بحث عن الصدق
مفهوم الصدق
فيما يأتي تعريف للصدق لغة واصطلاحاً:
- الصدق لغة: مصدر من الفعل صَدَقَ يصدق صدقا وتصداقا، ويقال صدّقه أي قَبِل قوله وكلامه، وصَدَقَه الحديث أي؛ أخبره وأنبأه بالصدق.
- الصدق اصطلاحا: هو نقيض الكذب، وذلك بالإخبار عن الأمر والشيء ووصفه على ما هو به، كما عُرِّف بكون القول مطابقاً لما في الضمير والمُخبَر عنه.
- الصدق في الدين الإسلامي: يعدُّ الصدق في الدين الإسلامي من الأخلاق الحسنة المحمودة والتي دعا إليها، بل يعدّ أفضل الصفات على الإطلاق التي يمكن للإنسان التّحلّي بها؛ وذلك لكونه إحدى الدعائم والركائز التي تُساهم في استقامة حياة الفرد، وصلاح العلاقات الإجتماعية بين أفراد المجتمع.
الصدق نقيض الكذب وهو الإخبار والإفصاح عن الأمر على ما هو به دون تغير أو تبديل، كما يعدّ أفضل الصفات الحميدة التي يمكن التحلّي بها.
أنواع الصدق
لا شكّ بأنّ المسلم يحرص أشدّ الحرص على التّحلّي بخلق الصدق ويحرص أن يكون من الصادقين؛ لذا فحريّ به العلم بأنّ كمال الصدق لا يَخلُص إليه إلّا إذا حقق الصدق في أنواعه ومجالاته الثلاثة وهي: صدق الأقوال، وصدق العمل، وصدق النية، وفيما يأتي بيان لكل نوع بشيء من التفصيل:
صدق الأقوال
يتحقق الصدق في القول بأن يعمد المسلم إلى مجانبة الباطل من الكلام؛ كالكذب، والشتم، والسباب، واللعن، والفحش، ومجانبة آفات اللسان؛ كالغيبة، والنميمة، وقول زور.
فإن كان المسلم ممّن يحرص على الدعوة إلى الله -تعالى- واتخذ ذلك منهجاً وطريقاً فإنّ دعوته للناس لا تكون إلّا على بصيرة، وفهم، وتفقه، ومعرفة بالحقّ، والإخبار بالصادق من القصص والأمثال، والإلتزام بالقرآن الكريم، والسنة النّبويّةةالابتعاجد عن كل ما فيه خداع وتدليس.
صدق العمل
يتحقق الصدق في العمل بأن يعمد المسلم إلى أن يجعل أعماله مطابقة للأقوال والحق الذي يحرص على الدعوة إليه، وأن يكون خير مثال يحتذي به في كل ما يدعو إليه، وألا يكون من الذين يقولون ما لا يفعلون، أو يفعلون بخلاف ما يقولون.
صدق النية
يتحقق الصدق في النية بأن يعمد المسلم إلى إخلاص النية لله -تعالى- في سائر العبادات والطاعات وفي الدعوة إليه -سبحانه-، وتصفية قلبه من طلب الجاه والمحمدة والوجاهة والتي إن اخترق شيء منها قلبه لكان ذلك سبب في انتفاء الإخلاص المشروط لقبول عمله.
أمّا إن حقق المسلم الصدق في نيته وقصده يكون ذلك سبباً في أن يورثه الله -تعالى- العزيمة الصادقة، والإرادة القوية التي تمكّنه من متابعة طريقه في الدعوة إلى الله -تعالى-.
يجدر بالمسلم حتى يكون من الصادقين أن يحقق الصدق بأنواعه الثلاث وهي: الصدق في الأقوال، والصدق في العمل، والصدق في النية.
فضل الصدق في الإسلام
يكمن فضل الصدق في الإسلام في عدّة أمور منها ما يأتي:
- الصادق أفضل الناس، وقد دلّ على ذلك ما ثبت عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: (قيل لرسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- أيُّ الناسِ أفضلُ قال كلُّ مخمومِ القلبِ صدوقِ اللسانِ).
- الصدق سبب في نيل محبة الله -تعالى- ومحبة رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إن أحببتمْ أن يُحبّكُّمُ اللهَ -تعالى- ورسُولُه فأدُّوا إذا ائتُمِنْتُمْ، واصدُقُوا إذا حَدَّثْتُمْ).
- الصدق سبب في نيل البركة في الرزق وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:(البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَمْ يَتَفَرَّقا، فإنْ صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما، وإنْ كَذَبا وكَتَما مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِما) .
- الصدق سبب في دخول الجنة وقد دلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ* الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ)، وقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ).
- الصدق من صفات أهل الإيمان والتقوى وقد دلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ)، إلى قوله -تعالى-: (أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).
- الصدق أحد علامات إنتفاء النفاق وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ)، وذكر منها:(إذا حَدَّثَ كَذَبَ).
فضائل الصدق في الإسلام متعددة ومن أهمّها كون الصدق سبب في نيل محبة الله -تعالى- ورسوله -صلّى الله عليه وسلّم-، وسبب في الفوز بالجنة والنجاة من النار.
ثمرات الصدق
هناك العديد من الثمرات والفوائد المترتبة على التّحلّي بخلق الصدق ومنها ما يأتي:
- الحفاظ على نقاء المُعتَقَد وسلامته من لوثات الشرك الخفي وغيره.
- الحفاظ على الإستقامة والثبات عليها، حيث إنّ الصادق يعمد إلى التمسك بمبادئ دينه من عقيدة، وشريعة، ومعاملات، دون أن يكون متذبذباً أو متردداً أو انتقائياً في ذلك بحيث يتمسك بما كان موافقا لهواه ويدع غيره.
- الهمة العالية في النفس والعزيمة القوية التي من شأنها الحث على السير في الطريق إلى الله -تعالى- والدعوة إليه.
- سرعة التيقظ، والتذكّر، والندم على الذنب، حيث قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذينَ اتَّقَوا إِذا مَسَّهُم طائِفٌ مِنَ الشَّيطانِ تَذَكَّروا فَإِذا هُم مُبصِرونَ).
- محبة الصالحين والصادقين وكثرة مجالستهم والإختلاط بهم، لا سيما وأنّ ذلك يعدّ زاداً يستعين به الصادق ويتقوّى للوصول إلى رضا الله -تعالى- لذا قال الله -تعالى- مخاطبا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ وَلا تَعدُ عَيناكَ عَنهُم تُريدُ زينَةَ الحَياةِ الدُّنيا وَلا تُطِع مَن أَغفَلنا قَلبَهُ عَن ذِكرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمرُهُ فُرُطًا).
- نيل ثقة الناس ومحبتهم، وائتمانهم للصادق على جميع معاملاتهم.
- عزة النفس ورفعتها بين أفراد المجتمع.
ثمرات الصدق وفوائده متعددة ومن أهمّها المحافظة على سلامة العقيدة، والثبات على الإستقامة، وسرعة الندم على الذنب والتوبة منه.