وسائل الصيد القديمة
وسائل صيد الحيوانات البرية القديمة
ابتكر البشر منذ العصور القديمة وسائل وتقنيات متنوّعة لصيد الطرائد البرية، وفيما يأتي بعض من أهمّ هذه الوسائل:
- الصيد باستخدام السّهام والأقواس: يعود تاريخ استخدام القوس والسهام في الصيد إلى حوالي 50,000 عام، إذ كان القوس يُصنع من الأخشاب المرنة مثل الخيزران، أمّا الوتر فمن أحشاء الحيوانات، في حين صُنعت السهام القديمة من أخشاب الصفصاف، أو الدردار، أو البلوط، وغيرها، وكان للسهم رأس حادّ يُصنع من الخشب، أو العظام، أو القرون، أو الصوّان المنحوت، وفي القرن الثالث قبل الميلاد بدأ تصنيع سهام كاملة من المعدن، ثمّ بدأ تصنيعها من مواد حديثة مثل الألومنيوم، أو الألياف الزجاجية، أو الجرافيت، أو ألياف الكربون.
- الصقارة: تُعدّ الصقارة أو ممارسة الصيد باستخدام الطيور الجارحة مثل الصقور والباز من الممارسات القديمة، إذ يُعتقد أنّها ظهرت في آشور في القرن الثامن قبل الميلاد، وبلغت ذروة انتشارها في أوروبا خلال العصور الوسطى.
- الصيد باستخدام قاذف الرمح: تشير بعض الدلائل التاريخية إلى أنّ الإنسان بدأ باستخدام قاذف الرمح (بالإنجليزيّة: Atlatl) منذ ما يُقارب 30 ألف عام، وقاذف الرمح هو عمود من الخشب أو العظام يُستخدم لرمي الرمح، إذ يمكن لقاذف رمح يبلغ طوله 1م أن يساعد الصياد على رمي رمح طوله 1.5م بسرعة 80كم/الساعة.
- الصيد باستخدام السكّين: تُعدُّ السكّين من الأسلحة التقليدية المُستخدمة في الصيد، ويفضّلها الكثير من الصيّادين؛ لأنّها أكثر أماناً من الأسلحة النارية، وخاصّةً في المناطق المزدحمة.
- الصيد باستخدام النار: يعتمد سكّان أستراليا الأصليين الطريقة التي استخدمها أجدادهم منذ آلاف السنين لصيد السحالي التي تشكّل 40% من طعامهم، وذلك عن طريق حرق الشجيرات الصغيرة في بقعة من الأرض للكشف عن ثقوب الجحور التي تختبئ فيها السحالي، واستخدام العصي بعد ذلك لإجبارها على الخروج من الجحر، ومن الجدير بالذكر أنّ مثل هذه الحرائق الصغيرة التي يتمّ التحكّم فيها والسيطرة عليها قد تكون مفيدة للبيئة، إذ يمنع الحرق المنتظم تراكم النباتات الجافّة التي يمكن أن تساعد في انتشار الحرائق الكبيرة.
- الصيد باستخدام الحيوانات المدرّبة: استخدم الإنسان الكلاب في الصيد منذ بداية تدجينها، وذلك في عدّة مهام، منها: ملاحقة الطريدة واستدراجها حتى تقع في فخّ أعدّه الصيّاد مسبقاً، أو إخراج الطريدة من مكمنها وتوجيهها باتّجاه الصياد حتى يتمكّن من صيدها بالرمح أو السهام، وقد بدأت بعض الدول استخدام الحيوانات المدرّبة مثل الكلاب وابن مقرض (بالإنجليزيّة: ferrets) لصيد الجرذان والفئران منذ منتصف القرن التاسع عشر، إذ يلاحق ابن مقرض الفأر لطرده من جحره، إلى أن يصل إلى الكلب الذي يقضي عليه.
