تعبير عن الأمير عبد القادر
المقدمة: الأمير عبد القادر أمل الجزائريين
عبد القادر الجزائري؛ أميرٌ يُشار إليه بالبنان، فاسمه بحدّ ذاته مدعاة للفخر، فهو أمل للجزائريين، فهذا الأمير الجزائري الذي وُلد في قرية القيطنة الواقعة في الغرب الجزائري وتحديدًا في مدينة معسكر، يُعدّ من أبرز القادة السياسيين والعسكريين الذين اتخذوا من الجهاد دربًا لهم لمقاومة الاحتلال الفرنسي للجزائر.
قاد المقاومة الشعبية لسنوات طويلة تصل إلى خمسة عشر عامًا، وذلك في بدايات الاستعمار الفرنسي للجزائر؛ لهذا يُعدّ هذا الأمير هو المؤسس الفعلي للدولة الجزائرية الحديثة ورمز مقاومتها.
العرض: الأمير عبد القادر سماء أظلّت قومه
أكثر ما يُمكن وصف القائد الأمير عبد القادر الجزائري به أنّه بحق سماءٌ أظلت قومه، وكان بمثابة الغيمة التي أمطرت على شعبه الماء في عزّ الجفاف، فقد قاوم الاستعمار الفرنسي لبلاده حتى الرمق الأخير، وهذا ما يجعلنا جميعًا نتمعن ونقرأ في سيرة هذا الأمير الذي بدأ حياته قائدًا فذًا وانتهت وهو متصوفٌ وكاتب وشاعر.
منذ أن تولى الأمير عبد القادر الجزائري أمور بلاده بدأ بتوحيد الصفوف رغم أنّ الحالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد كانت صعبةً للغاية، ولم يكن في الجزائر ما يكفي من المال لإرساء دعائم الدولة، كما كان هناك الكثير من المعارضين لتوليه الإمارة، ورغم ذلك ظلّ الأمير عبد القادر الجزائري متمسكًا بالأمل.
لم يفقد الأمير الأمل أبدًا حتى في أصعب الأوقات، واستمر بتوحيد صفوف أبناء الشعب ودعا إلى نبذ الخلافات الداخلية بينهم، والتخلص من أيّ أهداف شخصية، وكان الأمير عبد القادر يَعتبر توليه الإمارة تكليفًا وليس تشريفًا، وهذا ما ظهر واضحًا من طريقة دعوته للمّ شمل أبناء الشعب، ومن أقواله أثناء خطبة له في المسجد: " إذا كنت قد رضيت بالإمارة، فإنّما ليكون لي حق السير في الطليعة والسير بكم في المعارك في سبيل الله".
لهذا كان هدفه وحدة الأمة والدعوة إلى الله تعالى وأن تكون الإمارة مبنيةً على أساس الدين الإسلامي؛ للتخلص من العراقيل كافةً التي يضعها الاستعمار في طريق تحرر الشعب الجزائري ، وكان يحرص على تنمية الوعي السياسي للشعب الجزائري.
واجه الأمير عبد القادر الجزائري صعوبات عديدةً من الاستعمار، ومن بعض رؤساء القبائل الذين لم يكونوا على وعي سياسي كبير يليق بمستوى المهمة التي كان يقوم بها، لكنه صمّم على الاجتهاد في سبيل نهضة شعبه، واستخدم أسلوب الإقناع.
إضافةً إلى حملات التوعية الكثيرة التي أخذت منه جهودًا كبيرة خاصةً أنّه كان يسعى للتآلف بين القبائل الجزائرية جميعها لتكون كلها تحت راية واحدة، وهذا من أهم الصعوبات التي واجهته؛ لأنّ هذه القبائل لم تكن معتادةً على أن تكون تابعةً لغيرها.
نستطيع أن نصف الأمير عبد القادر الجزائري بأنّه صانع الأمل بامتياز، فهو لم يطلق رصاصةً واضحةً تجاه شعبه، بل استخدم معهم الحجة والموعظة لإفهامهم بضرورة الاتحاد وتحقيق الاجتماع للتخلص من العدو الفرنسي، وهذا بحدّ ذاته يجعلنا نُفكر عميقًا في هذا الأسلوب الذكي الذي استخدمه.
كما أنّه في الوقت نفسه كان يُشهر سيفه في وجوه من يبثون الفتنة والتفرقة في صفوف المسلمين؛ لأنّهم خطيرون على وحدة الشعب، إذ يبثون سموم أفكارهم كي لا يجتمعوا لطرد الفرنسيين.
إنّ الأمير عبد القادر هو قدوة لكل قائد يُريد أن ينجح في تجميع شعبه على كلمة واحدة، فهو لم يكن مستبدًا برأيه، بل كان يُحيط نفسه بمجموعة متميزة من العلماء المسلمين الذين يُشيرون عليه بما ينبغي فعله مع أفراد الشعب ليجتمعوا على كلمة واحدة لدحر الاستعمار الفرنسي.
الخاتمة: الأمير عبد القادر أنجز وعده
أختم موضوعي عن الأمير عبد القادر بالكثير من مشاعر الفخر بهذا الأمير العربي الذي أنجز وعده، وقدّم التضحيات الكثيرة التي ستظلّ مصدر فخر واعتزاز للأجيال القادمة، فهو مثالٌ يُحتذى في الجهاد، وأيقونة الجزائر التي لا تموت أبدًا في قلوب أبنائه.
بالرغم من نفيه إلى دمشق ووفاته فيها إلا أنّه حي في ضمير الشعب الجزائري والعربي ومصدر فخرْ لهم، فهو أول من دعا لمقاومة الاضطهاد الفرنسي للجزائريين، وأدّى واجبه تجاه بلاده على أكمل وجه رغم الصعوبات والتحديات الكبيرة التي كانت آنذاك.