بحث حول البيئة
ما المقصود بالبيئة والنظام البيئي؟
يمكن تعريف البيئة (بالإنجليزية: Environment) بأنها الظروف المحيطة بالكائنات الحية، حيث ترتبط الكائنات الحية ببيئتها المحيطة بها لنموها، وتطورها، وحصولها على غذائها، ومسكنها؛ لتعتبر البيئة بذلك نظامًا أساسياً داعمًا للحياة يرتبط بجميع الأنظمة الحيوية في العالم.
بينما يُشير مصطلح النظام البيئي (بالإنجليزية: Ecosystem) وفقًا لعلم البيئة إلى المنطقة الجغرافية بأكملها بما فيها من كائنات حية تعيش فيها ومحيطها التي تتفاعل معه، ليشمل بذلك كلاً من الأجزاء الحية؛ كالإنسان والنباتات، والأجزاء غير الحية؛ كالطقس والتضاريس من حولها؛ أي أن النظام البيئي يعبّر عن المجتمع الذي تتفاعل فيه الكائنات الحية وغير الحية مع بعضها، كما يشمل العلاقات فيما بينهما.
وقد يكون النظام البيئي طبيعياً أو اصطناعياً، برياً أو بحرياً، ومن الأمثلة على الأنظمة البيئية الاصطناعية: الأراضي الزراعية، والحدائق، والمتنزهات، والأحواض المائية.
تختلف الأنظمة البيئية عن بعضها من ناحية حجمها، وبسماتها الحيوية وغير الحيوية أيضًا؛ فبعضها يتمثّل بمياه المحيطات والبحار المالحة، والآخر بالمياه العذبة، بالإضافة إلى الأنظمة البيئية الموجودة على اليابسة.
وتعتبر الأنظمة البيئية المحيطية الأكثر انتشارًا على كوكب الأرض؛ لأنّها تغطي حوالي ثلاثة أرباع سطحه، أما النظم البيئية العذبة فلا تزيد نسبتها عن 1.8% منه، أما الأنظمة الطبيعية الموجودة على اليابسة فتشكّل ما تبقى من النظم البيئية على سطح الأرض.
مكونات النظام البيئي
تتكون البيئة أو النظام البيئي من مكوناتٍ حيوية وأخرى غير حيوية المهمّة في أي نظام بيئي، ومن الأمثلة على المكونات الحية وغير الحية ما يلي:
- تشمل المكونات الحيوية (بالإنجليزية: Biotic Components):
- المنتجات الأولية.
- آكلات النباتات.
- آكلات اللحوم.
- آكلات اللحوم والنباتات.
- الكائنات الكانسة.
- تشمل المكونات غير الحيوية (بالإنجليزية: Abiotic Components):
- ضوء الشمس.
- الحرارة.
- الهطول.
- الماء أو الرطوبة.
- التربة.
تضم المجتمعات الحيوية في أغلب الأحيان ما يُسمّى بالمجموعات الوظيفية (بالإنجليزية: Functional Groupings)، والتي هي عبارة عن فئات حيوية تضم كل فئة منها كائنات حيّة تؤدي جميعها الوظيفة ذاتها في النظام البيئي دون النظر إلى أنواعها؛ فمثلاً تشكّل جميع النباتات التي تقوم بعملية البناء الضوئي أو المنتِجات الأولية مجموعة وظيفية واحدة معاً دون النظر إلى أنواعها المختلفة.
أنواع النظم البيئية
هناك ثلاثة أنواع من الأنظمة البيئية أو المناطق الإحيائية (بالإنجليزية: Biome)، وهي كما يلي:
النظم البيئية المائية (بالإنجليزية: Aquatic Biomes)
وهي تتمثل بالنظم البيئية للمسطّحات المائية؛ مثل: المحيطات، والبحار، والأنهار، والبحيرات، والينابيع، وغيرها، ويمكن تقسيمها إلى أنظمة حيوية أصغر كما يلي:
- النظم البيئية في البرك
مساحتها صغيرة نسبيًا، وتحتوي على العديد من أنواع البرمائيات والحشرات، كما يمكن لها أن تضم الأسماك إلا أنها لن تكون قادرة على الحركة بسهولة فيها كالبرمائيات.
