بحث عن فوائد وأضرار الاحتكاك
فوائد الاحتكاك
يُعرف الاحتكاك بأنّه القوة الناتجة عن تلامس الأجسام الصلبة عند نقاط غير مرئية وغير منتظمة، ممّا يتسبب في مقاومة تحرّك هذه الأجسام، وتعدّ هذه القوة من القوى الشائعة في حياتنا اليومية والتي تظهر حتى في المشي كسلوك يوميّ، وفيما يأتي بعض فوائد الاحتكاك:
منع انزلاق الأجسام المتحركة
يُمكن تعريف الانزلاق بأنّه حركة الجسم السريعة والسهلة على الأسطح، ويعد منع انزلاق الأجسام أحد أهم فوائد الاحتكاك والذي يُمكن من خلاله مقاومة حركة الأجسام المتحركة عند تلامسهما وقد تُساعد على إيقافه أيضًا، كما أنّ بعض الأعمال اليوميّة لا يُمكن القيام بها لولا وجود الاحتكاك ومنعه لانزلاق الأجسام.
ومن الأمثلة على ذلك ما يأتي:
- القدرة على المشي فوق الأسطح بثبات، فوجود قوة الاحتكاك تعمل على تثبيت الأقدام أو الأحذية.
- السماح لعجلات المركبات بالتقدّم إلى الأمام دون الخوف من خطر انزلاقها.
- إمكانية الإمساك بالأشياء، فلولا نشوء الاحتكاك بين اليدّ والجسم لانزلق الجسم.
- القدرة على إيقاف المركبة باستخدام الفرامل بعد أن كانت تسير بسرعة ما.
- تسهيل الكتابة بالقلم، وذلك من خلال وجود احتكاك بين كرة القلم والورقة دون انزلاقها عليها.
- تثبيت الأجسام على الأسطح المائلة سيكون مستحيلًا لولا الاحتكاك ومقاومة الانزلاق.
يُمكن إثبات أهمية الاحتكاك من خلال مراقبة طريقة مشي شخص ما على سطح يسمح بالانزلاق بسبب ضعف قوة الاحتكاك، كالسير على الكثبان الرملية والذي يكون صعبًا للغاية على سبيل المثال، فلولا الاحتكاك لاضطر الإنسان لاستخدام المواد اللاصقة للتشبّث بأي جسم آخر، بالإضافة إلى ذلك يجب اتّباع إرشادات محددة للسير بأمان خلال الشتاء بسبب الأسطح الزلقة الناتجة عن الاحتكاك القليل.
مساعدة الطائرات والمظلات على الطيران
يمتلك الهواء كغيره من الموائع خاصية اللزوجة الناشئة عن الاحتكاك بين جزيئاته الداخلية، ويساعد الاحتكاك الناشئ بين الهواء وأجنحة الطائرات من الجهة العلوية على تثبيت الطائرة والحفاظ عليها في الجو.
وبالعكس تمامًا بالنسبة لرياضي القفز المظليّ، تنشأ قوة الاحتكاك بين الهواء والمظلة من الجهة السفلية لإبطاء سقوطها باتّجاه الأرض بعد قيام المظلّيّ بالقفز من ارتفاع معين فتثبت المظلة في الهواء.
يُساهم الاحتكاك في هبوط الطائرات فضلًا عن طيرانها، وذلك من خلال احتكاك الطائرات عند هبوطها بالأسطح لتتباطأ تدريجيًا، ومن الأمثلة على ذلك هبوط الطائرات المائية والذي يمكن القول بأنّه يعتمد على احتكاك الطائرة بكل من الهواء والماء، إلا أنّ قوة الاحتكاك الناتجة عن ملامسة الماء أعلى، فتكون فاعليتها في إبطاء الطائرة شيئًا فشيئًا.
إنتاج الحرارة
يمكن إنتاج الطاقة الحرارية بين الأسطح الصلبة من خلال إجبار سطحين على التلامس والاحتكاك فيما بينهما، ممّا يؤدي إلى زيادة في درجة حرارتهما، كما يمكن القول بأنّ الطاقة الحركية تحوّلت إلى حرارية بفعل الاحتكاك.
