الاتجاه البنيوي في الأنثروبولوجيا
الاتجاه البنيوي في الأنثروبولوجيا
البنيوية هي منهج بحث مستخدم في عدة تخصصات علمية وفيما يأتي حديثٌ عن البنيوية:
نشأة الأنثروبولوجيا البنيوية
أراد معهد فرنسا في عام 1958م أن يحتضن الأنثروبولوجيا الاجتماعية وتبنّي علومه، ولكنّ السير جيمس جورج فرازر ألقى أوّل درس باسم الأنثروبولوجيا الاجتماعية في جامعة ليفربول قبل هذا التاريخ بـ50 عامًا ليُعتبر مؤسسه الأوّل، أمّا عن فرانز بواز وإميل دور كهيام فهما ليسا مؤسّسي الأنثروبولوجيا الاجتماعية، ولكنّهما على الأقل يُعتبران من صُنّاع هذا الاتجاه في الانثروبولوجيا، فالأوّل قد كان في أمريكا والثاني في فرنسا.
هَدفَ الأنثروبولوجي موس على تحرير الأنثروبولوجيا من التقابل الزائف الذي نشره بعض المُفكرين مثل ديلي وشبنغلر بين الشرح في العلوم الفيزيائية والشرح في العلوم الإنسانية، فالقاعدة الشهيرة التي قامت عليها الأنثروبولوجيا الاجتماعيّة هي "النظر إلى الواقعات الاجتماعية على أنها أشياء"، وإنّ الأصالة الاجتماعية تقوم على أنّها تكتشف لنفسها موضوعًا قد اتصف في آن واحد بأنّه بعيد جدًا من الناحية الموضوعية.
الأنثروبولوجيين في الاتجاه البنيوي
ومن أهم الأنثروبولوجيين في الاتجاه البنيوي ما يأتي:
الأنثروبولوجي جان جاك روسو
يُعدّ مُؤسس علوم الإنسان، وكان جان جاك روسو قارئاً لكتب الرحلات ومُحللاً للعادات والمُعتقدات الأجنبيّة، وقد قدّم تصورًا أوّليّاً للأنثروبولوجيا التي لم تكن قد ظهرت بعد وقد تنبأ بها وأرادها، وقد وضعها جملة واحدة في مكانها بين العلوم الطبيعية والإنسانية الموجودة ذاك الوقت.
الأنثروبولوجي دوركهايم
كتب دوركهايم كتاباً بعنوان قواعد المنهج السيوسيولوجي ولم يكن يثق بالأثنولوجيا ذاك الوقت، وهو أيضًا تلميذ فوستل كولانج وقد اعتمد دروكهايم على التاريخ في إعطاء علم الاجتماع قواعد تجريبية، وقد تبدّل موقفه تمامًا من الأنثروبولوجيا، ويعود سبب ذلك لقراءته بمجلّة "العام السوسيولوجي" والتي أثّرت على مناهج عمله، وتعرّف على أعمال جديدة غير التي انتقدها في البداية، وقد ظهر له أنّ ما انتقده لا يعدّ من الأنثروبولوجيا الصحيحة.
حقّق دوركهايم ضربًا من الاكتشافات أساسها أنّ التقابل الذي تصوّره في البداية بين التاريخ والأنتوغرافيا ما هو إلّا وهم، وجميع مآخذه على مُنظّري الأنتولوجيا وقعت بسبب إعدادهم منهجًا تاريخيًا لا يمكن مقارنته بمنهج المؤرخين الحقيقيين.
الأنثروبولوجي كلود ليفي شتراوس
ولد كلود ليفي شتراوس في بلجيكا في عام 1908م، وممّا عُرف عن شتراوس أنّه كان طفلاً مُتوحدًا، يميل إلى التأمل والتفكر الذاتي للقراءة ويعتقد ليفي أنّ هذه الصفات هي ما نمّى اهتمامه بالبنيويّة، ويُبرر شتراوس ما يقوم به من مزج بين التجربة الشخصية والتفسير الفكري بنظرة مُميزة إلى الجيولوجيا والتحليل النفسي والماركسية ووصف بأنهنّ عشيقاته الثلاث.
وجد ليفي شتراوس شغفه في علم اللغة البنيوي واهتمّ بدراسة تشابه اللغات ببعضها عبر الثقافات المختلفة وأساطيرها، وقدّم ليفي بحثًا في هذا المجال وعلاقته في علم الأنثروبولوجيا وقد لخّص أهمية بحثه بما يقوله: "يتحوّل علم اللغة البنيوي عن دراسة ظواهر لغويّة، ولن يتعامل علم اللغة مع المُسمّيات بوصفها كيانات مُستقلة"، وكان ليفي شتراوس يعتقد أنّه يتحقق تسجيل كلّ الأساطير المعروفة بهذه الطريقة.
اللغة والمجتمع في الاتجاه البنيوي في الأنثروبولوجيا
يرى وينر أنّ طبيعة العلوم الاجتماعية تستمدّ تأثير تطورها في موضوع البحث، وأنّ هذا الارتباط يُوضّح بمعنى من المعاني، فالفيزياء الفلكية تتناول موضوعًا شديد الاتساع لكي يتمكّن الباحث من مُمارسة تأثيره فيه وإدراكه، وعلى العكس فإنّ الفيزياء الذريّة تتناول موضوعًا دقيقًا جدًا يصعب إدراكه بالملاحظة، ويرى أيضًا أنّ الاعتراضات التي وُجّهت قد تعذر دحضها عند ردها إلى الأبحاث التي يُفكر فيها والدراسات الأحادية وإهمال الأنثروبولوجيا.
منطلقات التحليل في الاتجاه البنيوي في الأنثروبولجيا
تتواجد العديد من الخطوط الأساسية التي تُستخدم عند التحليل البنيوي وتُظهر في عدة منطلقات منها ما يأتي:
- يهاجم البنيويون المناهج التي تُعنى بدراسة الأدب من ناحية الإطار ومُحيطه وأسبابه الخارجية، وينطلق البنيويون في التحليل من ناحية الجوهر الداخلي للنُّصوص الأدبية ومع ضرورة التعامل معها من دون أيّ افتراضات مثل علاقته بالواقع الاجتماعي أو الواقع التاريخي، وإن المنهج لا يُحارب المناهج الأخرى.
- تجعل البنيوية العميقة (وهي شبكة العلاقات المُعقدة) من العمل الأدبي عملاً أدبيًا ويجعل التحليل البنيوي مميزاً عن غيره من سائر المناهج.
- يقف التحليل البنيوي عند حدود اكتشاف البنية في النص الأدبي.
- ينطلق البنيويون من مُسلّمة وتقول إن الأدب مُستقل تمامًا.
- تنبني بنية الأثر الأدبيّ على تخليص النصّ من العديد من المواضيع والأفكار والأبعاد الذاتية والاجتماعية والمعاني، وبعد الانتهاء من عملية التخليص تُحوّل إلى عملية التحليل والتحليل البنيوي للنص من خلال دراسة مُستويات التحليل، وهي الصرفي والرمزي والنحوي والمعجمي والنحوي والصوتيّ.
- يُركّز على اكتشاف بنية النص على إظهار التشابه والتعارُض والتوازي والتضاد والتجاور والتقابُل لاكتشاف بنية النص، ومن بعدها يُحلّل النص بالمستوى الصوتي.
- يقول البنيويون إنّ النص يُحاور نفسه وإنّ القارئ هو الكاتب الفعلي للنصّ، ويرى البنيويون أنّ القارئ ليس ذاتًا إنما هو مجموعة من المواصفات التي تشكلت من خلال قراءة القارئ السابقة.