الحضارة في العصر الأندلسي
بلاد الأندلس
تُعرف بلاد الأندلس حاليًا بإسبانيا تلك البلاد الواقعة في القارة الأوروبية والمطلّة على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلنطي، كما أنّها إحدى الدول المشرفة على مضيق جبل طارق، وقد قام المسلمون بتغيير اسمها إلى الأندلس أثناء حكمهم لها في الفترة مابين عام 711-1492ميلاديًا.
أثر الفتوحات الإسلامية في بلاد الأندلس
أدّت الفتوحات الإسلامية لبلاد الأندلس بقيادة القائد (طارق بن زياد) عام 92هـ يليه القائد (موسى بن نصير) إلى انتشار الإسلام فيها، وكانت البلاد تعيش في حالة من عدم الاستقرار بسبب النزاعات الدينية والسياسية، بالإضافة إلى عدم اهتمام الولاة بالمنطقة وذلك في الفترة الواقعة بين عام 92 إلى عام 138هـ.
وبدأت البلاد في الاستقرار عندما وصل إليها القائد (عبد الرحمن الداخل) الملّقب بصقر قريش في الفترة ما بين عام 138- 422هـ الذي قام بوضع دعامات الدولة الأموية، وعندها بدأ انتشار مظاهر الحضارة الإسلامية في الأندلس وازدهارها.
التطوّر العمرانيّ
انتشر التطوّر العمرانيّ في الأندلس على يدّ المسلمين وكان دليلًا على ازدهار هذه البلاد في تلك الفترة، ومن أهمّ الأعمال العمرانية ما يلي:
ترميم قنطرة قرطبة
أشار الخليفة ( عمر بن عبد العزيز ) على الوالي (السمح بن مالك الخولاني) بترميم وإعادة تشييد قنطرة قرطبة نظرًا لأهمية موقعها، حيث أنّها تصل بين شمال الأندلس وجنوبها، ويعدّ إعادة تشييد قنطرة قرطبة من أول الأعمال العمرانية التي قام بها المسلمون في الأندلس باستخدام حجارة سور المدينة، بالإضافة لاستعمالهم مادة اللبن الناتج من حرق الطين في ترميم أسوارها بالرغم من ضعف متانته مقارنة بالحجر.
امتازت القنطرة بوجود الكثير من الأماكن الجميلة ولذلك كانت متنزهًا يرتاده أهل قرطبة، كما أنّها تُعدّ من الشواهد البارزة على تقدّم العمارة الإسلامية على مرّ العصور حتى وقتنا الحالي.
بناء الأبراج والقلاع
بنى العرب في بداية الفتوحات الإسلامية للأندلس أبراجًا على امتداد سواحلها من الإسكندرية إلى طنجة، وكانت هذه الأبراج مقابلة لبعضها البعض من أجل حراسة مداخل جبال البرانس، وعند التعرّض لخطر العدو توقد هذه النيران إعلانًا للحرب. سُميت قلعة أيوب الواقعة في جنوبي سرقسطة بهذا الاسم نسبة لأمير الأندلس (أيوب بن حبيب اللخمي) وتُعدّ من الأمثلة البارزة على هذه القلاع.
تعمير المساجد
اهتم المسلمون عند دخولهم لبلاد الأندلس ببناء المساجد التي كانت أماكنًا للعبادة ومركزًا لتعليم الشريعة واللغة، ومن أبرز المعالم العمرانية الدالة على مدى تقدّم الحضارة الإسلامية رغم بساطتها بسبب انشغال المسلمين بالفتوحات الإسلامية. ومن الأمثلة على هذه المساجد ما يلي:
- مسجد الرايات: بناه (موسى بن نصير) في رمضان 93هـ، ويُعدّ من أوائل المساجد التي أُقيمت في الجزيرة الخضراء الموقع الذي اجتمع فيه رايات القوم للتشاور في العديد من الأمور.
- مسجد قرطبة: كان مسجد قرطبة جزءًا منه للنصارى أقاموا فيه كنيستهم العظمى، إلى أن منح (الأمير عبد الرحمن الداخل) مبلغًا من المال لهم كتعويض عن كنيستهم وشيّد مكانها مسجد الجامع الذي يُعدّ من أعظم المساجد في التاريخ الإسلاميّ.
- مسجد سرقسطة: الواقع في شمالي الأندلس، اُشتهر أيضًا باسم الجامع الأبيض. قام بتشييده (حنش الصنعانيّ) الذي يُوصف بأنه من أمهر مهندسي المساجد وقد قام بتجديده الأمير محمد ليبقى من أهم المعالم الإسلامية في الأندلس حتى انتهاء عهد الدولة الإسلامية فيها.
التطوّر العلميّ ونبوغ العلماء
ازدهر التقدّم العلميّ في الأندلس وظهر الكثير من العلماء الذين برعوا في الكثير من العلوم مثل علم الفلك والرياضة. من أشهرهم:
- العالم عباس بن فرناس
كان عباس بن فرناس أول من حاول الطيران وكانت النظارة الطبية بهيئتها البسيطة من أهم اختراعاته، بالإضافة إلى اختراعه للساعة المائية. كما أنّه كان أول من استخدم الحبر في القلم ممّا يدلّ على سعة علمه وحدّة ذكائه.
- العالم ابن الصفار
برع في علم الرياضة وله دور واضح في علم الفلك.
- العالم أبو القاسم المجريطيّ
كان ممن برعوا في علم الكيمياء بالإضافة إلى نبوغه في علم الرياضة وعلم الفلك. كما كان له دورًا فعالًا في نقل التواريخ من الفارسية إلى الهجرية، له أيضًا الفضل في ترجمة الخريطة الخاصة بالنجوم.
تعريب النقود
يُعدّ تعريب النقود من أهم مظاهر الحضارة الإسلامية في الأندلس، وتشير الدراسات إلى ظهور أول دينار تمّ تعريبه عام 102هـ أثناء فترة الوالي (السمح بن مالك الخولانيّ) بعد أن قام القائد (موسى بن نصير) بعد الفتح الإسلاميّ بضرب عملة برونزية وعملة ذهبية لمنح الجنود رواتبهم.
التطور في علم الطب
ازدهر علم الطب وصناعة الأدوية من الأعشاب الطبية وكيفية العلاج باستخدامها نتيجة لوجود العديد من العلماء المسلمين الذين اهتموا بالطب، ومازالت آثارهم العلمية ماثلة حتى عصرنا الحالي ونراها واضحة في بعض كتبهم الطبية. ومن أبرزها كتاب المرشد في الكحل.