النوستالجيا في علم النفس
النوستالجيا في علم النفس
قد يرتبط هذا المصطلح بخسارة تسبب لنا انزعاجًا كبيرًا أو شعورًا جيدًا، لكن يتخلله شعور بالألم في تذكر أنه لم يعد موجودًا مرة أخرى في حياتنا. والنوستالجيا أو "الحنين" هو شعور يغزو أجسادنا عندما نفكر في الماضي، وأصل الكلمة أتت من اللغة اليونانية "nostos" التي تعني الرجوع و"algos" التي تعني الألم.
لقد كان يُنظر إلى النوستالجيا على أنها اضطراب عقلي ، لكن اليوم، تغيرت الفكرة حول هذا المفهوم، ولقد أصبح يُنظر إليه بإيجابية أكثر، فهو يُساعد الشخص على تذكر الذكريات الجميلة التي حدثت له في الماضي، ويَشعر بالحنين إليها كثيرًا، لهذا السبب ارتبطت به الأدبيات الرومانسية.
"النوستالجيا" اصطلاحًا هو الحنين إلى ماضي، أو هو حالة عاطفية نصنعها نحن في إطارٍ معين وضمن وقت ومكان محددين، أو يمكن أن توصف بأنها عملية يتم فيها استرجاع مشاعر عابرة ولحظات سعيدة من الذاكرة والتخلص من المواقف والذكريات السلبية، وتجدر الإشارة إلى أن نسبة 80% من الناس يشعرون بالنوستالجيا مرة على الأقل أسبوعياً.
أنواع النوستالجيا
تتضمن ما يأتي:
- النوستالجيا المتصالحة: وهي النوع الذي يحاول فيه الشخص إعادة بناء أو استعادة الطريقة التي كانت عليها الأشياء في الماضي.
- النوستالجيا المنعكسة: وهي حالة الانعكاس إلى مشاعر الشوق والحنين مع قبول أن الماضي كما هو دون تغيير.
آلية النوستالجيا
يُعزى علماء النفس أنّ النوستولوجيا هي آلية دفاع يستخدمها العقل لرفع المزاج وتحسين الحالة النفسية ، فهي تكثر في حالات الشعور بالملل أو الشعور بالوحدة خاصة عند كبار السن، أي عند شعور الإنسان بأنّ حياته فقدت قيمتها، فيقوم العقل باستدعاء ذكريات الماضي واللحظات السعيدة والدافئة، فتبعث في نفسه تلك الذكريات دفعة من الأمل والشعور بالسعادة، الأمر الذي يساعده على الاستمرار في حياته، فالنوستالجيا أحد السبل الناجحة التي تحد من الاكتئاب بشكل مؤقت، فيشعر الشخص بأنّ حياته البائسة كانت ذات قيمةٍ يوماً ما.
تُشير بعض الدراسات إلى وجود علاقة وثيقة بين انخفاض الثقة بالنفس والشعور بالوحدة، فالأشخاص الذين ينخفض لديهم مستوى الثقة بالنفس، يُعانون من حالة الوحدة في بعض الأحيان. لكن قد يُخفف وطأة هذا الأمر أنّ الشعور بالوحدة يدفع المرء إلى العودة إلى اللحظات السعيدة في الماضي، وهذا بدوره يساهم في تعزيز الثقة الاجتماعية لدى الشخص، مهما بلغت وحدته والشعور بشكل أفضل.
إيجابيات النوستالجيا
للنوستالجيا انعكاسات إيجابية على الصحة النفسية ، ومنها:
- تُعطينا النوستالجيا دفعة نحو المستقبل، فهي تُحسِن من حالتنا النفسية، وعندما يشعر الإنسان براحة نفسية يعمل ذلك على رفع مستوى كفاءته في العمل والنجاح في مسيرته.
- تعزز العلاقات الاجتماعية، فهي تزيد من رغبتنا في التواصل الاجتماعي، خصوصاً مع الأشخاص الذين يرتبط الماضي بهم كالأهل وأصدقاء الطفولة.
- يجعلنا الشعور بالحنين أكثر عطفًا وأمنًا وأكثر دفئًا، وبذلك نستطيع القول، إنها حالة نافعة، فهي تعزز السلام الداخلي للأشخاص.
- إن النوستالجيا تجعل الأشخاص أكثر انسجامًا مع الحياة، وأكثر تفاعلًا وتقبلاً للتكيف مع تقلبات الحياة التي ستواجهنا.
- تعزز رغبتنا في الاستمرار بالعيش وتدفعنا لخوض تجارب جديدة.
- تعزز من المزاج الجيد، والتفكير الإيجابي، واحترام الذات، والتفاؤل بشأن المستقبل.
- تساعدنا النوستالجيا على زيادة التركيز، وتحقيق أهدافنا الحياتية المهمة.
- تمنح الشخص الشعور بالحيوية والنشاط والشباب.
- تشبه بشكل كبير رياضة التأمل أو اليوجا، والتي تخفف عنا ضغوطات الحياة المختلفة.
متى تصبح النوستالجيا حالة مرضية؟
لا شك أن الحنين إلى الماضي بتفاصيله شيء جميل ويمدنا بسعادة وراحة، ولكن تكمن الخطورة عند الرغبة في إدمان استرجاع اللحظات المعاشة سابقًا، وفي المبالغة باللجوء إلى الحيل الدفاعية النفسية مثل النكوص "ممارسة سلوكيات لا تتناسب مع العمر"، و" أحلام اليقظة "، و"الإنكار لحقائق الواقع"، فهذا هو الخطر الوحيد وراء النوستالجيا، والذي يكمن عندما نتوقف عندها أو عندما نفهمها بطريقة غير صحيحة، ولا نرغب في تخطيها أو تركها وإعاقة حياتنا الواقعية والمستقبلية.