أول سورة نزلت كاملة
أول سورةٍ نزلت كاملةً
تباينت أقوال العلماء في أوّل سورة أنُزلت كاملة، وكانت تدور آراءهم حول ثلاث سور؛ وهي العلق، والمدثّر، والفاتحة؛ وكون أكثر العلماء قالوا بأنّ سورة العلق لم تنزل كاملة كالسيوطي؛ فبقي الخلاف يدور بين سورتي المدّثر والفاتحة.
وقيل أنّ الفاتحة هي أوّل سورة نُزلت كاملة؛ أي مرّة واحدة عندما فُرضت الصلاة؛ فصلّى بها المسلمون، وقد ذهب إلى ذلك الشيخ محمد رشيد رضى في تفسيره المسمّى بالمنار، لكن بداية سورة العلق كانت سابقة لها؛ فكانت بدايات سورة العلق تمهيداً للمنهج الذي نزل فيه القرآن الكريم، ليخرج النّاس من الظلمات إلى العلم، وأشار إلى أنّ العلم يكون بالقلم، وهو دلالة على الكتابة، وقد جعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- سورة الفاتحة في ترتيب سور القرآن السورة الأولى، وقد أجمع العلماء على ذلك.
وقد سُميّت بالفاتحة لأنّها السورة التي افتتح بها القرآن، وهذا ما قاله ابن عثيمين، وذهب الإمام القاسمي في تفسيره إلى أنّ الفاتحة هي السورة الأولى التي نزلت كاملة، وقال السيد طنطاوي: إنّ الأحاديث الواردة في أنّ أوّل سورة نزلت هي الفاتحة ذلك أنّ أوّل سورة نزلت كاملة هي الفاتحة، في حين أنّ الأحاديث التي وردت في كون الأولى هي المدثر إنّما حمل على أنها كانت أوّل ما نزل بعد فتور الوحي.
وقد ذهب الآلوسيّ إلى أنّ أوّل شيئ نزل هو أوّل سورة العلق، ثمّ سورة المدّثر بعد فتور الوحي، ونفى نزول سورة الفاتحة بالأوّل، وفي كتاب الإتقان للحافظ السيوطي بيّن أنّ سورة المدّثر هي أوّل سورة نزلت كاملة.
واستدلّ فريق القائلين بأنّ سورة المدّثر هي أوّل سورة نزلت كاملة بالذي رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: (سَأَلْتُ أبا سَلَمَةَ: أيُّ القُرْآنِ أُنْزِلَ قَبْلُ؟ قالَ: {يا أيُّها المُدَّثِّرُ})، أمّا الذين قالوا بأنّ الفاتحة هي أوّل سورة نزلت استدلّوا بالحديث المنقطع الذي أخرجه البيهقي عن قصّة نزول الوحي أنّ النبيّ -عليه السلام- أخبر ورقة بن نوفل بذلك فقال: (إذا خلوتُ وحدي سمعتُ نداءً خلفي: يا محمدُ، يا محمدُ، فأنطلقُ هاربًا في الأرضِ، فقال: لا تفعل فإذا أتاك فاثبُتْ حتى تسمعَ ما يقولُ، ثم ائتِني فأخبِرني، فلما خلا ناداه يا محمدُ قُل: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، حتى بلغ، وَلَا الضَّالِّينَ).
آخر سورة نزلت كاملة من القرآن
أما آخر سورة نزلت كاملة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فهي سورة النصر، فسورة النصر من السور التي نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- كاملة وهي آخر الآيات نزولاً على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي إشعار بوفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما فهمها كبار الصحابة فقالوا الكمال دليل الزوال، قال -تعالى-: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا).
نزلت هذه السورة في فتح مكة حين دخلها النبي -صلى الله عليه وسلم- فاتحاً مهللاً، وكان في آيات هذه السورة قوله تعالى بالتسبيح والاستغفار وهذا ما أكثر منه النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل موته.
متى نزل القرآن على النبي
نزل القران الكريم على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين بليلة القدر 21 من شهر رمضان، وهي ما وافقت يوم العاشر من حزيران عام 610 للميلاد، إذ نزل جبريل الروح الأمين على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- من السماء السابعة في غار حراء وتلا عليه آيات سورة العلق، ليعود النبي -صلى الله عليه وسلم- خائفاً مذعوراً إلى زوجته خديجة، ومن هنا كانت بداية الرسالة وبداية نزول القرآن الكريم.
كيفية نزول القرآن
نزل القرآن الكريم على ثلاث مراحل، بيانها فيما يأتي:
- المرحلة الأولى: أنّه نزل جملة واحدة إلى اللوح المحفوظ، ودليل ذلك قوله -تعالى-: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ)، وكيفية نزوله إلى اللوح المحفوظ لا يعلمها إلّا الله -تعالى- ومن أُذن له بمعرفة ذلك.
- المرحلة الثانية: هي نزول القرآن إلى بيت العزّة في السماء الدنيا، والذي أُنزل في ليلة القدر، وقد ورد هذا في قوله -تعالى-: (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).
- المرحلة الثالثة: نزول القرآن مفرّقاً على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بواسطة جبريل أمين الوحي -عليه السلام- على امتداد ثلاث وعشرين عاماً؛ ابتدأ التنزيل ببعثته وانتهى بوفاته -صلى الله عليه وسلم-، ودليل ذلك قوله -تعالى-: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)، وكان نزوله مفرّقاً له حكمٌ كثيرة، ومنها أنّ في ذلك مسايرة للأحداث والوقائع الجديدة التي تحدث، ولأنّ الحكمة والضرورة تقتضيان ذلك.