تحليل رواية ساق البامبو
التحليل الموضوعي لرواية ساق البامبو
ساق البامبو للكاتب الكويتي سعود السنعوسي، تقع الرواية في أربعمئة صفحة يمكن للقارئ أن يُنهيها خلال أربعين يومًا إن قرأ في كل يوم عشر صفحات، لا بدّ عند قراءة تلك الرواية أن يختار القارئ جوًّا هادئًا؛ حيث إنّ تداخل خيوط أحداث الرواية قد يؤدي بالقارئ إلى الضياع إن لم يكن على قدر عالٍ من التركيز، ساق البامبو الرواية الواقعية التي تناولت موضوعًا في المجتمع الكويتي من الناحية الإنسانية.
ويُسلط الضوء على شخصيات الرواية كافّة من الناحية النفسية، ساق البامبو حين يبدع الكاتب في توصيف معاناة العمالة في مجتمعه ببضع من السطور.
التحليل الأسلوبي لرواية ساق البامبو
لقد استطاع سعود السنعوسي أن يلجم القلم ويجعله طوعًا لبنانه والأفكار التي أراد أن يبثّها في تلك الورقة البيضاء التي تلطخت بمآسي الفئات المنبوذة في المجتمع الكويتي، العمالة الأجنبية التي تكون في كثير من الأحيان ضحية البقات الثرية، حين لا يكون هناك حق للعاملة ولا حتى في الاعتراف بابنها المولد من أحد أفراد تلك الطبقة، لقد استطاع سعود من خلال أسلوبه أن يُحقق عملًا أدبيًا مُقنِعًا..
فكل شخصية استطاعت أن تأخذ مكانها بشكل حقيقي دون أن يتبادر للقارئ ولو لمرة واحدة أن يقرأ أحداثًا متخيلة ولقد استطاع بطل تلك الرواية أن يُعبر عن التيه الذي في داخله من خلال تشبيه نفسه بشجرة ساق البامبو، فصار القارئ يتفاعل مع النص وكأنه جزء منه يعيش أحداث تلك الرواية بأم عينه لا بفكره وعقله.
الاستعارة والصور الفنية لرواية ساق البامبو
لقد استطاع سعود السنعوسي أن يطوّع الصور الفنية لتخدم الهدف الذي يسعى من ورائه في تلك الرواية، وما قاله عيسى بطل تلك الرواية: "حياة ليست مكرسة لهدف، هي كصخرة مهملة في حقل بدل أن تكون جزءًا من صرح"، لقد أنكر عيسى الحياة التي تكون كلها مكرسة للسعي خلف هدف واحد فتُشبه الصخرة التي بدل أن تكون واحدة من الصخور التي يُستعان بها في البناء.
ولقد استطاع سعود من خلال هذا التشبيه أن يصور المأساة الحياتية التي يعيشها الشخص الذي يسعى دائمًا لهدف يستحيل تحقيقه، مثل إثبات هويته الكويتية.، ولصعوبة المعيشة التي كان يعانيها أهل وأدلة جوزافين الفلبين يصوّر الكاتب ما يُمكن للفتاة أن تلجأ للعمل به حال الفقر المدقع "تدرجت آيدا صعود في عملها إلى القمة نزولًا في ذاتها إلى القاع بدأت نادلة في حانة تفترسها أعين السكارى".
فشبّه الكاتب عيون البشري بالحيون المتوحش الذي يفترس ضحيته.كأن البشري في حالة غياب العقل يكون حيوانًا متوحشًا يفترس كل ما تقع عيناه عليه، لقد استطاع أن يجعل من الصور لوحات فنية حية تُعبّر عمّا يجول في عقله وتهب تلك المعاني للقارئ الذي يبحث عن المعرفة.
الحوار والسرد في رواية ساق البامبو
لقد كان الراوي في رواية ساق البامبو هو بطل القصة عيسى الذي يستهل الرواية في الكلام عنه، لذلك فإنّ الراوي هنا لا يستطيع معرفة سوى الحداث التي يكون البطل محيطًا بها؛ وبذلك فإنّ الرؤية السردية في هذا المقام هي رؤية داخلية؛ إذ هي من داخل ذلك العمل السردي أي هي من البطل الذي هو في أصله واحد من شخصيات تلك الرواية.
إنّ الشخصيات التي عرفها القارئ قد عرفها كافة من الراوي وهو عيسى؛ أي أنّ القارئ بنى وجهة نظره عن الشخصية من خلال نظرة عيسى لها.وتنوعت ساق البامبو ما بين السرد والحوار، الحوار هو المشهد الذي يتعرف من خلاله القارئ على الأحداث ولكن من خلال حوار شخصيتين من الرواية، ومن ذلك: "قلت لغسان طريقتنا مختلفة في رفع الأعلام، في الفلبين تكون الأعلام في أعلى السارية".
شخصيات رواية ساق البامبو
تعددت الشخصيات في رواية ساق البامبو التي استطاع الكاتب أن يُحرّك الأحداث من خلالها، ومن تلك الشخصيات:
- عيسى: وهو بطل هذه الرواية والراوي لها، وهو الابن الشرعي لجوزافين وراشد ابن الطبقة الثرية، والابن غير الشرعي بنظر أهل راشد والذي يُحاول طوال الرواية أن يجد نفسه، وأن يحدد هويته.
- جوزفين: الفتاة العاملة في دار العائلة الثرية، والتي يُعجب بها راشد ومن ثم يتزوجها في حضرة شيخ على ورقة بيضاء يوقع الاثنان عليها، دون إعلان ذلك الزواج خوفًا من العائلة.
- غسان: الصديق الصدوق لراشد، والذي يُحاول أن يُقدّم دائمًا يد المساعدة لعيسى ولا يتركه وحده أبدًا.
- نورية: العمة التي تخاف على اسم عائلتها المرصع بالماس أن يهتز، فترفض عيسى رفضًا قاطعًا وتحاول أن تضيق الأرض عليه حتى يرحل إلى الفلبين.
آراء نقدية حول رواية ساق البامبو
تعددت الآراء واختلفت في رواية ساق البامبو، وكل منهم يغزل على وتر معيّن، ومن ذلك:
- فاطمة أعرجي: "جاءت رواية ساق البامبو لتتدفق في فضاء ثقافي على درجة ملحوظة من الاتساع، لتُحقّق إبداعًا أدبيًا مقنعًا بمقدوره التعبير بدقة عن التناقضات والتشظي لدى الشرائح المنبوذة في المجتمعات".
- ليلى عبد الرحمن الجريبة: "عيسى بن راشد هو القوة الفاعلة في النص وله عدة أسماء تعكس حالة التشظي التي في الهوية، فقد سماه والده عيسى، وللاسم دللات فعيسى هو نبي يؤمن به النصارى وفقًا لدين والدته، ويؤمن به المسلمون وفقًا لدين والده".
سطّرت رواية ساق البامبو المعاناة بقالب روائيّ واقعيّ مُؤلم ومفرح في آنٍ معًا، لمّا يبحث الإنسان عن هويته التي أضاعها آباؤه هنا تكمُن المعجزة في تحقّق الهدف المنشود.