ومن الأمثلة الشائعة على ذلك؛ سحب صندوق على أرض خشنة الملمس يؤدي إلى رفع حرارة الصندوق والأرض من أسفله، ومن الأمثلة اليومية الأخرى على ذلك:
- فرك اليدين خلال الأيام الباردة لتدفئتهما.
- الحرارة الناشئة عن آلة لحام الحديد الدورانية.
احتراق الكوكيبات في الغلاف الجوي
يُعرف الكويكب (Asteroid) بأنّه جسم صخري خامل نسبيًا مقارنة بالأجسام الأخرى يدور حول الشمس، يتسبّب تولّد قوى الاحتكاك بين الهواء في طبقات الغلاف الجوي والكويكبات المتّجهة نحو الأرض في نشوء طاقة حرارية ضخمة، تعمل هذه الطاقة على حرق الكويكب في طبقات الغلاف الجوي المحيط بالأرض قبل وصولها، كما تحترق النيازك (Meteor) بالمثل بسبب الاحتكاك مع الهواء في الغلاف الجوي.
ويمكن توضيح حجم فائدة الاحتكاك في حالة احتراق الكويكبات من خلال معرفة أنّ الكويكبات تتّجه إلى الأرض سنويًا، وتكون بحجم سيارة خاصّة عند وصولها الغلاف الجوّي الخاص بكوكب الأرض، ولولا احترق الكويكبات لسبّب وصولها إلى الأرض دمارًا هائلًا.
ومن الكويكبات المرصودة حاليًا والتي يُخشى من خطرها لولا الاحتكاك هو الكويكب توتاتيس الذي يبلغ قطره أكثر من 5 كيلومتر.
نقل الطاقة
يمنع وجود قوة الاحتكاك من انزلاق أجزاء الآلات والأجهزة المختلفة عند ملامستها لبعضها البعض، وبدلًا من ذلك يُساهم وجودها في انتقال الطاقة من جزءٍ إلى آخر أثناء حركة الآلة، وبهذا يصبح بالإمكان نقل الطاقة وضمان عمل الآلات بالصورة السليمة المطلوبة.
كما أنّه بالإمكان تشحيم الآلات للحصول على مقدار أقل من الاحتكاك إذا كانت قيمته عالية بصورة مضرة بالآلة.
يعد الاحتكاك من القوى المفيدة التي يمكن رؤيتها في العديد من المشاهدات اليومية، ولولا قوة الاحتكاك لكانت الحياة أكثر صعوبة؛ فالعديد من الممارسات الاعتيادية لن تكون بالسهولة التي هي عليها لولا وجود هذه القوة، ومن ذلك: المشي، والكتابة، والطيران، وحركة الآلات ونقل الطاقة بين أجزائها، إضافةً إلى دور الاحتكاك في توليد الحرارة، وحماية الأرض من الكويكبات القادمة من الفضاء بحرقها.
أضرار الاحتكاك
يؤدي الاحتكاك إلى العديد من الأضرار على الرغم من فوائده الجمّة التي ذُكرت سابقًا، ويمكن توضيح ذلك من خلال النقاط الآتية:
ضياع جزء من الطاقة
يعمل الاحتكاك على تحويل الطاقة من شكل إلى آخر، إذ يؤدي إلى تحوّل الطاقة الحركية إلى حرارية عند تلامس الأجسام المتحرّكة، وبذلك يُفقد جزءٌ من الطاقة الحركية من النظام، ويُعتبر هذا الجزء مفقودًا لأن ناتج هذه العملية هو تباطؤ الأجسام المتحركة وتناقص سرعتها الابتدائية، إضافةً إلى أن الطاقة الحرارية الناتجة لا يُستفاد منها.
يمكن طرح مثال حركة السوائل في الأنابيب لتوضيح الفكرة، فالسوائل المتحركة داخل الأنابيب بسرعة معينة تتعرّض لفقدان جزء كبير من طاقتها نتيجة احتكاكها مع الأسطح الداخلية الملامسة لها.
ويزداد تأثر السائل بدرجة خشونة سطح الأنبوب الداخلي كلّما كانت سرعته أقل، وبالنسبة لفقدان السائل جزءًا من طاقته الحركية فإنّه يعني بالضرورة الحاجة إلى هدر المزيد من الطاقة لمضخات دفعه عبر الأنابيب.