- النظم البيئية النهرية
تعيش فيها الأسماك، والبرمائيات، والحشرات، والنباتات، كما يمكن العثور فيها على بعض الطيور التي تحصل على غذائها عن طريق صيد الأسماك الصغيرة من النهر.
- النظم البيئية في المياه الضحلة
يمكن لبعض أنواع الأسماك الصغيرة والشعاب المرجانية أن تعيش فيها.
- النظم البيئية في المياه العميقة
تضم المخلوقات البحرية الضخمة التي تعيش في أعماق البحار.
النظم البيئية الأرضية
النظم البيئية الأرضية (بالإنجليزية: Terrestrial Biomes) هي الأنظمة البيئية الموجودة على اليابسة، وتشمل: الغابات، والصحارى، والأراضي العشبية، والتندرا، والمناطق الساحلية، وتنقسم إلى ما يلي:
- الغابات المطريّة
تعيش في هذا النظام البيئي العديد من الكائنات الحيّة في منطقة جغرافية صغيرة؛ لذلك تعتبر من أكثر الأنظمة البيئية كثافةً.
- التندرا
يعتبر نظامًا بيئيًا بسيطًا، لوجود القليل جدًا من أشكال الحياة فيه؛ نظرًا للظروف القاسية ودرجات الحرارة شديدة البرودة هناك.
- الصحارى
تشكّل الصحارى نظمًا بيئية شديدة الحرارة على عكس التندرا، وتفضل الحيوانات العيش فيها على العيش في الظروف شديدة البرودة كالتندرا.
- الغابات
تعتبر أنظمة بيئية معقدة، ويمكن لها أن تدعم العديد من أشكال الحياة، وتعتبر الأكثر وجودًا من بين الأنظمة الأرضية الأخرى، ومن الأمثلة عليها: الغابات المدارية، والغابات الصنوبرية.
النظم البيئية في المياه الراكدة
من الأمثلة على النظم البيئية في المياه الراكدة (بالإنجليزية: Lentic Biomes) المستنقعات التي تضم كلًا من الكائنات الحية المائية والأرضية، ويُشترط فيها التعرض لضوء الشمس لضمان حدوث عمليات البناء الضوئي الضرورية لتزويد الكائنات الحية التي تعيش هناك بالكربوهيدرات الضرورية للبقاء.
أنواع التفاعلات في النظم البيئية
تُقسم التفاعلات التي تحدث بين الكائنات الحية في النظم البيئية إلى مجموعتين رئيسيتين، هما كالآتي:
التفاعلات الموجبة
تتمثّل التفاعلات الموجبة (بالإنجليزية: Positive interactions) بمساعدة الكائنات الحية لبعضهم بعضًا ضمن النظام البيئي، وقد تكون هذه المساعدة من طرفٍ واحد، أو تبادلية، وتشمل ما يلي:
- التعايش
(بالإنجليزية: Commensalism) هو علاقة بين كائنين حيَّين بحيث يستفيد أحدهما من الآخر، بينما لا يتأثر الآخر؛ مثل: إنتاج بعض الفطريات السليلوزية لعدد من الأحماض العضوية من السيللوز، فتستفيد البكتيريا والفطريات الغير قادرة على تحليل السيللوز من الكربون الناتج.
- التكافل أو التقايض غير الإلزامي
(بالإنجليزية: Non-Obligatory Mutualism) وهو علاقة بين كائنين حيَّين يستفيد منها الطرفان، ولكن لا تعتبر هذه العلاقة ضرورية وأساسية لبقاء أي منهما على قيد الحياة، ومثال ذلك: عندما تثبّت البكتيريا الآزوتية (بالإنجليزية: Azotobacter) النيتروجين باستخدام السيليلوز كمصدر للطاقة، بشرط وجود محلّلات للسيليلوز لتحويله إلى سكريّات بسيطة، وأحماض عضوية.
- التقايض
(بالإنجليزية: Mutualism)، تعتبر العلاقة الأكثر شيوعًا بين الكائنات الحية، حيث يستفيد منها كلا النوعين، ويتسم هذا التفاعل بأنه اتصال دائم وإلزامي نسبيًا لضرورة بقاء الطرفين على قيد الحياة؛ فمثلاً: تحصل بعض الكائنات؛ كالنحل، والفراشات، والعث، وغيرها على غذائها من النباتات، وتلقّحها في الوقت نفسه لتستفيد النباتات من ذلك، كما يعتبر تثبيت النيتروجين التكافلي بين البقوليات والريزوبيوم مثالًا آخر على التقايض.
