الأدب في عصر المماليك
الأدب في عصر المماليك
كان هناك العديد من الاتهامات التي وجهت للأدب في العصر المملوكي؛ فوصف الأدب في هذا العصر على أنه راكد،؛ لقد غفلوا عن أن يذكروا الأدباء والمفكرين التي تتباهى بأسمائهم كتب التراجم والأعلام وما أنتجوا من موسوعات علمية وأدبية، لكن عندما بحث فيه المتخصصون والدارسون لدراسته عرف على أنه قد لاقى ظلم فيما مضى، فأصبح أدب العصر المملوكي يدرس بالجامعات كافةً في وقتنا الحاضر.
أنواع الأدب في العصر المملوكي
كان علماء الدين والكتاب يعيشون بحياة الترف والبذخ التي تمتع بها العصر المملوكي، فكانت حياتهم تشبَه بشكل كبير حياة السلاطين والأمراء بسبب الأموال التي أغدقت عليهم، وسأذكر بعض أنواع الأدبية التي ظهرت في هذا العصر:
الشعر
استمر نهر الشعر في العصر المملوكي على الرغم من انصراف السلاطين عن منح العطايا والهدايا للشعراء حيث لم يعد الشعر يرتزق صاحبه من وراءه، وحافظ الشعر على مكانته، وكان الدين من بواعثه ومن أهم روافده نظرًا وجد بمفردات القرآن الكريم وألفاظه ومعانيه معينًا لا ينضب.
المديح
يعرف المديح أنه حسن الثناء، وأن توصف الناس بالأخلاق الحميدة والإشارة لهم بفضائلهم وأعمالهم المجيدة، عرف هذا النوع من العصر الجاهلي وغلب هذا النوع على الشعر في العصر المملوكي حتى أنه كان نابعًا من قلب الشاعر.
كان هذا النوع من الشعر تكسبي منذ العصر الأموي، حيث كانوا الشعراء يرفعون قدر الوضيع ويجعلون الجبان شجاعًا، وأيضًا البخيل كريمًا، وكان هذا كله مقابل المال الذي يدفعه الممدوح الشاعر وإن لم يكن يدفع له، بقلب الشاعر المدح إلى هجاء، إلا عند العصر المملوكي فاشتكى الشعراء من كساد سوق شعر المدح.
الغزل
لم يكن الغزل في العصر المملوكي مختلفَا عن غيره من الأنواع الأدبية لهذا العصر؛ نظرًا لأن الشعراء استجابوا لمتغيرات عصرهم وأيضًا وسموا شعرهم بسمات تميزه عن شعر الأمم الأخرى، ومن شعراء هذا العصر الذي غلب الغزل على شعرهم، صفي الدين العلي وأبو حسن الجزار، فزين صدر قصيدتهم به.
أهمية الأدب والثقافة في عصر المماليك
أصبحت مصر ذات أهمية كبيرة في العالم الإسلامي فاعتبرت قلعة الإسلام والمسلمين والعالم العربي وموئل الثقافة الإسلامية والعربية، خصوصًا بعد أن سقطت بغداد التي كانت عاصمة الخلافة الإسلامية، وبعد أن أحرق التتار الكتب والمكتبات التي شملت ثمار جهود اعلم والعلماء والفكر الإسلامي وألقوها في نهر دجلة.
كانت مصر ملجأ للعلماء والناس الفارين من التتار، حاملين كتبهم وعلمهم محافظين عليه، وأيضًا لاقوا ترحيبا كبيرا من مصر وأهلها، وأيضا أتى من الأندلس عندما زحف الفرنجيين لهم، فأتوا من علماء المغاربة فكانوا يزورون وينتفعون بعلمهم وكتبهم.
قال ابن خلدون عن مصر في ذلك العصر أنها أم للعلم وإيواء الإسلام وينبوع العلم والصنائع، إن مصر ورثت زعامتين الدينية والسياسية للعالم الإسلامي من العراق، وأيضا أصبحت عاقدة لها لواء قيادة فكرية وحضارية، وكانت عامرة بدور العلم والمكتبات والعلماء، فزخرت بمجالس العلم والأدب، فكان الاعتناء بالعلم أمرًا لا يستدعي الانتباه، فكانت القاهرة غارقة بأسواق الكتبيين والوراقين، وأيضا كانت دمشق تتمتع بهذا الحال.
المدارس التي أنشأت في العصر المملوكي
أنشأ الظاهر بيبرس مدرسة كبيرة سنة 661 للهجرة، وبنى لها خزانة كتب عظيمة، وقد حاز المماليك وورثوا من الأيوبيين تراثًا كبيرًا من دور الكتب وأضخم وأكبر مكتبة كانت هي مكتبة القاضي الفاضل، فكان تقدم الناس على العلم ملحوظا كبيرًا.
انتشرت في شتى عواصم البلاد الكثير من المدارس، بدون أن يتكلفوا بشيء؛ فإن الحكام والملوك كانوا يتكفلون بتكاليف شيوخ المدارس وأيضًا يقفون عليها الأوقاف الكثيرة ويضعون رواتب عالية شهرية للعلماء والفقهاء.
أهم الكتاب في العصر المملوكي
عرف الكثير عن كتاب هذا العصر ولكنني سأذكر بعضهم كما يأتي:
- القاضي الفاضل عبد الرحمن بن علي (597هـ، 1200م).
- العماد الأصفهاني الكاتب محمد بن محمد (597هـ/ 1201م).
- ابن أبي طي يحيى بن حميدة (630هـ/1233م).
- لبن الأثير الجزري علي بن محمد (630هـ/1232م).
- بهاء الدين بن شداد يوسف بن رافع بن تميم (632هـ/1234م).
أبرز المعالم التي كانت في أدب العصر المملوكي
كان الأدب في هذه الفترة يصور الحروب ومنطلقاتها الدينية وتصوير الحقيقة لوقائعها وما حدث فيها من صراع مرير، خاصة التي كانت مع الصليبيين وأيضًا المغول، فكان الأدباء يحرصون على أن يوضحوا صعوبة هذه المعارك وأيضا الطاقة المجهود الذي بذله الجيش من تضحيات.
وركز الأدباء على وصفهم للمغول خاصة بعنصري الاستماتة والكثيرة في القتال، بالغ الشعراء في بيان شجاعة العدو ومدى صعوبة القتال؛ لما أشارت إلى طرف خفي في عظمة انتصار المنتصرين، كما حرص الأدباء على أن يظهروا الحاكم لا يميز نفسه عن الجنود في المعركة فهو يعمل مثله مثلهم ويقاتل.
تلك المشاركة التي أداها الحاكم مع الجنود في المعركة توضيح لعنصر المشاركة بين كافة عناصر الدولة وأن الحمل لا يكون على فئة معينة فقط من الدولة، وكذلك صور الأدباء اعتزاز وفخر بانتمائهم للجنس التركي وهذا يدل على نزعة العنصرية الشعوبية لدى شعب المماليك.