وسائل الإعلام وأهميتها
مفهوم الإعلام
تُعتبَر متابعة الأخبار اليوميّة، ومشاهدة بعض البرامج الترفيهيّة، والمسابقات، بالإضافة إلى الإعلانات ، وغيرها مضامين إعلاميّة تُبَثُّ للمجتمع؛ بهدف الترفيه، والتعليم، والاطِّلاع، والتثقيف ، حيث نشاهدها يوميّاً حين عَرضها باستخدام الوسائل الإعلاميّة المُتنوِّعة.
إنّ صناعة الإعلام تقتضي تبنِّي عدد من المضامين، والرسائل المُتنوِّعة، والمُضِيِّ قُدُماً في إنتاج، وترويج، ونمذجة هذه المضامين ضمن قوالب مُحدَّدة، بحيث تشمل شرائح المجتمع بكافّة اهتماماتهم؛ حيث إنّ بعض المضامين تتطلَّب أن تكون على شكل برنامج تلفزيونيّ ، وأخرى تكون على هيئة حملة ترويجيّة في المجلّات، والصُّحف، وهنا يأتي دور وسائل الإعلام، والمُتمثِّل بطبيعة كلِّ وسيلة، ومُتطلَّباتها، وما يتناسب معها، وفئة الجمهور المقصود، والمَعنيّ بمشاهدة هذا المحتوى الإعلاميّ، ومن الجدير بالذكر أنّ نجاح الرسالة الإعلاميّة يُقاس بمدى تأثُّر الجمهور بها، فِكريّاً، وعمليّاً؛ لأنّ الرسائل الإعلاميّة تحمل في جوفها مضامين مُتعدِّدة تمّ بناؤها بأسلوب مُتقَن؛ لإيصال تلك الرسالة، وتمرير مضمونها بشكل غير مباشر في أغلب الأحيان.
والوسيلة الإعلاميّة الفاعلة، والمُهمّة، هي تلك الوسيلة التي تُحقِّق أعلى نِسَب الانتشار، والتأثير في المجتمع، وهذا يتطلَّب دراسة مُتعمِّقة، وفهماً للمجتمع، والإعلام في آن معاً؛ فوسائل الإعلام ليست مُؤسَّسات معزولة عن مجتمعها، كما لا يمكن أن تنجح وسيلة إعلاميّة دون العمل على نَسْج المضامين، والرسائل بأسلوب العَرْض المُقنِع ، والمُشوِّق للفئة الجماهيريّة المَعنيّة بها، ويُعتبَر تعدُّد وسائل الإعلام، وتنوُّع أنماط عَرْضها للمحتوى دليلاً على تنوُّع الجماهير؛ إذ إنّ لكلّ فئة جماهيريّة في المجتمع ما ينسجمُ معها من قنوات، وصُحف ، ومجلّات، وإذاعات، فمُحصِّلة هذه العمليّة الاتِّصالية بين مُنشِئي المحتوى، والمُتلقِّين له هو تنمية شعور، أو سلوك مُعيَّن نحو الرسالة المُقدَّمة، حيث إنّ الإعلام يُروِّج فكرة، أو مُنتَجاً، أو قناعة ما، والجمهور يبدأ بتبنِّي هذه القناعة تدريجيّاً.
نبذة عن الوسائل الإعلاميّة
تسعى وسائل الإعلام على اختلافها إلى زيادة أعداد جماهيرها، وتوسيع انتشارها؛ ولذلك تستثمرُ التقدُّم التقنيّ؛ لتلبية احتياجات الجمهور، وتستغلُّ مختلف الوسائل؛ لعَرض محتواها الإعلاميّ بعدّة أنماط مُتنوِّعة، حيث إنّ هناك وسائل إعلام مطبوعة، ومَرئيّة، ومسموعة، بالإضافة إلى وسائل الإعلام الجديد، وفيما يلي توضيح لبدايات هذه الوسائل، وطبيعة انتشارها:
وسائل الإعلام المطبوعة
تُعتبَر الوسائل المطبوعة من أولى الوسائل الإعلاميّة؛ إذ كانت الصُّحف، والمجلّات تُعَدُّ مصدر أخبار الناس قديماً، أمّا اليوم، فقد تراجع عدد قُرّائها؛ بسبب توفُّر وسائل الإعلام الجديد، إلّا أنّ هذا لا يُنقِص من القيمة الإعلاميّة للوسائل المطبوعة؛ حيث إنّها حقَّقت نجاحات كُبرى، وخاصّة بعض الصُّحُف الأمريكيّة التي كانت تتمتَّع بولاءٍ جماهيريٍّ واسع لسنوات عديدة.