- الصيد بالمثابرة: (بالإنجليزيّة: persistence hunting)، هي إحدى أقدم طرق الصيد، وفيها يركض الإنسان خلف الطريدة لمسافات طويلة إلى أن تصاب بالإرهاق الشديد، فتتوقّف عن الركض ويمسك بها، ومن المعروف أنّ الإنسان يمكنه الركض بكفاءة أكثر من الحيوانات الأخرى؛ وذلك بسبب عضلاته الكبيرة وأوتاره المرنة، كما أنّ لديه قدرة كبيرة على التحمّل، وخاصّةََ مع وجود الغدد العرقيّة التي تساعد على تبريد جسمه بسرعة.
- صيد الطيور باستخدام الصمغ: يتمّ من خلال استخدام أعواد عليها مادّة شديدة اللزوجة، إذ توضع هذه الأعواد على الأشجار لصيد الطيور، وتعدّ هذه الطريقة من أنواع الصيد الجائر ، فهي تؤدّي إلى الصيد العرضي لكثير من أنواع الطيور المهدّدة بالانقراض، كما تسبّب الكثير من الإصابات والجروح الخطيرة للطيور.
وسائل صيد الأسماك القديمة
يبيّن ما يأتي أهمّ وسائل صيد الأسماك التي يعود تاريخ استخدامها للعصور القديمة:
- الصيد باستخدام القوس والسهام: استخدم البشر القوس والسهام لصيد الأسماك في المياه الضحلة أو عبر القارب منذ عدّة قرون، ولا يزال هنود حوض نهر الأمازون يستخدمون هذه الطريقة حتى الآن، وفي الوقت الحاضر يُمارس صيد الأسماك بالسهام كنوع من الرياضة في كثير من مناطق العالم، ويجدر بالذكر أنّ هناك العديد من أنواع الأقواس التي يمكن استخدامها، كما تُصنع سهام صيد الأسماك الحديثة من ألياف زجاجية ثقيلة الوزن، وتتمكّن من الانتقال عبر المياه الأكثر كثافة لتصيب هدفها، ويكون لهذه السهام رأس شائك يمنع السمكة من التخلّص من السهم والهرب.
- الصيد باستخدام الرمح: تُعدُّ من طرق الصيد القديمة، إلّا أنّها كانت مناسبة للصيد في المياه الضحلة فقط، ولكن مع مرور الزمن ظهرت بندقية الرمح التي مكّنت الإنسان من الصيد في المياه العميقة أيضاََ، وهناك عدّة أنواع من رماح صيد الأسماك، منها: الرماح العادية، والرماح ثلاثية الشعب، والرماح المتخصّصة بصيد سمك الأنقليس.
- الصيد باستخدام شباك الصيد: استخدم البشر شباك صيد الأسماك منذ آلاف السنين، وكانت الشباك القديمة تُصنع من أي مادّة يمكن تشكيلها إلى خيوط رفيعة ومتينة، وعقدها لتصبح شبكة، أمّا الآن فأصبحت شباك الصيد الحديثة تُصنع من النايلون، ومع ذلك لا تزال الشباك المصنوعة من الصوف والحرير شائعة في بعض البلدان.
- الصيد باستخدام السنارة: يوجد دلائل تاريخية تشير إلى استخدام سنّارة الصيد منذ العصور الوسطى في أماكن متفرّقة من العالم، وقد كانت السنّارة القديمة تُصنع من الخيزران أو خشب المران، بشرط أن تكون صلبة، ومرنة، وخفيفة في الوقت ذاته، أمّا مقبض السنّارة فقد كان يُصنع من الفلّين، أو الخشب، أو القصب المغلّف، في حين أنّ السنّارة الحديثة أصبحت تُصنع من مواد صناعية، مثل الألياف الزجاجية، والجرافيت.
- صيد السمك بالأرجل: هي طريقة فريدة من نوعها استُخدمت منذ مئات السنين لصيد السمك المفلطح (بالإنجليزية: Flounder) الذي يتواجد في المياه الضحلة حول مصبّات الأنهار ، إذ يمشي الصيّاد على المسطّحات الطينية إلى أن يشعر بوجود سمكة تحت رجله، وحينها كلّ ما عليه فعله هو الوقوف فوقها بثبات.
