم بكَتْمِه عن من يحتاجُه، فهو لا يَنصحُ ولا يُعلِّم الآخرين، قال الله -سبحانه وتعالى-: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا).
- البُخل بالتصدُّق: وهو أن لا يتصدَّقَ الإنسان من المال الذي أكرمَه اللهُ به إلّا إن كان قد نَذرَ، كأن يقومَ البخيلُ بالأعمال الصالحة من صيامٍ، أو صدقةٍ؛ من أجل تحقيق بعض المَطامِع؛ أو بسبب الخوف، والدليل هو الحديث عن أبي هريرة -رضيَ الله عنه- قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم-: (لا يأتي ابنَ آدمَ النذرُ بشيٍء لم يكن قُدِّرَ له ، ولكن يُلقِيهِ النذرُ إلى القدرِ قد قُدِّرَ له ، فيستخرجُ اللهُ به من البخيلِ ، فيُؤتيني عليهِ ما لم يكن يُؤتيني عليه من قبلُ).
أسباب البُخل
تَختلفُ أسباب البُخل من شخصٍ إلى آخر، ومنها ما يأتي:
- حُبُّ الإنسان للمال وحِرْصُه عليه: حيث إنَّ الإنسانَ مَجبولٌ على مَحبَّة المال ؛ ممّا يدفعُه إلى التمنُّع عن دَفْعِه؛ ظنّاً منه أنَّ الخير يَكمُنُ في إمساك المالِ وعدمِ إنفاقِه، إلّا أنَّ النفعَ الحقيقيَّ للإنسان يكون بإنفاقه للمال وليس العكس، والدليل من السنَّة حديث عبدالله بن الشخير -رضي الله عنه-، حيث قال:(أتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهو يقرأُ : أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ . قال " يقولُ ابنُ آدمَ : مالي . مالي ( قال ) وهل لك ، يا ابنَ آدمَ ! من مالكَ إلا ما أكلتَ فأفنيتَ ، أو لبستَ فأبليتَ ، أو تصدقتَ فأمضيتَ ؟).
- ضَعْفُ اليقين بالله -عزَّ وجلَّ-: حيث وعد الله -عزَّ وجلَّ- عِبادَه بالإخلاف على كل المُنفِقين، إلّا أنَّ الشخصَ البخيلَ يقينُه بالله ضعيفٌ، والدليل على ذلك، قول الله عزَّ وجلَّ: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
- البُخل بسبب الخوف على الأبناء: فمن المُمكِن أن يبخلَ الأبوان بمالهما، ويمنعا إنفاقه في الأعمال الصالحة؛ من أجل نَفْعِ أبنائهما.
- البُخل بسبب الخوف من الفَقر والأمَلِ بالغِنى: وهو مذموم في الإسلام، فالمؤمن يؤمن بأن الله هو الرزاق الكريم، فكما عليه أن يصرف دون تبذير عليه أن ينفق دون بخل خوفاً من الفقر في المستقبل.
عاقبة البُخل
تَترتَّبُ على البُخل عدّة عواقب، وهي كما يأتي:
- النِّفاق: كالمُنافِقين الذين أخبرَ عنهم القرآنُ الكريمُ، إذ عاهدوا اللهَ إن أعطاهم ورزقَهم، فإنّهم سيتصدقون بأموالهم، فلمّا رزقَهم الله بخلُوا برزقِه وأخلفُوا وعدَهم؛ فحرَّمَ الله -سبحانه وتعالى- عليهم التوبةَ إلى يوم الدِّين.
- حِرمان النفس من الأجر: فعاقِبةُ البُخل تعود على البخيل أوّلاً؛ وذلك لأنَّه ببخلِه وامتناعِه عن الإنفاق في سبيل الله، يكون قد حَرمَ نفسَه من الثواب الجزيل من الله تعالى.
- عدمُ توفيقِ الإنسانِ إلى فعل الخير؛ مما يتسبَّبُ في أن تكون الطاعةُ عسِرةً وشديدةً عليه.
- تعذيبُ البخيلِ يومَ القيامةِ بالمال الذي اكتنَزَه وبخلَ بهِ في الدُّنيا.
- حِرمانُ البخيل من جوارِ اللهِ -سبحانه وتعالى- في الجنّة يوم الدِّين.