البَثُّ الإذاعيّ
حيث يتمُّ بَثُّ الأخبار صوتيّاً بعد إعدادها، وتنسيقها، وإتقان صياغتها حَسب المعايير الصحفيّة، والإذاعيّة السليمة، ممّا ساعد على انتشارها؛ إذ كان بإمكان السائقين الاستماع إلى نشرات الأخبار، والإعلانات، والبرامج الحواريّة على الإذاعات أثناء التنقُّل، والسَّفَر ، وقد شكَّلت البرامج الحواريّة تفاعُلاً مُتزايِداً مع الإذاعات كوسائل إعلام تفاعُليّة، أو حيّة.
البَثُّ التلفزيونيّ
كان البَثُّ التلفزيوني نَقلة نوعيّة على مستوى تطوُّر وسائل الإعلام، وصناعة الخَبَر، والإعلان، حيث سرعان ما تزايد انتشاره؛ بسبب التطوُّر التكنولوجيّ المُرافق له، وإقبال الجماهير على متابعة الأخبار بالصوت، والصورة.
أهمّية وسائل الإعلام ودورها المُتنامي
أهمّية الإعلام على المستوى الوظيفيّ
تكمن أهمّية وسائل الإعلام أوّلاً، وأخيراً في مدى التأثير الذي يمكن أن تُحقِّقه في مختلف شرائح المجتمع؛ فعلى الصعيد المجتمعيّ تطمحُ المُؤسَّسات الخيريّة للاستفادة من هذه الفرصة، بالإضافة إلى الشركات التجاريّة، والحملات الانتخابيّة، وأصحاب الأفكار، أو المُنتَجات، أو المشاريع؛ حيث إنّ الإعلام قد يضاعف من فُرَص النجاح، والانتشار، والرِّبح حتى على مستوى العلاقات، والشراكات بين الأفراد، والمُؤسَّسات، فقد تتعاون مُؤسَّسة ناشئة مع مُؤسَّسة كُبرى؛ بسبب إعلان تلفزيونيّ ما، كما أنّ الإنترنت فتح أبواب التواصُل، والإعلان، والترويج حتى عَبْر شبكات التواصُل الاجتماعيّ؛ إذ إنّه من خلالها يمكن الإعلان عن الخدمات، ومشاركة آخر الأخبار الخاصّة بالمُؤسَّسة، أو بالنشاط الشخصيّ، وهذا يتيحُ سُبُل التواصُل المباشر مع الجمهور، وبأكثر من نَمَط.
أهمّية الإعلام على المستوى الشخصيّ
تُحقِّق العلاقات الجيّدة مع وسائل الإعلام فُرَصاً حقيقيّة على المستوى الشخصيّ، بحيث يصبح اسم شخص ما، أو منصبه، أو مجال عمله، أو إنجازاته محورَ حديث الأشخاص بخطوات بسيطة مُتاحة حتى على شبكات التواصُل الاجتماعيّ، ممّا يُمكِّن من قَطع مسافات طويلة من التسويق الذاتيّ ؛ فالعلاقة الجيّدة مع وسائل الإعلام، وإتقان استثمار شبكات التواصُل الاجتماعيّ في التعريف عن المهارات الذاتيّة، والنشاطات، والخبرات التي يتمتَّع بها الفرد أمرٌ مُهمّ، وتتزايد أهمّيته على المستوى الوظيفيّ، والاجتماعيّ، والأُسَريّ، وحتى في ما يتعلَّق بالمُتخصِّصين في الإعلام، حيث تُعتبَر علاقاتهم الجيّدة مع المُؤسَّسات الإعلاميّة نقطة قُوّة لهم؛ إذ إنّ هذا من شأنه أن يُسهِّل عليهم نشاطاتهم، وتقاريرهم، ويُطوِّر من مصادرهم في الحصول على الأخبار أوّلاً بأوّل.