- الصيد باستخدام الأوعية: استخدم الإنسان تقنية الأوعية لصيد الحيوانات المائية مثل الأخطبوط، والسلطعون، وجراد البحر، وجراد المياه العذبة منذ آلاف السنين، وتعتمد هذه التقنية البسيطة على إنزال وعاء إلى قاع البحر بحبل ثمّ تثبيته، إلى أن يدخله الحيوان معتقداً أنّه وجد مسكناً جديداً، وحينها يُرفع الوعاء للأعلى، إذ كان الوعاء قديماً يُصنع من الخشب أو الطين، أمّا اليوم فيُصنع من الأسلاك، والشبكات، أو البلاستيك، وقد أصبح أكثر تعقيداً وذو أشكال متعدّدة، فهو عبارة عن صندوق ذو مدخل معقّد يجعل دخول الكائن أسهل بكثير من خروجه.
- الصيد باليد: يعدُّ صيد الاسماك باليد من التقنيات القديمة التي استخدمت للحصول على الطعام، فقد مارس الصيادون تقنية تُعرف باسم دغدغة أسماك السلمون (بالإنجليزية: trout tickling)، إذ يستلقي الصياد على ضفة المسطح المائي، ثمّ يمدّ يده في الماء، وعندما تقترب منه سمكة سلمون يبدأ بفرك ودغدغة بطنها ابتداء من الذيل ووصولاً إلى الرأس إلى أن تهدأ، وعندها يمسك بالسمكة من رأسها ويخرجها من الماء.
- الصيد باستخدام فخاخ صيد الأسماك: يعود تاريخ فخاخ ومصائد الأسماك القديمة إلى ما بين 7,000-8,000 عام مضى، ولا يزال استخدامها شائعاً حتى وقتنا الحالي، وتُعرّف مصيدة السمك بأنّها هيكل مبني من الحجر، أو القصب، أو الأعمدة الخشبية، وموصول بشبكة أو سياج يوضع داخل مجرى مائي أو على حافّة بحيرة، وذلك بهدف صيد الاسماك التي تسبح مع التيار.
تاريخ تطوّر وسائل الصيد
اعتمد الإنسان قديماً على لحوم الحيوانات التي يصطادها كمصدر أساسي للغذاء، كما استخدم فرائها للحماية من البرد، أمّا قرونها، وعظامها، وحوافرها فصنع منهم ما يحتاجه من أدوات، وفي البداية استعان الإنسان بالصخور المنحوتة لقتل الحيوانات ، ثمّ بدأ بتحويل المواد الخامّ مثل حجر الصوّان إلى أسلحة للصيد ، وفيما بعد أخذ بحفر الخنادق كنوع من الفخاخ للحيوانات، ومع مرور الوقت ازدادت مهارة الإنسان بصنع أسلحة أكثر دقّة وتعقيداً، فصنع السهام والأقواس.
بدأ الإنسان مع مرور الزمن بالاستعانة بالحيوانات في رحلات الصيد، فاستخدم الكلاب منذ العصر الحجري الحديث لمساعدته على صيد الحيوانات، وإخراج الطرائد من مكامنها، وتوجيهها باتّجاه الصيّاد، وهو ما يُعرف بتقنية (beating)، كما استخدم للصيد أيضاً الخيل منذ الألفية الثانية قبل الميلاد، بالإضافة إلى الصقور قبل ما يُقارب 2,700 عام، وفي العصور الوسطى استمرّ الإنسان باستخدام الحيوانات للصيد بالإضافة للأقواس، والرماح، والسكاكين، والسيوف، ثمّ في القرن السادس عشر بدأ باستخدام الأسلحة النارية، أمّا في الزمن الحديث فقد تحوّل الصيد من ضرورة للحصول على الطعام والأدوات إلى نوع من الرياضة الترفيهية، وظهرت قوانين تنظّمه من حيث الأنواع المسموح بصيدها، والأدوات المستخدمة.