العالم شرودنغر
إرفين شرودنغر
إرفين رودولف شرودنغر (بالإنجليزيّة: Erwin Rudolf Schrodinger) هو العالِمُ الفيزيائيُّ النمساويُّ، وُلِدَ في النمسا في مدينةِ فيينا في الثاني عشر من شهرِ آب/أغسطس من العامِ ألفٍ وثمانمئةٍ وسبعةٍ وثمانين، وهو الطفلُ الوحيدُ لأبويه، حيث كان والدُه ينتمي إلى أسرةٍ بافاريّة استقرّت في فيينا منذُ أجيالٍ مضَت، وقد درسَ الكيمياءَ ، وبعد أن أنهى دراستَه خصَّص وقتاً للرسمِ الإيطاليّ عدّة سنوات، ومن ثمّ انتقلَ اهتمامُه إلى النباتاتِ، ليصبحَ عالِماً بها، ومُتتبِّعاً لتطوُّرها، أمّا والدة شرودنغر فهي ابنةُ ألكسندر باور، وهو أستاذُ كيمياءٍ كان يعملُ في كُلّيةِ التقنيات في فيينا.
وقد اشتُهِر شرودنغر بفضل إسهاماتِه الكبيرةِ في عِلم الفيزياء، وخاصّةً في ميكانيكا الكمّ ؛ حيثُ استطاعَ التوصُّلَ إلى معادلةٍ خاصّة بذرّةِ الهيدروجين، والتي عُرِفَت بمعادلةِ شرودنغر، حيث فسَّر من خِلالها طيفَ الهيدروجين بدراسةِ حالات الإلكترون الكمّية.
مسيرة شرودنغر العمليّة
درسَ شرودنغر الفيزياءَ في جامعةِ فيينا منذُ العامِ 1906م، وحتى العامِ 1910م؛ حيثُ أنهى دراستَه فيها بحصولِه على شهادة الدكتواره، وكانَ قد عمِلَ في قسمِ أبحاثِ الفيزياء في الجامعة، وبعدَ إنهاءِ دراستِه عمِلَ مساعداً لمُعلّمِه فانز إكسنر، إذ أصبحَ يُجري تجاربَ عمليّةً للطلّاب، ومن الجدير بالذكر أنّ شرودنغر اشتركَ في الحربِ العالَميّة الأولى، وكان ضابطاً مدفعيّاً فيها، علماً بأنّ تلك الفترة كانت مُقتطَعةً من مسيرتِه العلميّة.
وبعدَ نهاية الحربِ العالَميّة، وتحديداً في العام 1920م، أصبحَ شرودنغر مساعداً لماكس وين في جامعةِ ينا، ومن ثمَّ أصبحَ بروفيسوراً استثنائيّاً في شتوتغارت، وتلتها وظيفةُ بروفيسور عاديّ في بريسلاو، أمّا في العام 1921م فقد انتقلَ إلى جامعةِ زيورخ، وبقِيَ فيها مدّة ستِّ سنوات، وفي هذه الفترة عمِلَ على دراسةِ بُنية الذرّة، كما أنّه في العام 1924م بدأَ دراسةَ إحصائيّات الكمّ، وتلا ذلك التوصُّلُ إلى معادلتِه الموجيّة في العام 1926م.
انتقلَ شرودنغر في العامِ 1927م إلى مدينةِ برلين، وشاركَ فيها في الندواتِ الأسبوعيّة، وكان له العديدُ من الزملاءِ، ثمّ ما لبثَ أن انتقلَ منها في العام 1933م إلى إنجلترا، وعمل زميلاً مُشاركاً في جامعة أكسفورد، أمّا في العام 1934م فقد عُرِضَت عليه وظيفةٌ في جامعةِ برينستون بعدَ أن ألقى محاضرةً فيها، إلّا أنّه رفضَ ذلك، وبعد عامين؛ أي في العام 1936م، عُرِض عليه عملٌ في جامعةِ غراتس، فقَبِلَه بعد مفاوضاتٍ عدّة، وبعدَ العام 1938م انتقلَ إلى أكسفورد، ومنها إلى جامعةِ غنت، وبعدَ فترةٍ وجيزةٍ انتقلَ إلى معهدِ الدراساتِ الحديثةِ في دبلن، وأصبحَ مُعلِّماً في المدرسةِ الخاصّة بالفيزياءِ النظريّة، وبقي في دبلن إلى أن وصلَ سنَّ التقاعُدِ في العام 1955م، فعاد إلى فيينا، وبقِيَ فيها حتى وفاتِه في العامِ 1961م.
إنجازات شرودنغر
في عام 1926م نشر شرودنغر الأبحاث التي وضع فيها أسس ميكانيكا الكمّ الخاصّة بالموجات؛ حيث شرح المعادلة التفاضُليّة الجزئيّة، والتي كانت أساساً تستند عليه ميكانيكا الكمّ، وقد اعتمد في معادلته على ما قدَّمه لويس دي برولي في عام 1924م، والذي اعتبر أنّ جزيئات المادة لها طبيعة مُزدوجة، وتُشابه الموجات أحياناً في تصرُّفاتها، وبالفعل قدَّم شرودنغر نظريّته التي تصف سلوك المادّة في معادلة موجيّة عُرِفت بمعادلة شرودنغر.
حصل شرودنغر على جائزة نوبل لعام 1933م في الفيزياء، بالاشتراك مع بول ديراك؛ لصياغتهما معادلة شرودنغر، ومن الجدير بالذكر أنّ من إنجازات شرودنغر أيضاً دراساته، وأبحاثه التي نشرها، والتي تعلَّقت بالنشاط الإشعاعيّ في الغلاف الجوّي، حيث حصل بناءً عليه على جائزة من الأكاديميّة النمساويّة للعلوم في عام 1920م، كما أنّه قدَّم مساهمات عدّة في نظريّة الموادّ الصلبة الحركيّة.
ومن التجارب الفكريّة المعروفة لشرودنغر، والتي أثارت جدلاً كبيراً بين الفيزيائيّين هي (قطّة شرودنغر) التي أطلقها في عام 1935م، إذ إنّه في هذه التجربة فكّر في أن يضع قطّة في صندوق مُغلَق تُوجَد فيه كمّية قليلة من المادّة المُشِعّة، حيث إنّه بعد ساعة واحدة يكون هناك احتمال مُتساوٍ لوجود ذرّة؛ إمّا مُتحلِّلة، أو غير مُتحلِّلة، فإن تحلَّلت الذرّة فإنّها تُحطّم العبوّة التي تحتوي على الغاز، أو المادّة المُشِعّة السامّة، وبالتالي تموت القطّة، وقد حاول أن يشرح نظريّة الكمّ الموجيّة في هذه التجربة؛ إذ إنّه يفترض تراكُب موجتَين، وهما: تحلُّل الذرّة وبالتالي موت القطّة، أو عدم تحلُّل الذرّة وبالتالي عدم موت القطّة، وهنا تكون القطّة في حالة تراكُب بين الموت، والحياة، وفي حال فَتح الصندوق فإنّ حركة الذرّات تُختزَل في مشاهدة القطّة ميّتة، أو حيّة فقط.