بحث حول الآفات الاجتماعية
مفهوم الآفات الاجتماعية
يُشير مصطلح الآفات الاجتماعية إلى تلك الحالة أو النوع من السلوك الإنساني الذي تعتقد شريحة واسعة من الناس بأنه مضّر للفرد والمجتمع، كونها تؤثر على واقع وجود الأفراد وحياتهم الشخصية فتصبح مشاكل اجتماعية تحظى بالاهتمام العام.
أمثلة على الآفات الاجتماعيّة
التدخين
يعتبر التدخين من أكثر الآفات الاجتماعية التي انتشرت بشكلٍ كبير بين الناس ، على اختلاف أعمارهم وأجناسهم، رغم ما يحمله من مخاطر صحية كبيرة تتمثل برفعه لخطر الإصابة بأمراض القلب التاجية والسكتة الدماغية من مرتين إلى أربع مرات، وزيادة نسبة الذين يصابون بسرطان الرئة.
يتطلّب أمر التخلص من آفة التدخين جهوداً تتضافر بها كافة مؤسسات الدولة وأفرادها، وفيما يأتي صور للجهود الوقائية التي تتبعها بعض المؤسسات في الدول، ومنها:
- زيادة ضريبة الاستهلاك المترتبة على شراء السجائر.
- وضع الملصقات التحذيرية على عبوات السجائر.
- تقييد القدرة على صناعة التبغ.
- تقييد قدرة القاصرين على شراء التبغ، واتباع سياسات صارمة وواضحة لمنع تدخين التبغ.
- وضع نهج متكامل يتضمن تدريب معلمي المدارس وإشراك أولياء الأمور في عملية المكافحة.
- زيادة الحملات التي تدعو إلى الابتعاد عن التدخين، لتشمل الإعلانات الدعائية، والحملات الموجهة عن طريق الراديو، والمطبوعات، والحملات الإعلانية.
فيما يتلخص دور المدارس في الوقاية من هذه الآفة بتطبيق ما يأتي من تدابير:
- إخضاع الطلاب لتدريبٍ على المهارات الاجتماعية بدافع تحصينهم ضد تأثير الأقران الذين يمارسونه لجذبهم لتجربة التبغ.
- اتباع سياسات صارمة وواضحة لمنع تدخين التبغ.
- وضع نهج متكامل يتضمن تدريب المعلمين وإشراك الأسر وأولياء الأمور في عملية المكافحة.
المسكِرات
لا يقتصر ضرر المسكرات على الفرد فقط بل يتعداه ليؤثر بشكل سلبي في المجتمع، وفيما يأتي توضيح لذلك:
- تُسبّب المسكرات حوادث متنوعة نتيجة فقدان الوعي الجزئي الذي يشعر به الشخص المخمور.
- يؤثّر بشكل خطير على سلامة الجسم لما يُؤديه من مشكلات صحية تتمثل بأمراض الكبد، بل وتتعداها إلى فقدان الذاكرة، والذهان في حالات الإفراط فيه.
- تؤدي هذه الآفة الخطيرة إلى مشكلات اقتصادية واجتماعية.
يكون التخلّص من مشكلة تعاطي الكحول بقرار مصدره الشخص نفسه، وينصح باللجوء إلى العلاج المتخصص التي يجب على الدولة توفيرها لتلّقي أنواع العلاج المتاحة بالانضمام إلى مجموعات الدعم والتدريب دون إغفال دور الأسرة المهم في تخليص الشخص من إدمانه هذا.
المخدرات
يُؤثّر تعاطي الفرد للمخدرات في أصعدة عدة، فإلى جانب ما يقوم به هذا السلوك من تدمير لعلاقات الفرد الاجتماعية، يمكن لتعاطي المخدرات أن يُؤثّر بشكل سلبي على صحة المتعاطي كالآتي:
- تدمير أنظمة الجسم ووظائفه الحيوية أيضاً؛ ممّا قد يتسبّب للفرد بالموت أو بالعجز الدائم.
- التأثير على الحالة الصحية للدماغ، ففي دراسة أجرتها جامعة كامبريدج تبيّن أنّ الكوكايين مثلاً يجعل الدماغ سريعاً جداً ممّا يؤدي إلى فقدان المتعاطين لضِعف حجم الدماغ سنوياً مقارنة بنظرائهم من غير المتعاطين.
