العصور الوسطى عند المسلمين
العصور الوسطى عند المسلمين
تعتبر الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى من أفضل الحضارات عبر التاريخ، فقد كانت حضارة عالمية، استفاد المسلمون من تراث الحضارات والأمم السالفة حتى إنها أخذت من التراث الخاص ببعض الحضارات؛ كالحضارة الفارسية والهندية واليونانية.
تمكّن المسلمون من ترجمة العلوم والثقافات النابعة من هذه الحضارات، وفي بعض الأحيان كانت تعدل بعض النصوص ويُضاف إليها لإكمال ما فيها نقص، ولإلغاء ما لا يتسق مع طبيعة الدين الإسلامي والنفس البشرية، وتعتبر إسهاماتها أفضل الإسهامات في العالم وفي شتى المجالات، فنالت إعجاب العالم بأسره، وفيما يأتي نبذة عن العصور الوسطى عند المسلمين:
إسهامات المسلمين في العصور الوسطى
أهم ما ميّز المسلمين في العصور الوسطى هو سعيهم الدؤوب إلى التجديد والإبداع وبغضهم ورفضهم للتقليد، وانعكس ذلك على التقدم العلمي والمعرفي والثقافي الذي شهدته هذه الحضارة، وقد برز وذاع صيت الكثير من علماء العرب المسلمين في عدة مجالات علمية، والتي كانت بمثابة حجر الأساس لعدد كبير من العلوم، مثل علم الكيمياء ، وعلم الفيزياء، وعلم الأحياء، وعلم الجبر، والرياضيات، والفلسفة، وغيرهم.
كما ازدهر في ذلك الوقت الجانب الفني المعماريّ، فقد سعى عدد كبير من المسلمين وأتقنوا أصنافًا من الفنون، ومنها فن العمارة، وفن الزخرفة، والدليل الأبرز على ذلك هي النقوشات والزخارف الإسلامية على المساجد والقصور، كما نجد هذا الإبداع في البناء والمعمار في المساجد.
أثر الترجمة العربية
مما لا شك فيه أنه لولا الترجمة العربية للمعارف اليونانية واللاتينية لخسرت البشرية كنوز العلوم والإبداع الإنساني التي نشأت عن حضارة ومبدعي ومفكري اليونان، وهذا ما اعترفت به مجامع الغرب المنصف حين أكدت وأشادت على فضل الحضارة العربية في ترجمة العلوم اليونانية واللاتينية إلى اللغة العربية.
فقد حرصت على حفظها من الضياع عبر مراحل الزمن إلى أن بدأ الأوروبيون مع انتهاء العصور الوسطى في ترجمة تلك الكلاسيكيات النفيسة من العربية إلى اللاتينية وإلى عدة لغات أوروبية.
كان في ذلك فاتحة المرحلة التي أطلقوا عليها اسم (الرينسانس)، وتعني الإحياء أو الانبعاث، وهي عصر النهضة الأوروبية التي تعتبر بداية الإنجاز الأوروبي، وقد عاش العالم العربي مرحلة تنوير في العصور الوسطى بينما كان العالم الأوروبي غارقًا في الجهل والظلام.
إنشاء المدن في الشرق خلال العصور الوسطى
في الوقت الذي كانت فيه الدولة الأوروبية تسقط وتتهاوى نجد مدنًا جديدة تنشأ في الشرق، وكان إنشاء بغداد عام 145هـ ضمن مجموعة من المدن الجديدة التي تم تعميرها في بلاد ما بين النهرين .
أي أنّ التدهور العمراني الحضري الذي عرفت فيه الثقافة الأوروبية في العصور الوسطى المبكرة لم يشمل العالم الإسلامي، أو يمكن القول أنه تم التغلب والسيطرة عليه بذكاء وسرعة، فكان الشرق عامرًا بالمدن، وفيها حرف متقدمة، وأسواق جميلة مزينة، وعلماء عاكفون ومهتمون بالعلوم، وفئة من المجتمع تتذوق الشعر والأدب وتنهال على المعرفة.