الفرق بين الخلع القضائي والخلع الرضائي
تعريف الخلع الرضائي
يُقصد بالخلع الرّضائي اصطلاحاً: طلب الزّوجة من الزوج الفراق بإزالة عقد النّكاح بينهما مقابل عوض يأخذه الزّوج من الزّوجة بالتّراضي بينهما، بلفظ الخلع أو بألفاظ مخصوصة.
قال الله -تعالى-: (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، فلا حرج من تقديم الزّوجة العوض، ولا مانع من أخذ الزّوج ذلك العوض لإزالة عقد النّكاح بينهما.
أسباب الخلع الرضائي
جعل الله -تعالى- الطّلاق بيد الرّجل؛ لأنّه أكثر قدرة على التحكّم بغضبه وانفعالاته، لكن للمرأة أيضاً حقّ في إنهاء عقد الزّواج بالخلع الرّضائي عند وجود سبب من أسبابه؛ والتي سنذكرها فيما يأتي:
- يحقّ للزّوجة الخلع الرّضائي إذا كرهت خُلقاً من أخلاق زوجها
- كالبخل مثلاً فإنّه يحق لها الخلع الرّضائي، أمّا خُلق الزّوج الذي فيه إيذاء للزّوجة؛ كضرب الزّوجة وظلمها، فإنّه يستلزم أن ترفع الزّوجة أمرها للقاضي لإجراء الخلع القضائي.
- يحقّ للزّوجة الخلع الرّضائي إذا نفرت من شكل زوجها
- فلم يعجبها شيء في جسده أو أنّها لم تعد تحبّه ولا تستطيع الاستمرار معه بعقد الزّواج، أمّا إذا ظهر في الزّوج عيب خَلقي مثل البرص، والجذام، والجنون، أو عيب لا تستطيع معه الجماع فيحقّ لها فسخ العقد بخيار العيب.
- يحقّ للزّوجة الخلع الرّضائي من الزّوج إذا كان مقصّراً ناقصاً في دينه
- كمن يستبيح بعض المحرّمات، والزّوجة تكره هذه المحرّمات وتنفر من فاعلها فتطلب الطّلاق؛ فإن لم يستجب؛ يحقّ لها مخالعته.
- يحقّ للزّوجة الخلع الرّضائي إذا خافت أن يلحق به الإثم لعدم قدرتها على أداء حقّ الزّوج عليها
- كأن يكون الزّوج شديد الشهوة وهي لا تستطيع القيام بكامل حقوقه، فتخشى على زوجها الوقوع بالحرام، وتخشى على نفسها الإثم، فيحقّ لها الخلع لعدم مقدرتها على الاستمرار في الحياة الزوجيّة.
تعريف الخلع القضائي
يُقصد بالخلع القضائي اصطلاحاً: إرادة الزّوجة إنهاء عقد الزّواج بينها وبين زوجها من غير رضى الزّوج، وذلك باللّجوء للقاضي بلفظ الخلع أو بلفظ يقتضي معنى الخلع، ويقع الطّلاق بائناً بالخلع عند جمهور الفقهاء.
الحكمة من الخلع القضائي
تلجأ الزّوجة إلى القضاء في بعض الحالات لإنهاء عقد الزوجيّة بينها وبين زوجها؛ لدفع الضّرر الحاصل لها، ومن أجل الحصول على حقوقها ورفع الظلم الواقع عليها عند عدم قبول الزّوج الخلع بالتراضي؛ فقد شرع الله -تعالى- للقاضي أن يتّخذ قراراً بإنهاء عقد الزوجيّة عند تضرّر الزّوجة وعدم قبول الزّوج إنهائه بالتراضي بينهما.
حقوق الزوجة بعد الخلع القضائي
يحقّ للزّوجة بعد قيام القاضي بإقرار الخلع القضائي بينها وبين زوجها أمور كثيرة، منها: العدّة؛ فتثبت العدّة للزّوجة المدخول بها مدة ثلاثة أشهر إذا لم تكن من ذوات الحيض، وثلاثة قروء إذا كانت من ذوات الحيض، أمّا إذا كانت الزوجة حاملاً فعدتها تنتهي بوضع حملها، ويثبت نسب الجنين للزوج، ويحق للمرأة بعد الخلع القضائي النفقة الزوجيّة.
أدلة على مشروعية الخلع
وردت مشروعيّة الخلع بالقرآن الكريم والسنّة النبويّة، وأجمع علماء الأمّة الإسلاميّة على جواز الخلع بين الزّوجين، وسنذكر فيما يأتي بعض الأدلّة الشرعيّة الواردة في جوار الخلع:
- قوله -تعالى-: (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
- دلّت الآية الكريمة على جواز الخلع بين الزّوجين مقابل تقديم الزّوجة للعوض المالي للزّوج، ولا مانع من أن يأخذ الزّوج العوض المالي مقابل إنهاء عقد الزّواج بينهما.
- ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ بنِ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما أنْقِمُ علَى ثَابِتٍ في دِينٍ ولَا خُلُقٍ، إلَّا أنِّي أخَافُ الكُفْرَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَتَرُدِّينَ عليه حَدِيقَتَهُ؟ فَقالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْ عليه، وأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا).
- فدلّ الحديث على جواز الخلع بين الزوجين مقابل إرجاع الزّوجة المهر لزوجها، أو مقابل أيّ عوض مالي يتّفق عليه الزّوجين من أجل إنهاء عقد الزوجيّة بينهما.