أهمية دراسة علم نفس النمو
تعريف عِلم نفس النُّموّ
لتعريف عِلم نفس النُّموّ يجب أوّلاً توضيح مفهوم عِلم النفس (سيكولوجي)، وهناك العديد من التعريفات الموضوعة لعِلم النفس؛ حيث يمكن تعريفه بأنَّه: تطبيق مجموعة من الإجراءات، والأساليب ذات الأُسُس العِلميّة، والتجريبيّة التي تهدف إلى ضَبْط سُلوك الإنسان، والسيطرة عليه، بالإضافة إلى التنبُّؤ الدقيق بنمط السلوك مُستقبلاً، وينقسِم عِلم النفس إلى عِدَّة فروع تطبيقيّة، ونظريّة، ومن هذه الفروع يُوجَد عِلم تطبيقيّ يختصُّ بدراسة مظاهر النُّموّ لمُختلَف الكائنات الحيّة، ومن بينها الإنسان، ويُعرَف هذا العلم ب(عِلم نفس النُّموّ)، ويمكن تعريفه بأنَّه: الدراسة العِلميّة لمراحل النمو من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشيخوخة، ودراسة مظاهر، وخصائص كلّ مرحلة من هذه المراحل، سواء كانت من الناحية العقليّة، أو الجسميّة، أو الانفعاليّة، أو الاجتماعيّة، أو المعرفيّة، كما أنَّه: العِلم الذي يُمثِّل دراسة قائمة على أُسُس عِلميّة لمراحل النُّموّ، ومحاولة تفسير نشأتها، وأصولها، وطبيعة تطوُّرها، ونتائجها، وما قد يُعرقِل، أو يُعطِّل مسيرتها.
أهمّية دراسة عِلم نفس النُّموّ
تكمُن أهمّية دراسة عِلم نفس النُّموّ في النواحي الآتية:
- من الناحية النظريّة: تُمكِّن دراسة عِلم نفس النُّموّ من معرفة طبيعة الإنسان، وعلاقته مع البيئة التي يعيش فيها، كما تُساهم في معرفة معايير النُّموّ بكافّة مظاهره، مثل: معايير النُّموّ العقليّ، والجسميّ، والاجتماعيّ، والانفعاليّ، وبكافّة مراحله التي تشمل: مرحلة ما قبل ميلاد الإنسان، ومرحلة الطفولة، ومرحلة المُراهَقة، ومرحلة الرُّشد، ثمّ بالنهاية مرحلة الشيخوخة.
- من الناحية التطبيقيّة: يمكن من خلال دراسة عِلم نفس النُّموّ تنمية القدرة على توجيه الأفراد في مُختلَف مراحل النُّموّ ، كما تُتيح إمكانيّة قياس مُختلَف مظاهر النُّموّ وِفق مقاييس عِلميّة، ممَّا يُساعد على تصحيح الشذوذ في النُّموّ، سواء كان من الناحية التربويّة، أو النفسيّة.
- بالنسبة لعُلماء النفس: يمكن لعُلماء النفس، والأخصائيّين النفسيّين من خلال دراسة عِلم نفس النُّموّ تحقيق ثمرة جُهودهم في مُساعدة الأفراد في مُختلَف مراحل النُّموّ، وخاصَّة في مجال التوجيه، وعِلم النفس العِلاجيّ، والإرشاد النفسيّ ، والمِهنيّ، والتربويّ.
- بالنسبة للمُربِّيين: يمكن للمُربِّيين من خلال دراسة عِلم نفس النُّموّ معرفة الخصائص النفسيّة، والتربويّة للأفراد في مُختلَف مراحل النُّموّ، كما تُمكِّنهم من معرفة العوامل التي تؤثِّر في نُموِّهم، والأساليب التي يمكن من خلالها تعديل سُلوكهم، والطرق التي يجب استخدامها في تدريسهم، وماهيَة المَسائل التي يتطلَّب إعدادها في العمليّة التربويّة، بالإضافة إلى تمكين المُعلِّم من معرفة الفروق الفرديّة بين الطلبة، ومُراعاتها.
- بالنسبة للوالدَين: تُساعد دراسة عِلم نفس النُّموّ أولياء الأمور على معرفة خصائص أبنائهم، وتَفهُّم كلّ مرحلة من مراحل نُموِّهم، والظروف التي يعيشونها خلال تلك المراحل، ومُعامَلتهم على أساس مُعطيات، ومُتطلَّبات المرحلة التي يعيشونها، كما تُتيح لهم الفُرصة لمعرفة الفروق الفرديّة في مُعدَّلات النُّموّ عند أبنائهم، ويُساعد ذلك الآباء على تربية الأبناء، وتنشئتهم بالشكل الصحيح.
