تحليل قصيدة الرضا للإمام الشافعي
تحليل الموضوعي لقصيدة الرضا
تعتبر هذه القصيدة من شعر الحكمة ويتحدث بها الإمام الشافعي عن الرضا بمقطوعة ألفاظها سهلة، وهذا شأن الشافعي في قصائده، "وأمّا ألفاظه في الشعر فلن تعثر فيها على غريب أو صعب، بل كان جلّ شعره سهلًا واضحًا، وكان شعره كله مقطعات، فلم ينظم قصائد طويلة".
من خلال حكمته وتجاربه في الحياة، يقدّم لنا مجموعة من النصائح في قصيدته الرضا؛ لتبدو وكأنها نقاط إرشادية للتعامل مع الآخرين من خلال عدم إعطاء القيمة، لمن ينقصون من قيمتنا، فالذي لا يرى فينا أمرًا محمودًا، كذلك نحن لا نرى فيه أمرًا محمودًا، فالشخص المحب والمقدر لنا سيرى المحاسن ويغض الطرف عن المساوئ على خلاف المبغض لنا والمقلل من شأننا.
كما يتطرق إلى الموت، إذ يقول إنّ الحياة سنحياها سواءً بقربكم أم ببعدكم، فنحن يُمكننا الاستغناء عنكم بل وحين الموت نكون أشد استغناءً، ومضمون حكمته من أول بيت لآخر بيت في القصيدة هي التعامل بالندّ مع الآخرين، فلا نبالغ في الاقتراب والاهتمام ممّن ينأون عنا ولا يُبالون لنا، ولا ينظرون للمحاسن إطلاقًا.
التحليل الإيقاعي لقصيدة الرضا
التحليل الإيقاعي لقصيدة الرضا فيما يأتي:
الإيقاع الخارجي للقصيدة
عدد أبيات هذه القصيدة أربعة أبيات كُتبت على البحر الطويل، وهي قصيدة يائية؛ لأنّ حرف الروي هو الياء، وهو الحرف الذي تُبنى عليه القصيدة ويلزم في كل بيت منها في موضع واحد، وقافية القصيدة هي القافية المطلقة؛ لأنّ حرف الروي جاء مُحركًا بالفتحة التي أُشبِعت بألف الإطلاق، إذ يقول:
عينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ
- وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا
وَلَستُ بِهَيّابٍ لِمَن لا يَهابُني
- وَلَستُ أَرى لِلمَرءِ ما لا يَرى لِيا
فَإِن تَدنُ مِنّي تَدنُ مِنكَ مَوَدَّتي
- وَإِن تَنأَ عَنّي تَلقَني عَنكَ نائِيا
كِلانا غَنيٌّ عَن أَخيهِ حَياتَهُ
- وَنَحنُ إِذا مِتنا أَشَدُّ تَغانِيا
الإيقاع الداخلي للقصيدة
صنع تكرار الحروف في القصيدة إيقاعًا موسيقيًا جميلًا، وقد كان التكرار ملحوظًا بجميع أبيات القصيدة، وجاء في مطلع القصيدة عدة تكرارات مثال: تكرار حرف العين أربع مرات، وحرف الكاف ثلاث مرات، وحرف اللام سبع مرات، وحرف الياء ستّ مرات، وبكلّ هذه التكرارات يزداد الإيقاع الموسيقي جمالًا، إذ يقول:
- عينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ
- وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا
تكرار حرف اللام سبع مرات وحرف الياء خمس مرات.
- فَإِن تَدنُ مِنّي تَدنُ مِنكَ مَوَدَّتي
- وَإِن تَنأَ عَنّي تَلقَني عَنكَ نائِيا
تكرار حرف النون ثلاث عشرة مرةً.
- كِلانا غَنيٌّ عَن أَخيهِ حَياتَهُ
- وَنَحنُ إِذا مِتنا أَشَدُّ تَغانِيا
التكرار كان بحرف الياء خمس مرات وبحرف النون سبع مرات وبحرف التاء ثلاث مرات.
التحليل الفني لقصيدة الرضا
التحليل الفني لقصيدة الرضا فيما يأتي:
- الأسلوب الخبري
جميع الأساليب المستخدمة في هذه القصيدة هي أساليب خبرية أفادت التقرير، ومن الأمثلة عليها:
- الأسلوب الخبري جملة اسمية: عينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ.
- الأسلوب الخبري جملة الشرطية: فَإِن تَدنُ مِنّي تَدنُ مِنكَ مَوَدَّتي.
- الأسلوب الخبري الحملة المنفية: وَلَستُ بِهَيّابٍ لِمَن لا يَهابُني.
- المقابلة
عينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ
- وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا
ظهرت من خلال تضاد المعنيين في الجملة الأولى (عين الرضا / عن كلّ عيب كليلة) مع المعنيين في الجملة الثانية (عين السخط/ تبدي المساويا).
- طباق السلب
يظهر في قول الشاعر: وَلَستُ أَرى لِلمَرءِ ما لا يَرى لِيا، من خلال الكلمتين (أرى/ لا يرى).
- طباق الإيجاب
يظهر من خلال الكلمتين (حياته / متنا)، فقد قال الشاعر:
كِلانا غَنيٌّ عَن أَخيهِ حَياتَهُ
- وَنَحنُ إِذا مِتنا أَشَدُّ تَغانِيا
وأيضًا في قوله:
فَإِن تَدنُ مِنّي تَدنُ مِنكَ مَوَدَّتي
- وَإِن تَنأَ عَنّي تَلقَني عَنكَ نائِيا
من خلال الكلمتين: (تدنو / تنأ).
- الجناس
ظهر الجناس الناقص من خلال هذه الكلمات (مني / منك)، (عني / عنك)، وذلك في قول الشاعر:
فَإِن تَدنُ مِنّي تَدنُ مِنكَ مَوَدَّتي
- وَإِن تَنأَ عَنّي تَلقَني عَنكَ نائِيا
وأيضًا في قوله:
عينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ
- من خلال الكلمتين (عين / عيب).