مقاومة الحركة
تعد قوة الاحتكاك من القوى المعاكسة لاتجاه حركة الأجسام، وبذلك تعمل على مقاومة الحركة فيكون الجهد المبذول للتغلّب على هذه القوّة أكبر، وتعدّ مقاومة الهواء للحركة نوعًا من أنواع قوة الاحتكاك وأحد الأمثلة الهامّة عليها.
و تعمل قوة الاحتكاك على تقليل سرعة الجسم وإبطائه ، كما أنّ الاحتكاك قد يتسبّب في إهدار المزيد من الطاقة للتغلّب عليه والتحرّك بسرعة.
تآكل الأجسام المُحتكّة
يؤدي الاحتكاك في الآلات إلى تلفها إذا زاد عن الحد المسموح بسبب تولّد الطاقة الحرارية بين أجزائها؛ كحركة المسنّنات والبراغي والمقابض فتتآكل، وقد تعمل هذه الحرارة على احتراق الدوائر الداخلية، كما أنّ وجوده يؤدي إلى المزيد من الطاقة المطلوبة لإنهاء العمل المراد تنفيذه، ويتسبّب هذا في هدر الكثير من المال في الإجراءات الوقائية كالتشحيم.
يعد التشحيم من الحلول الجيّدة للتغلّب على الاحتكاك، فهو يساعد على تقليل الطاقة الحرارية الناتجة عنه، كما يُساهم في امتصاص جزءٍ منها، وقد يعتقد البعض بأنّ الأجزاء المصقولة في الآلات لا تتعرّض للتآكل الناتج عن الاحتكاك إلا أنّ هذا ليس صحيحًا، وعلميًا لكل جزء درجة خشونة معينة حتى ولو كانت قليلة وتظهر هذه العيوب عادةً عند التجريب، وتتسبّب في العديد من المشاكل.
يمكن تطبيق التشحيم من خلال وضع مادة التشحيم بين الأسطح المتلامسة لزيادة كفاءة الآلة، ويعدّ الزيت مكوّنًا أساسيًا لهذه المادة، وتُستخدم الزيوت الصناعية والمعدنية بصورة واسعة في المجالات الصناعية، أما الزيوت النباتية فهي نادرة الاستخدام نظرًا لأدائها السيء في الأجواء الباردة.
وبالإضافة إلى ذلك يمكن التغلّب على أضرار الاحتكاك بالاعتماد على حركة تدحرج الأجسام فوق بعضها بدلًا من الانزلاق.
إصدار الضجيج
يؤدي احتكاك الأجسام المتلامسة إلى إصدار الضجيج المزعج، كما يعاني الناس في المناطق الصناعية من ضرر هذه الضوضاء بصورة كبيرة ويعد البحث عن طريقة تقلّل منها ضرورةً وحاجةً ملحّة.
ويعد التشحيم من الإجراءات التي يمكن أن تخفّف من أصوات ضجيج الاحتكاك خصوصًا بعد صقل الأسطح، إلا أنّ التشحيم يجب أن يكون دوريًا لأن المادة تزول مع استمرار الاحتكاك.
حرائق الغابات
يؤدي الاحتكاك إلى إمكانية اشتعال الحرائق بصورة طبيعية في الغابات، ويحدث هذا من خلال حركة الرياح السريعة المؤدية إلى احتكاك أغصان الأشجار الجافّة بقوّة، ثم اشتعالها.
وينجم عن ذلك العديد من الأضرار سواء أكانت هذه الأضرار على مستوى البيئة المحيطة بالحرائق أو على مستوى أوسع؛ إذ تؤدي الحرائق إلى انبعاث غازات تزيد من خطر الاحتباس الحراري وتلوّث الغلاف الجوّيّ.
يعد الاحتكاك من القوى ذات الإيجابيات والسلبيات، إلا أنّه لا يمكن إنكار فوائده على الرغم من الأضرار التي يسبّبها؛ كضياع الطاقة، وصعوبة الحركة، تآكل الأجسام عند احتكاكها كما في الآلات، والضوضاء الناجمة عن التلامس، إضافةً إلى حرائق الغابات، كما يجب محاولة الحد من بعض هذه الأضرار قدر الإمكان من خلال الاستراتيجيات المتاحة على الرغم من تكلفتها.