- تُسبّب بعض أنواع المواد المخدرة أمراض احتشاء عضلة القلب أو اعتلالها، أو حتى تفاقم أمراض القلب إن وجدت.
- التسبّب بأمراض تنفسية عدة ومشكلات في الدورة الدموية وضغط الدم.
يتمثّل حل مشكلة تعاطي المخدرات على الصعيد الوطني باتخاذ إجراءات عدة، منها ما يأتي:
- تنفيذ عدة مشاريع وقائية وعلاجية من قبل الجهات المتخصصة.
- تشجيع برامج مكافحة غسيل الأموال المرتبطة بسوق المخدرات.
أمّا عن دور مؤسسات التعليم في الوقاية من آفة المخدرات فيكون باتّباع الآتي:
- غرس القيم الإيجابية وتدعيم الوازع الديني الذي يشكل رادعاً ضد هذه الآفة من خلال المناهج التي تعطى فيها.
- تعريف الطلبة بأضرار هذه المواد عن قرب عن طرق دراسة ما تسببه للفرد من مضار نفسية وصحية.
- تفعيل دور الأخصائيين النفسيين المتمثل في مراقبة الطلبة وسلوكهم خلال اليوم الدراسي؛ لتجنيبهم هذه الآفة، بالإضافة إلى تقوية حلقة التواصل بينهم وبين الأهل.
التشرُّد
يُعرَّف التشرُّد وفقاً لمنظمات صحية دولية بأنّه عدم إيجاد الشخص لمكان يسكنه ويأويه، أو هو اضطراره للإقامة في المرافق الحكومية والخاصة (الملاجئ) التي توفر الإقامة المؤقتة ليلاً، فيما يقضي المشردون معظم يومهم في الطرق، كما يمتد التعريف ليشمل فئة الأشخاص الذين يُجبرون على العيش مع عائلات أخرى كفرد من أفرادهم لعدم المقدرة على البقاء والعيش مع العائلة الأصل نظراً لظروف قاهرة لا يمكنهم التغلب عليها أو التكيف معها.
يترتّب على التشرد آثار سلبية عديدة تنعكس على المجتمع حيث تخلق حالة الظلم المجتمعي الذي يعانيها الفرد المشرد، وعدم تحقيقه لمفهوم الرفاه الاجتماعي إلى حالة من الانقسام المجتمعي الأمر الذي يؤدي بدوره إلى ضعف في النسيج المجتمعي نفسه؛ مما يؤدي إلى انهياره في النهاية.
الانتحار
يُعدّ الانتحار الذي يُعرّف بأنه قتل المرء لنفسه السبب العاشر للوفاة في الولايات المتحدة على سبيل المثال، ويكون السلوك الانتحاري عادةً ناتجاً عن أحد الأسباب الآتية:
- اضطراب أساسي في صحة الفرد العقلية، مثل: الاكتئاب، أو انفصام الشخصية، أو الاضطراب ثنائي القطب حيث يُنصح حينها بإحالة الشخص إلى أخصائي صحة عقلية.
- قد يأتي سلوك الانتحار نتيجة لبعض الظروف المحيطة بالفرد، مثل: الفقر، أو البطالة، أو السجن أو غيرها من أسباب.
- قد يكون نتيجة تعاطي بعض المواد، مثل: الكحول، أو بعض العقاقير، أو المخدرات.
الرشوة
تعرّف الرشوة بأنّها تقديم مبلغ مالي معين أو شيء مادي ذي قيمة للتأثير على شخص ما وإقناعه بفعل معين بطرق لا تتفق مع واجباته؛ للحصول على منفعة معينة في الحياة اليومية، وتعد الرشوة شكلاً من أشكال الفساد غير القانوني بسبب ما تحمله من دلالات غير أخلاقية تهدف إلى تحقيق مصالح معينة بطرق غير مشروعة.
التمييز العنصري
يوصف التمييز العنصري أو كما هو معروف بالعنصرية بأنه أيدولوجية تقوم على تقسيم البشر وفقاً لكيانات بيولوجية معينة كأجناس، حيث تربط من خلالها بين الصفات الشخصية التي يحملها ذلك الفرد وسماته الجسدية الموروثة، وعلى الرغم من وضع التدابير الدستورية والقانونية اللازمة لحماية حقوق الأقليات إلا أن ظاهرة العنصرية ما زالت منتشرة في بعض المجتمعات كآفة اجتماعية خطيرة.
