أين دفن النبي يوسف عليه السلام
قصة يوسف عليه السلام
ورد ذكر قصة يوسف عليه السلام بكل تفاصيلها في القرآن الكريم في سورة سُميت باسمه، وهي سورة يوسف، ومن الجدير بالذكر أنه نبي كريم ابن نبي كريم من سلالة أنبياء كرام، وهو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وقد كان يوسف عليه السلام أحب إخوته إلى أبيه يعقوب عليه السلام، مما جعل إخوته يحسدونه على ذلك، وقد أحس أبوهم بذلك الأمر، وفي أحد الأيام رأى يوسف عليه السلام رؤيا، فقصها على أبيه كما في قول الله تعالى: (إِذ قالَ يوسُفُ لِأَبيهِ يا أَبَتِ إِنّي رَأَيتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوكَبًا وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ رَأَيتُهُم لي ساجِدينَ)، فنصحه أبوه بإخفاء أمر الرؤيا عن أخوته خشية أن يتزايد حسدهم له، وبالفعل حصل ما كان يخشاه يعقوب عليه السلام، حيث اجتمع الإخوة وأعمى الحسد بصيرتهم فقرروا التخلص من يوسف عليه السلام من خلال قتله، أو تغييبه في أرض بعيدة لا يمكن رؤيته فيها، ثم اتفقوا وأخذوه إلى بئر بعيد وألقوه فيه.
قدّر الله تعالى مرور قافلة متوجهة إلى مصر من جانب البئر، فأرسلوا أحدهم ليحضر لهم الماء، فلما ألقى الرجل الدلو تعلق به يوسف عليه السلام وخرج، فأخذوه معهم إلى مصر، وباعوه فيها ببضع دراهم، وأصبح الكريم ابن الكريم يباع ويُشترى، فاشتراه عزيز مصر، وأوصى به خيراً كما قال الله تعالى : ( وَقالَ الَّذِي اشتَراهُ مِن مِصرَ لِامرَأَتِهِ أَكرِمي مَثواهُ عَسى أَن يَنفَعَنا أَو نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذلِكَ مَكَّنّا لِيوسُفَ فِي الأَرضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأويلِ الأَحاديثِ وَاللَّـهُ غالِبٌ عَلى أَمرِهِ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ)، وبعد أن شبّ يوسف عليه السلام في بيت العزيز تعرض لعدد من الفتن، ومنها تعرّض امرأة العزيز له وامتناعه عنها، ثم فتنة النسوة، وتهديده بالسجن في حال امتناعه عنهنّ، وقد بين الله تعالى قول يوسف عندها حيث قال: (قالَ رَبِّ السِّجنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدعونَني إِلَيهِ وَإِلّا تَصرِف عَنّي كَيدَهُنَّ أَصبُ إِلَيهِنَّ وَأَكُن مِنَ الجاهِلينَ). فقدر الله تعالى دخوله السجن إلى حين، ثم ظهرت براءته بفضل الله تعالى وخرج من السجن عزيزاً لمصر.
مكان دفن سيدنا يوسف عليه السلام
روي أنّ يوسف عليه السلام اُلقي في الجب وعمره سبعة عشر عاماً، واستمر غيابه عن والده ثمانين عاماً، ثم اجتمع بأهله وعاش بعدها ثلاثاً وعشرين سنة، ثم توفّاه الله وقد بلغ من العمر مئة وعشرين عاماً، وتجدر الإشارة إلى أن القبر الوحيد من قبور الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- الذي اتُفق العلماء على مكان وجوده هو قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أي أن قبور باقي الأنبياء عليهم السلام لم تثبت أي معلومة صحيحة على مكان وجودها، إلا أن العلماء اختلفوا في مكان قبر إبراهيم الخليل غليه السلام، وفي ذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (الحمد لله القبر المتفق عليه هو قبر نبينا محمدٍ صلى الله عليه و سلم، وقبر الخليل فيه نزاع، لكنّ الصحيح الذي عليه الجمهور أنه قبره، وأمّا يونس وإلياس وشعيب وزكريا فلا يعرف، وقبر علي بن أبي طالب بقصر الإمارة الذي بالكوفة، وقبر معاوية هو القبر الذي تقول العامة أنّه قبر هود)، كما ورد عنه أيضاً أنّه قال: (وليس في الأرض قبر اتفق الناس على أنه قبر نبي غير قبره، وقد اختلفوا في قبر الخليل وغيره)، وقال ابن الجزري رحمه الله: (لا يصح تعيين قبر نبي غير نبينا عليه الصلاة والسلام، نعم قبر إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في تلك القرية لا بخصوص تلك البقعة)، وقال ابن باز أيضاً: (أما نبي الله يونس عليه الصلاة والسلام فلا يعرف قبره، وليس لهذا صحة، بل جميع قبور الأنبياء لا تعرف ما عدا قبر نبينا عليه الصلاة والسلام، فإنه معلوم في بيته في المدينة عليه الصلاة والسلام، وهكذا قبر الخليل إبراهيم معروف في المغارة هناك في الخليل في فلسطين، وأما سواهما فقد بين أهل العلم أنها لا تعلم قبورهم، ومن ادعى أن هذا قبر فلان أو قبر فلان فهو كذب لا أصل له ولا صحة له).
قصة يوسف عليه السلام في السجن
بعد أن تبيّن للعزيز براءة يوسف عليه السلام قرر سجنه فترة من الزمن، حتى يتوهم الناس براءة زوجة العزيز وإدانة يوسف عليه السلام، وفي السجن التقى عليه السلام بالكثير من الناس الذين كانوا يحبونه، ويسمعون منه، ويثقون به، وخلال وجوده في السجن التقى بشابين كان أحدهما يعمل خبازاً للملك، والآخر ساقيه، وكان دخولهما السجن بسبب الاشتباه بدس السم للملك، وفي أحد الأيام رأى كل واحد منهما رؤيا فقصّاها على يوسف عليه السلام ليؤولها لهما، حيث رأى الأول أنه يعصر عنباً للملك، ورأى الثاني أنه يحمل فوق رأسه خبزاً تأكل منه الطير، فبدأ يوسف عليه السلام بدعوة الشابين إلى دين الله تعالى وبيان أدلة التوحيد ، وبطلان الشرك لهما، وبعد أن عرض عليهما الإسلام، فسر لهما الرؤيا، ودلّهما إلى ما تشير إليه، وهي أن الفتى الذي رأى نفسه يعصر عنباً سوف يخرج من السجن، ويعود إلى سيده ليسقيه خمراً كما كان يفعل، وأما الآخر فسوف يُقتل ويُصلب، ثم يُترك لتأكل الطير من رأسه، ثم طلب يوسف عليه السلام ممن ظن أنه سيخرج من السجن أن يذكره عند الملك ويبين له براءته لعله يصدر قراراً بالإفراج عنه، فخرج الفتى ونسي أمر يوسف عليه السلام، فلبث في السجن بضع سنين.