- بالنسبة للمُجتمع: إنَّ معرفة أفراد المُجتمع لنُموِّهم النفسيّ؛ بحيث يتناسب مع كلّ مرحلة من مراحل النُّموّ، تُفيد في تحديد أفضل الشروط الوراثيّة، وتُساعد على حلِّ المُشكلات الاجتماعيّة التي تتعلَّق بشخصيّة الفرد، من حيث نُموِّها، وتكوينها، والعوامل المُحدِّدة لها، والقضاء عليها، والوِقاية منها، مثل: مُشكلات الانحراف الجنسيّ، والتأخير المدرسيّ، والضَعْف العقليّ، والجناح، كما تُساعد دراسة عِلم نفس النُّموّ الأفراد على ضَبْط، وتعديل سُلوكهم؛ للوصول إلى أعلى مُستوى من التوافُق التربويّ، والنفسيّ، والمِهنيّ، والاجتماعيّ، بالإضافة إلى إتاحة التنبُّؤ الدقيق للأحداث في المُستقبَل؛ ممَّا يُساعد على وَضْع الخُطط، والتوجيه المُستقبليّ.
- بالنسبة للأفراد: ينعكس فَهْم الآباء، والمُربِّيين لعِلم نفس النُّموّ على مُستقبَل الأفراد؛ فتوجيه الأفراد على أساس عِلميّ يُحقِّق الخير، والمُستقبَل المُزدهِر لهم من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشيخوخة ، كما أنَّه يُمكِّن الأفراد من فَهْم الأحداث وِفق مُستوى نُموِّهم، وقُدراتهم، وطبيعة المرحلة التي يعيشونها، وذلك يعني أن يعيش الفرد كلّ مرحلة من مراحل نُموِّه بالشكل الأمثل، وعلى أكمل وجه ممكن.
اتّجاهات عِلم نفس النُّموّ
سار عِلم نفس النُّموّ مُنذ بداية نشأته في أربعة اتّجاهات رئيسيّة، وهي:
- الاتّجاه الوصفيّ، أو المعياريّ: وهو الجانب الذي يُؤكِّد أنَّ النُّموّ يأتي من داخل الطفل، وهو يظهر بشكل مُتتابع في مراحل النُّموّ التي يمكن أن يتمّ وصفها بالتفصيل.
- الاتّجاه السلوكيّ، أو البيئيّ: وهو الجانب الذي يُؤكِّد نَمَط السلوك المُلاحَظ على الطفل، ومدى تأثير المهارات، والخبرات، والظروف البيئيّة المُحيطة في اكتساب الطفل للسلوكيّات.
- الاتّجاه المجاليّ، أو نظريّة المجال: وهو الجانب الذي ينظر إلى حالة نشأة الطفل، وعلاقتها مع القُوى الديناميكيّة للبيئة المُحيطة به.
- الاتّجاه التحليليّ، أو النفسيّ: وهو الجانب الذي وَضَع مفهوم جديد عن الشخصيّة قائم على الحوافز اللاشُعوريّة.
خصائص النُّموّ الإنسانيّ
تتميَّز عمليّة النُّموّ الإنسانيّ بمجموعة من الخصائص، من أهمّها:
- النُّموّ عمليّة فارِقة: أي إنَّ ما يُؤدّيه الناس على أنَّه السُلوك المُعتاد، أو المُتوسِّط، أو ما يُؤدّى بالفعل يتحوَّل في هذه الحالة ليُصبح ما يجب أن يُؤدّى.
- النُّموّ عمليّة مُنتظمة: أي إنَّ تغييرات النُّموّ تتمّ بصورة مُنتظمة.
- النُّموّ عمليّة فرديّة: أي إنَّ كلّ فرد ينمو بطريقته.
- النُّموّ عمليّة كُلِّية: أي إنَّ العلاقات القائمة بين مُختلَف جوانب، ومراحل النمو تسير في اتّجاه واحد؛ في سبيل تطوُّرها، أو هدمها.
- النُّموّ عمليّة مُستمرَّة: أي إنَّ التغيُّرات التي قد تحصل على مُختلَف جوانب الفرد (العقليّة، والعُضويّة) لا يمكن أن تتوقَّف طوال حياته.
- النُّموّ عمليّة تغيُّر: فالنُّموّ يُعتبَر في الأساس مجموعة من التغيُّرات، ومنها: التغيُّرات التي تطرأ على بِنية الجسم الإنسانيّ ، ووظائف أعضائه، وتُسمَّى هذه التغييرات (نُضجاً) (بالإنجليزيّة: Maturation)، والتغيُّرات التي تحدُث بسبب الخبرة، والظروف البيئيّة المُحيطة، وهي ما تُسمَّى (تعلُّماً) (بالإنجليزيّة: Learing)، وهناك التغيُّرات غير النمائيّة التي لا تتطلَّب تطوُّراً، أو ثورة.