التفاعلات السالبة
تضم التفاعلات السالبة العلاقات التي قد تؤدي إلى إلحاق ضرر بأحد الطرفين؛ مثل: التنافس على الطعام، أو حين تأكل بعض أنواع الكائنات الحية أنواعًا أخرى من الكائنات، وتمثّل النقاط الآتية أهم هذه التفاعلات:
- التنافس
(بالإنجليزية: Competition) هي الحالة التي يتنافس فيها نوعان من الكائنات الحيّة للحصول على المغذيات، أو مساحة معيّنة، أو أي حاجةٍ أخرى عند وجود كميات محدّدة منها، لينتهي الأمر بتغلّب أحدهما على الآخر؛ كالعلاقة بين فطر الفيوساريوم أوكسي سبورم أو المغزلاوية حادة الأبواغ (بالإنجليزية: Fusarium oxysporum) وإحدى أنواع البكتيريا الأجرعية (بالإنجليزية: Agrobacterium Radiobacter).
- الافتراس
(بالإنجليزية: Predation)، وهي العلاقة التي تصف الحالة التي يقتل فيها المفترِس -وهو الكائن الحي الذي يتغذى على الأنواع الأخرى- كائناً آخر لأكله، ومعظم الكائنات المفترسة هي من الحيوانات، إلا أن هناك بعض النباتات التي تعتبر آكلةً للحوم أيضًا؛ كبعض النباتات مثل الدروسيرا التي تتغذى على الحشرات والحيوانات الصغيرة، وهناك أيضاً بعض الأوليات التي تتغذى على البكتيريا.
- التطفّل
(بالإنجليزية: Parasitism)، الكائن الطًفيلي هو الذي يعيش على أو داخل أجسام الكائنات الحية الأخرى (كائنات مُضيفة)، ويحصل على غذائه من أنسجتها، ويختلف عن الكائن المفترِس بأنه لا يقتل مُضيفه بل يستفيد منه؛ مثل نباتات الكوسكوتا التي تنمو على نباتات أخرى وتعتمد عليها في الحصول على غذائها.
- التضاد الحيوي
(بالإنجليزية: Antibiosis)، هي الظاهرة التي يُنتج فيها كائن حي مادة تُدعى المضاد الحيوي بتركيزٍ منخفض يمنع نمو كائن حي آخر؛ مثل: البنسلين، والستربتومايسين، وترايكودراما هارزيانم التي تمنع نمو فطر الريزوكتونيا.
أسباب تلوث البيئة
يُوجد العديد من الأسباب التي تؤدي إلى تلوث البيئة، وهي كالآتي:
- انسكاب النفط والزيت في الماء
يؤدي انسكاب النفط والزيت في الماء إلى تلوث البيئة وخاصة البحار ، إذ يُؤدي الزيت المنسكب في الماء إلى قتل الحيوانات البحرية، ثم تحللها ويزيد ذلك من التلوث البيئي أيضًا.
- الأبخرة والأدخنة المتصاعدة من الصناعات
والتي تسبب تلوث البيئة، وتُقلل أيضًا من كمية الأكسجين في الهواء.
- المواد الكيميائية الناتجة عن الكيماويات الزراعية
والتي تؤثر على البيئة وتُزيد من تلوثها، كما تؤثر المعادن الثقيلة داخلها على الأجهزة التنفسية للكائنات الحية، كما أن لها أثرًا طويل الأمد، إذ تؤثر في السلاسل الغذائية وتُسبب القتل عند أعلى مستوى غذائي.
- تآكل التربة
والذي يعد سببًا في تلوث البيئة من خلال تراكم الطمي الناتج عنها في المسطحات المائية، ممّا يجعلها غير صالحة للاستهلاك، كما يسد الطمي الأجهزة التنفسية للكائنات المائية، مثل: الثغور داخل النباتات، وخياشيم الأسماك.