أهمّية الإعلام كمصدر لتلقِّي المعلومة
تتزايد قيمة الوسائل الإعلاميّة؛ لأنّها تُعَدُّ مصدراً لتلقِّي المعلومة، والخبر؛ فالمُهتَمُّ بالشؤون السياسيّة يعتمد على متابعة الإعلام، وذلك أمرٌ مشابه للمُهتَمُّ بالرياضة، والاقتصاد ، والصحّة، والموضة، والثقافة، والفنّ ، والتقنية، وريادة الأعمال، والكثير من المجالات التي تستقي معلوماتها، وآخر أخبارها من الإعلام، وخاصّة الإعلام الجديد، علماً بأنّ دورها المُهمّ لا يتوقَّف عند نَقل الأخبار فقط، بل يتعدّاه لتصبح أيضاً أداة ناقلة لصوت الشعوب، ومُسائِلة لصُنّاع السياسات في دوائر صُنع القرار عن أولويّاتهم، إلّا أنّ ذلك يتطلَّب شفافيّة عالية من وسائل الإعلام، وتَبَنٍّ لقضايا المجتمع، والإنسان، وهذا يُحمِّلها مسؤوليّة مُضاعَفة على صعيد مصداقيّتها؛ فالإعلام يمكن أن يكون منبراً للرسائل العادلة التي تعود بالنفع على المجتمع، وقد يُحرِّض بشكل غير مباشر على الكراهيّة، والعُنصريّة ، أو قد يكون أداة؛ لنَشْر الأكاذيب، والتضليل الإعلاميّ، وقد ساهمت شبكات التواصل الاجتماعيّ في تمكين حُرّية التعبير، وأتاحت لمُستخدِميها إيصال آرائهم، وتوضيح ردود أفعالهم إزاء خبر ما، بالإضافة إلى أنّها قد تكون مُؤسَّسة إعلاميّة تتبنَّى سياسة تحريريّة مُعيَّنة.
أهمّية الإعلام في تنمية المجتمع
أشادت مُنظَّمة الأُمَم المُتَّحِدة اليونسكو بدور الإعلام الحُرّ الذي يُؤمن بتعدُّد وجهات النظر، وحُرّية التعبير بوصفها إحدى أهمّ أدوات تعزيز الشفافيّة في المجتمع، وإحدى ركائز التنمية السياسيّة، والثقافيّة، وهذا بلا شَكّ يضاعف أهمّية الدور الذي تؤدّيه وسائل الإعلام، ويُعلي من شأنها على الصعيد السياسيّ، والمجتمعيّ ، علماً بأنّه لا بُدّ أن تساندها في تحقيق ذلك السياسات الرامية إلى تحقيق حُرّية التعبير لفئات المجتمع، وضبط سُبُل االتعبير عن الرأي بقوانين تُحافظ على سلامة المجتمع دون المساس بحُرّياته التي يضمنها له القانون ، ومن الجدير بالذكر أنّ تلك العمليّة الإنمائيّة بمختلف محاورها تُساهم في توعية المجتمع، ونَبْذ العنف، والتطرُّف؛ إذ إنّ المجتمع الواعي يمتلك مناعة ذاتيّة ضِدّ التطرُّف، وذلك يُبشِّر بحياة أفضل لكافّة فئات المجتمع، بالإضافة إلى الحياة السياسيّة المُستقِرّة؛ لتسودَ الثقة، وتكون مُتبادَلة بين الشعب، والحكومة، والإعلام، ومن الأدوار التي يلعبها الإعلام في تنمية المجتمع ما يلي:
- المساهمة في صنع القرار: تُساهم وسائل الإعلام في عمليّة صنع القرار كونها توفِّر كمّ ونوع المعلومات القابلة للتداول بين أطراف صنع القرار على اختلافهم، لتخلق حالةً من التشابه في إدراك الموقف بالنسبة لصانعي القرار كونهم يمتلكون ذات الكم والنوع من المعلومات، مما يُقارب بين وجهات النّظر، ويُساهم في إنتاج القرار السياسي وتوضيحه وفهمه.
