الحياة السياسية في العصر الجاهلي
الحياة السياسية في العصر الجاهلي
لم تكن شبه الجزيرة العربية موحّدة تحت راية دولة، ولا سلطة سياسية منظّمة، ولا حكومة، بل كانت السلطة فيها للقبيلة، وهي سلطة شيخ كل قبيلة على أفراد قبيلته، ولم تكن هناك قوانين أو أحكام إدارية فعالة وقوية، بل كان الحكم للتقاليد والأعراف والمصالح والأهواء، وهناك سبب رئيسي حال دون بناء دولة لها نظام سياسي مستقل، وتشكيل سلطة حاكمة في شبه الجزيرة العربية في العصر الجاهلي ؛ حيث كان النظام السياسي معرّضًا للخطر بسبب قوى الاستعمار، فكانت المنطقة الشمالية تحت سيطرة الإمبراطورية الفارسية والرومانية، بينما كانت المنطقة الجنوبية تحت إمرة الأحباش.
بسبب تأثر شبه الجزيرة العربية بالسلطات الاستعمارية، فقد كان من الصعب تشكيل منظومة سياسية، بسبب حالة الضعف التي سادت عند العرب تحسبًا لأي غزو محتمل من الإمبراطوريات المحيطة بهم، إلى جانب سيطرة هذه الإمبراطوريات على أجزاء من اليمن وقبائل الغساسنة والحيرة، بينما كان لعالم الاجتماع ابن خلدون رأي آخر وقد يكون رأيًا إضافيًا في السبب الذي منع العرب من تشكيل دولة يتبع لها نظام سياسي قوي وواضح؛ حيث قال إنّ السبب يعود إلى الأحوال الاجتماعية والنفسية والثقافية التي تمنعهم من الخضوع لسيطرة جماعة معينة بيدها السلطة الكاملة عليهم؛ فحسب رأي ابن خلدون فإنّ العرب أصعب الأمم انقيادًا، لطبعهم الخشن والحاد، كما أنّهم أكثر بداوة من سائر الأمم، ومن الصعب أنْ يرأسهم إلّا من كان عالمًا بطبعهم وأسرارهم.
التشكيل السياسي في العصر الجاهلي
انحصرت الحياة السياسية في العصر الجاهلي بنظام سياسي بسيط كان يتمثّل بالعناصر التالية:
- سيد القبيلة: وهو شيخ القبيلة ورئيسها، وعادةً يأتي اختياره بناءً على توافر مجموعة من الصفات الشخصية الطيبة فيه، مثل الكرم، والصبر، والشهامة، والحِلم، والذكاء، والتواضع.
- مجلس القبيلة: وهم علية القوم وأشرافهم وسادتهم، والذين يتصفون بالرأي السديد، وبالقدرة على الحل والعقد، حيث كان لهم دور كبير في اتخاذ القرارات المصيرية الخاصة بالقبيلة، وكان العرب في العصر الجاهلي يلجؤون إلى شيخ القبيلة لطلب مشورته في الأمور المهمة، كقضايا الحرب والسلم، أمّا في حال موت سيد القبيلة، فإنّ أعضاء مجلس القبيلة يجتمعون لاختيار شيخ جديد لقبيلتهم، وهذا في حال لم يكن له وريث.
حياة العرب في العصر الجاهلي
عاش العرب في الجاهلية حياة قبلية قائمة على الغزوات والثارات والحروب والنزاعات، حيث كانت تدفعهم العصبية القبيلة إلى سفك الدماء، وشن الحروب التي قد تستمر لأعوام طويلة، ولأسباب غير منطقية، وخير شاهد على ذلك حرب داحس والغبراء ، وحرب البسوس، وهذا ما وقف عائقًا آخر أمام تطور الحياة السياسية لديهم، كما كانت القبائل البدوية في العصر الجاهلي تعيش في الصحراء، متنقلة من منطقة إلى أخرى بحثًا عن الماء والعشب، وكانت الإبل وسيلتهم في التنقل والترحال، واتخذت هذه القبائل الخيام مسكنًا لها في الصحراء، أمّا طعامهم فكان التمر والحليب.