الفساد الإداري
الفساد هو استغلال بعض أصحاب النفوذ ومواقع السلطة لمناصبهم بشكل غير نزيه عن طريق المعاملات غير السليمة، أو قبول الرشاوى، أو غسيل الأموال وتحويلها؛ لتحقيق مصالح شخصية مما يؤدي إلى فقدان ثقة الأفراد في هذه المؤسسات وممارساتها.
العنف
يعرّف العنف على أنّه سلوك بدني أو لفظي يُمارس تجاه شخص ما بهدف إيذائه نفسياً أو جسدياً أو كليهما ، ويشمل العنف أنواع متعددة من السلوك مثل القتل، والاعتداء، والسرقة، والاغتصاب وغيرها، كما يُشار إلى عدم وجود عامل وحيد يفسر هذه الظاهرة لدى مرتكبيها إلا أنه قد يُعزى إلى عدة عوامل منها الاستعداد الوراثي، أو سمات الفرد الشخصية نفسه، أو التعرض لإساءة المعاملة والإهمال كطفل.
أسباب انتشار الآفات الاجتماعيّة
تتعدد أسباب انتشار الآفات في المجتمع، ومنها الآتي:
- الفقر الذي يؤدي إلى الجوع.
- البطالة التي تؤدي إلى الإحباط.
- زيادة النمو السكاني الذي يُسبّب زيادة الضغط على الموارد.
- التحضر والذي يُقصد به انتقال السكان من المناطق الريفية إلى الحضرية.
- قلّة مستويات التعليم وما يترتّب عليه من نقص في فهم العواقب والأضرار الناتجة عن ممارسة الآفات الاجتماعية.
- الخرافات والمعتقدات الشائعة المنتشرة في المجتمعات.
- التعصّب لجنس معين، والتمييز بين أحد الجنسين.
- التعصّب لطبقات معينة من المجتمع والذي يؤدي إلى شعور الآخرين بالظلم وعدم المساواة.
- عدم توعية صغار السن بالآفات الاجتماعية المنتشرة؛ ممّا يؤدي إلى سهولة انحرافهم وممارستهم للسلوكيات غير السوية نتيجة جهلهم بأضرارها.
- الطمع وحب السيطرة والهيمنة، وعدم تطبيق الأنظمة بشفافية، وانعدام الضوابط التي تحكم السلوكيات المنحرفة.
طرق للتخلص من انتشار الآفات الاجتماعيّة
تُوجد الكثير من الطرق التي تُساعد على التخلص من الآفات الاجتماعية، ومن أبرزها ما يأتي:
- توفير التعليم وزيادة المنح والفرص الدراسية من أجل تمكين فئة أكبر من الحصول على التعليم.
- توفير فرص عمل مناسبة للأشخاص العاطلين عن العمل في المجتمع، وتوفير فرص تدريب وتعليم موجّهة نحو ما يحتاجه سوق العمل.
- توعية جميع أفراد المجتمع حول ضرورة تنظيم الأسرة.
- بذل الجهود لجعل الأفراد أكثر وعيًا في إدراك أضرار ونتائج الآفات الاجتماعية على الفرد والمجتمع، وذلك من خلال عرض برامج إعلانية خاصة بالحديث عن الآفات الاجتماعية ومخاطرها من أجل نشر التوعية المختلفة بين جميع شرائح المجتمع.
يُشير مصطلح الآفات الاجتماعية إلى ممارسة سلوك غير سوي يُلحق الضرر بالشخص الذي يُمارسها وبأفراد المجتمع أيضاً، وتتعدّد الآفات المنتشرة في المجتمعات، مثل: التدخين، وتعاطي المخدرات، والتشرد، والانتحار، والرشوة، والتمييز العنصري، ويحدث ذلك نتيجة لأسباب عدّة؛ كالفقر، والبطالة، والأمّية، والفساد الناتج عن الطمع، وانعدام الشفافية، ويُذكر أنّ هناك طرق متنوعة لعلاج انتشار الآفات الاجتماعية، منها: القضاء على البطالة بتوفير فرص عمل مناسبة.