بحث عن فضل سورة البقرة
بحثٌ عن فضل سورة البقرة
الشفاعة يوم القيامة
سورة البقرة سببٌ من أسباب الشّفاعة يوم القيامة؛ فقد قال فيها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما، اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ)، والمقصودِ بالزَّهراوين؛ سورتيّ البقرة وآل عمران، وهذا بيان لفضل حفظ سورة البقرة؛ إذ إنَّها تُظلُّ صاحبها يوم القيامة، والزَّهراوان من الأزهر، والمقصود بها المُضيء اللاَّمع، وسُمِّيت هاتان السُّورتان بهذا الاسم لأنَّهما كلام الله الذي لا شكَّ في أنَّه نور مبين، وتنوير للقلب.
وقد جاء أيضاً في فضل سورة البقرة والمداومة عليها قول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (يؤْتَى بالقُرْآنِ يَومَ القِيامَةِ وأَهْلِهِ الَّذِينَ كانُوا يَعْمَلُونَ به تَقْدُمُهُ سُورَةُ البَقَرَةِ، وآلُ عِمْرانَ، وضَرَبَ لهما رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- ثَلاثَةَ أمْثالٍ ما نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ، قالَ: كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ ظُلَّتانِ سَوْداوانِ بيْنَهُما شَرْقٌ، أوْ كَأنَّهُما حِزْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن صاحِبِهِما)؛ أي أنَّ سورتي البقرة وآل عمران تُجادلان وتُدافعان عن صاحبهما حتى تُدخلاه الجنَّة.
طرد الشيطان من البيت
البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة لا مكان فيه للشياطين؛ فقد قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ)؛ أي أنَّ أهل البيت الذين يُداومون على قراءة سورة البقرة يعجز الشيطان عن إضلالهم وإغوائهم، فيبتعد وينفر منهم، وكان التشبيه بالمقابر والذي ورد في الحديث تشبيهاً عميقاً؛ حيث إنَّ المقابر أهلها موتى وكذلك البيوت التي لا يُتلى فيها القرآن، وبالتحديد سورة البقرة؛ إذ إنَّها حياة للبيوت وللقلوب التي تحفظها.
الحفظ والوقاية من السحر
سورة البقرة مدينة القرآن لاشتمالها على أحكام وأمور من شأنها رفع الأمة إلى منازل عالية من التقدّم، فكانت بذلك السبيل للحماية من الشياطين ودجلهم وافترائهم؛ حيث إنَّها تُعجز السَّاحر عن التقرّب من صاحبها وحافظها ومن أدام قراءتها، والسِّحر موجود حقيقةً لا مجازاً فهو قديم منذ أيام التبَّع اليمني، وقد سُحِر النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ، ولكنَّ الإسلام جعل لنا حُلولاً لتجنُّب السحر ومنها قراءة سورة البقرة، أو قراءة مفاتحها، أو خواتيمها.
احتوائها على أصول الدين وفروعه
سورة البقرة فسطاط القرآن أي مدينته؛ حيث ورد في هذه السورة العظيمة العديد من الأحكام، والأوامر، والنواهي، والكثير من المواعظ والعبر، تعلَّمها عمر -رضي الله عنه- في اثنتي عشر سنة وابنه في ثماني سنين، ووعوها لعظمتها، وقد قيل بإنَّ فيها ألف أمر، وألف نهي، وألف حُكم، وألف خبر، وسُمِّيت بالفسطاط والذي يعني المدينة؛ لاحتوائها على معظم أصول الِّدين وفروعه، عدا عن احتوائها على معظم أحكام الدّين، وهي سنام القرآن أيضاً؛ أي ذُروته لاحتوائها على أكثر الأحكام والأصول.
احتوائها على أعظم آية في القرآن
احتوت سورة البقرة على أعظم آية في القرآن وهي آية الكرسي؛ فهي آية واحدة ولكنَّها اثبتت لله الصفات والأفعال، وقال فيها الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (يا أبا المُنْذِرِ، أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟ قالَ: قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: يا أبا المُنْذِرِ أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟ قالَ: قُلتُ: (اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا هو الحَيُّ القَيُّومُ))، فهي بذلك أعظم آية في القرآن، وسيدة آي القرآن، نزلت ليلاً، وجُعلَ ثوابُها عاجلاً وآجلاً؛ فهي تحرس قارءها من الآفات، وقد أقسم الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- لأُبي بن كعب أنَّ لآية الكرسي لسان وشفتان تُقدّسان الله عند العرش،وقد أمرنا الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- بقراءة آية الكرسي بعد كل صلاة مفروضة من باب الاستحباب.
فضل خواتيم سورة البقرة
سورة البقرة سورةٌ عظيمة، وإنَّ عظمها يمتدُّ إلى كلِّ آياتها، وقد ثبت فضلُ من قرأ آواخر آياتها في قول النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال: (مَن قَرَأَ بالآيَتَيْنِ يعني: مَن قَرَأَ بالآيَتَيْنِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ)، وكفتاه؛ أي دفعتا عنه المكروه طوال ليله، وفيهما استسلام وخضوع لله -تعالى- بالإضافة إلى اشتمالهما على دعاء، وقول النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "كفتاه" محمولة على العموم؛ أي أنَّها تكفيه من الشرور كله، كما أنَّ قارئها يأخذ أجر قيام الليل.
ولهذا الفضل العظيم كان حرياً بالمؤمن أن يحرص على قراءة خواتيم سورة البقرة سواءً في الصَّلاة أو في الفراش، كما أنَّ الدُّعاء المذكور فيها خير ما يختم به العبد ليله؛ إذ إنَّ هذا الدُّعاء يشتمل على خيري الدّنيا والآخرة، وعندما نزلت هاتين الآيتين قال عنهما الرّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- إنَّهما نورين خُصَّ بهما عن باقي الأنبياء: (بينما جبريلُ عند النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إذ سمِع نقيضًا من فوقِه، فرفع رأسَه، فقال: هذا بابٌ من السَّماءِ فُتِح اليومَ، ولم يُفتَحْ قطُّ إلَّا اليومَ، فنزل منه ملَكٌ، فقال: هذا ملَكٌ نزل إلى الأرضِ لم ينزِلْ إلَّا اليومَ، فسلَّم فقال: أبشِرْ بسورتَيْن أُوتِيتَهما لم يُؤتَهما نبيٌّ قبلك، فاتحةَ الكتابِ وخواتيمَ سورةِ البقرةِ، لم تَقرأْ بحرفٍ إلَّا أُوتِيتَه).