- المساهمة في تقبُّل أو رفض القرارات: يُهيئ الإعلامُ الساحة والرأي العام لتقبّل القرارات من السلطات العليا، وقد يُحرّض على رفضها كونه يستطيعُ الوصول للمتلقي وبثّ معلوماتٍ معيّنة إليه.
- تعزيز الحوار بين الثقافات: تمتلكُ وسائل الإعلام الأدوات القادرة على تسهيل وتبسيط الحوار بين الثقافات المُختلفة، إذ تستطيع أن تتصدّى للمواقف السائدة وتبديد الأفكار السيئة في ما يتعلق بـ "الآخر"، كما يُمكنها أن تتخطّى حاجز التّصورات النّمطية، وتُزيل الجهل الذي يدعمُ الخوف وسوء الظنّ بالآخرين ويُحذّر من التعامل معهم، لتنتقل بالإنسان إلى مدىً واسعٍ من تقبّل الأطراف الأخرى ليُصبح التّنوع والاختلاف حالةً طبيعية وفرصةً لطيفة للتفاهم والتعرّف على الآخرين.
- تنمية الوعي لدى الشعوب: تؤدّي وسائل الإعلام دوراً هاماً في تنمية وعي الشعوب وتحفيز الشّباب على تنمية المجتمع والتّعاون لأجل نهضة البلاد ومواجهة كل العوائق، حيثُ إنّها بقدرتها الكبيرة وإمكانياتها غير المحدودة، مسوؤلةٌ عن تعريف الناس بالكثير من القضايا والمخاطر كالجريمة مثلاً.
تأثير الإعلام على الأفراد
تشير الدراسات والأبحاث إلى وجود ارتباط وثيق بين ما تبثُّه وسائل الإعلام من محتوى والصحة النفسية والجسدية للأفراد، بالإضافة إلى ارتباطها بطبيعة حياته الاجتماعيّة ونمطها، حيث قد يكون تأثير الإعلام إيجابياً أو سلبياً على الأفراد، إلّا أنّ مما لا شك فيه أنّ له ذلك التأثير الواسع على أفعال الفرد ومعتقداته ورؤاه بما يقدّمه من مضامين.
يؤثر الإعلام على نظرة الفرد لنفسه وللمجتمع المحيط، ويساهم في تعديل اتجاهات الأفراد وقيمهم، وفي تكوين صور ذهنية عديدة لديهم، ففي الوقت الذي يُراد ببعض هذه المضامين البناء والإصلاح في المجتمع قد تعمل بعضها على سلخ الأفراد من بيئاتهم وإبعادهم عن موروثاتهم الحسنة، وتغيير مفاهيمهم الاجتماعية، وترسيخ المشاعر السلبية لديهم بما يُبث عبرها من أفلام رعب وعنف وجريمة، وهي ما يُساعد على انتقال هذه الأنماط السلوكية للأفراد، بالإضافة إلى سهولة الوصول إلى المحتويات اللاأخلاقية التي كانت بذرة لانتشار الكثير من الآفات الاجتماعية، وهو الأمر الذي يدعو الأفراد لا سيما الآباء والأمهات منهم إلى الحذر مما يتلقّاه الأبناء وتوجيههم نحو ما يضمن نفعهم وفائدتهم من خلال هذه الوسائل.