- حرق الوقود الأحفوري
والذي يؤدي إلى إطلاق غازات ومواد كيميائية سامة في الهواء، ممّا يُؤدي إلى تلوثه.
الآثار الناتجة عن تلوث البيئة
فيما يأتي أبرز الآثار الناتجة عن تلوث البيئة:
- يُسبب تلوث الهواء تغير المناخ بشكل كبير
يُسبب الهواء الملوث المُحمل بثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان ارتفاع درجة حرارة الأرض، وعندما يتفاقم ازدياد درجة حرارة الطقس وتزداد نسبة الأشعة فوق البنفسجية يتشكل الضباب الدخاني وهو نوع آخر من التلوث.
- يُسبب تغير المناخ الناتج عن تلوث الهواء إنتاجًا لملوثات هواء مُسببة للحساسية
يشمل ذلك كلًّا من العفن الناتج بسبب زيادة الفيضانات، والرطوبة الناجمة من ظروف الطقس الشديدة، وحساسية حبوب اللقاح الناتجة عن زيادة طول موسم حبوب اللقاح نتيجة تغيّر المناخ.
- يؤثر الضباب الدخاني والملوثات المُسببة للحساسية في صحة الإنسان
إذ تُسبب تهيجًا في العيون والحلق، وتضر بالرئتين وخاصةً للأطفال وكبار السن ومن يمارسون الرياضة في الخارج، كما أنّها من الممكن أن تؤدي إلى نوبات الربو، والنوبات القلبية، والتهاب الشعب الهوائيّة.
- تُسبب الغازات السامة المنبعثة من احتراق الغازات والفحم أمراضًا حادة
تشمل تلك الغازات السامة المنبعثة: الزئبق، والرصاص، والديوكسينات ، وقد تُسبب تهيج العين، والرئة، والجلد، وحدوث اضطرابات في الدم، وأضرارًا في الجهاز المناعي والعصبي والغدد الصماء، وتؤثر أيضًا على الوظائف التناسلية في جسم الإنسان.
- يُسبب ارتفاع مستويات سطح البحر بطريقة غير مباشرة
تُسبب الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي وزيادة درجات الحرارة في ارتفاع مستويات سطح البحر، وانتقال الأمراض المُعدية، ممّا يُزيد من نسبة الوفيات المتعلقة بالحرارة.
كيفية حماية البيئة من التلوث
تُوجد العديد من الأمور البسيطة التي يُمكن اتّباعها لحماية البيئة من التلوث، وهي كالآتي:
- التقليل من رمي المُخلفات وإعادة تدويرها واستخدامها للحفاظ على نظافة الموارد والمساحات الطبيعية.
- التطوّع والمشاركة في تنظيف المجتمع والمسطحات المائية.
- التعزيز من التثقيف الخاص بحماية البيئة، ومساعدة الآخرين على فهم أهميتها وأهمية مواردها الطبيعية.
- التقليل من استخدام المياه، وبالتالي التقليل من مياه الصرف الصحي التي تُسبب تلوّث المحيط.
- استخدام حقائب التسوق القابلة لإعادة التدوير والاستخدام، وتجنّب شراء العبوات البلاستيكية قدر الإمكان.
- استخدام المصابيح المستدامة والموفرة للطاقة، للتقليل من انبعاث غازات الاحتباس الحراري.
- زراعة الأشجار بكثرة، لأنّها تزوّد الهواء بالأكسجين وتُنقيه وتُحافظ على المناخ من التغير.
- استخدام مواد كيميائية غير سامة في المنزل، وتجنّب وصول أي مواد كيميائية سامة إلى المجاري المائية.
وظائف البيئة
للنظام البيئي العديد من الوظائف ومن أهمّها:
- تنظيم العمليات البيئية الأساسية، ودعم الأنظمة الحياتية، بالإضافة إلى دوره المهم في استقرارها.
- تدوير المغذيات بين المكونات الحيوية وغير الحيوية.
- المحافظة على التوازن بين مختلف المستويات الغذائية في النظام البيئي.
- تدوير المعادن عبر المحيط الحيوي.
- تساهم المكونات غير الحيوية في تصنيع المكونات العضوية التي ترتبط بدورها بعمليات تبادل الطاقة.