الرسائل المدونة في العصر الأموي
رسالة الحجاج لقطرى ابن الفجاءة.
(( سلام عليك. أما بعد فإنك مرقت من الدين مروق السهم من الرّمية، وقد علمت حيث تجرثمت، ذاك أنك عاصٍ لله ولولاة أمره، غير أنك أعرابيٌ جلفٌ أميٌّ تستطعم الكسرة وتستشفى بالتمرة، والأمور عليك حسرةٌ، خرجت لتنال شبعة، فلحق بك طغامٌ، صلوا بما صليت به من العيش فهم يهزون الرماح ويستنشؤن الرياح، على خوف وجهد أمورهم، وما أصبحوا ينتظرون أعظم مما جهدوا معرفته، ثم أهلكهم الله بنزحتين. والسلام.))
رد قطرى على رسالة الحجاج.
((سلامٌ على الهداة من الولاة الذين يروعون حريم الله ويرهبون نقمه، فالحمدلله على ما أظهر من دينه، وأظلع به أهل السّفال وهدى به من الضلال ونصر به عند استخفافك بحقه. كتبت إلي تذكُر أني أعرابيٌ جلفٌ أميٌ استطعم الكسرة، واستشفي بالتمرة.
ولعمري يا ابن أم الحجاج إنك لمتيه في جبلَّتك، مُطلخمٌ في طريقتك، واهٍ في وثيقتك، لا تعرف الله ولا تجزع من خطيئتك، يئست واستيأست من ربِّك، فالشيطان قرينك، لا تجاذبه وثاقك، ولا تنازعه خناقك، الحمدلله الذي لو شاء أظهر لي صفحتك، وأوضح لي صلعتك، فوالذي نفس قطرى بيده لعرفت أن مقارعة الأبطال ليس كتصدير المقال، مع أني أرجو أن يدحض الله حجتك، وأن يمنحني مهجتك.))
رسالة المختار بن أبي عبيدة إلى الأحنف بن قيس.
((بسم الله الرحمن الرحيم، من المختار بن أبي عبيدة إلى الأحنف بن قيس ومَن قِبله، أما بعد فويلٌ أم ربيعة من مُضر، فإن الأحنف موردٌ قومه سقر، حيث لا يستطيع لهم الصَّدر، وإني لا أملك ما خُطَّ في القدر، وقد بلغني أنكم تسمُّوني كذابًا، إن كُذِّبتُ فقد كُذِّبت رسلٌ من قبلي، ولستُ بخيرٍ من كثير منهم)).
رسالة الواعظ غيلان الدمشقي إلى عمر بن عبد العزيز.
((اعلم يا عمر أنك أدركت من الإسلام خلقا باليا، ورسمًا عافيًا، فيا ميّت بين الأموات لا ترى أثرًا فتتبع ولا تسمع صوتًا فتنتفع، طفِىء أمر السنة، وظهرت البدعة ، أُخيف العالم فلا يتكلم، ولا يُعطى الجاهل فيسأل)).
رسالة عتاب من عبدالله بن معاوية إلى بعض إخوانه .
((أما بعد فقد عاقني الشك في أمرك عن عزيمة الرأي فيك، ابتدأتني بلطف عن غير خبرة، ثم أعقبتني جفاءً من غير ذنب، فأطعمني أولك في إخائك، فلا أنا في اليوم مجمعٌ لك إطراحًا، ولا أنا في غدٍ وانتظاره منك على ثقة، فسبحان من لو شاء كشف بإيضاحٍ عن عزيمةٍ فيك، فأقمنا على ائتلاف، أو افترقنا على إختلاف والسلام)).
رسالة عبد الملك بن مروان إلى عمرو بن العاص متوعدا له.
أما بعد فإن استدراج النعم إياك أفادك البغى، ورائحة القدرة أورثتك الغفلة ، زجرت عما واقعت مثله، وندبت إلى ما تركت سبيله، ولو كان ضعف الأسباب يؤيس الطلاب ما انتقل سلطانٌ ولا ذل عزيزٌ، وعمّا قليل تتبين مَن أسير الغفلة، وصريع الخدع، والرحيم تعطَّف على الإبقاء عليك، مع دفعك ما غيرك أقوم به منك،والسلام)).
رسالة روح بن زنباع الجذامي إلى معاوية بن أبي سفيان عندما غضب عليه يوما.
((لا تشمتن بي عدوا أنت وقمتهُ، ولا تسوءن بي صديقًا أنت سررته، ولا تهدمنَّ مني ركنٌا أنت بنيته، هل أتى حلمك وإحسانك على جهلي وإساءتي؟)) فعفا عنه معاوية.
رسالة من يحيى بن يعمر إلى الحجاج يأمره بالفتح.
((إنا لقينا العدو، فمنحنا الله أكتافهم، فقتلنا طائفة، وأسرنا طائفة، ولحقت طائفة الأودية وأهضام الغيطان، وبتنا بعرعرة الجبل وبات العدو بحضيضه)).
رسالة عبد الحميد الكاتب إلى كُتّاب الخراج.
((فنافسوا معشر الكتاب، في العلم و الأدب ، وتفقهوا في الدين، وابدءوا بكتاب الله عزَّ وجل، والفرائض، ثم العربية؛ فإنها ثقاف ألسنتكم، وأجيدوا الخط فإنه حلية كتبكم، وارووا الأشعار واعرفوا غريبها ومعانيها، وأيام العرب و العجم ، أحاديثها وسيرها، فإن ذلك معين لكم على ما تسمون إليه بهممكم، ولا يضعفن نظركم في الحساب، فإنه قِوام كتاب الخراج منكم)).
رسالة شكر من سالم - مسؤول ديوان معاوية - إلى بعض أصحابه.
((أما بعد، فقد أصبحتُ عظيم الشكر لما سلف إلي منكم، جسيم الرجاء فيما بقي لي عندكم، قد جعل الله مستقبل رجائي منكم عونًا على شكركم، وجعل ما سلف إلي منكم عونًا على مؤتنف الرجاء فيكم)).