هل شرب الخمر من الكبائر
هل شرب الخمر من الكبائر؟
إنَّ شرب الخمرِ يعدُّ من كبائرِ الذنوبِ، وقد تضافرت الأدلّة الشرعيّة سواء من القرآنِ الكريم أو من السنّة النبويّة المطهرة والتي تحذَّر المسلمينَ من كبيرة شرب الخمرِ، وسيتمُّ ذكر بعض هذه الأدلّة فيما يأتي:
- قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
- قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ).
- قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (اجتنِبوا الخمرَ؛ فإنَّها مِفتاحُ كلِّ شرٍّ).
حد شرب الخمر
لقد رتَّب الشرع الحنيف على معصية شربِ الخمرَ عقوبةً مقدرةً، وقد اتّفق أهلُ العلمِ على أنَّ العقوبة المقدرة لشرب الخمر هو الجلد ، ولا يوجد خلاف بينهم على ذلك.
وبالرغمِ على اتّفقاهم على العقوبة إلَّا أنَّ أقوالهم قد تباينت في مقدارها، حيث تعدّدت أقوالهم في عددِ الجلداتِ على ثلاثة أقوالٍ، وفيما يأتي بيان هذه الأقوالَ مع ذكرِ الدليلِ الشرعي:
- القول الأول
إنَّ حدَّ شربِ الخمرِ ثمانونَ جلدةً إن كان شاربُ الخمرِ حرًا، وأربعونَ جلدةً إن كان شاربُ الخمرِ عبدًا، وهذا مذهب فقهاء الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة، مستدلّينَ بفعلِ عمر بن الخطاب -رضيَ الله عنه-، حيث جلدَ ثمانين جلدةً، ووافقه الصّحابة على ذلك.
- القول الثاني
إنَّ حدَّ شرب الخمرِ أربعونَ جلدةً إن كان شارب الخمرِ حرًا، وعشرون جلدةً إن كان شارب الخمرِ عبدًا، وهذا مذهب فقهاء الشافعيّة، وهو رواية أخرى عند فقهاء الحنابلة.
وقد استدلوا بفعل رسول الله -صلّى الله -عليه وسلّم- وأبو بكرٍ -رضيَ الله عنه-، حيث قال أنس بن مالك -رضيَ الله عنه-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضَرَبَ في الخَمْرِ بالجَرِيدِ والنِّعالِ، وجَلَدَ أبو بَكْرٍ أرْبَعِينَ).
- القول الثالث
إنَّ حدَّ شربِ الخمرِ هو الجلد، إلَّا أنَّه لم يعيِّن أصحاب هذا القول عددًا للجلداتِ، بل يُترك ذلك للحاكم بحسب ما يرى من مصلحةٍ.
عقوبة شرب الخمر في الآخرة
إنَّ عقوبة شرب الخمر غير مقتصرةٌ في الدنيا، بل يُعاقب شارب الخمرِ بالآخرةِ كذلك، وقد بيَّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في قوله: (مَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدُّنْيا، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْها؛ حُرِمَها في الآخِرَةِ)، أنَّ شارب الخمرِ في الدنيا يُعاقَب بحرمانها في الآخرة، فلا يشربها حتى لو دخل الجنة.
وكذلك يُعاقب شارب الخمرِ إن مات من غيرِ توبةٍ بدخول النَّار في الآخرةِ، وإنَّ من قام بتكرار شرب الخمرِ في الدنيا دون توبة فإنَّ الله -عزَّ وجلَّ- يُسقيه من عصارةِ أهلِ النارِ يومَ القيامة.
ودليل ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (كلُّ مُسكرٍ حرامٌ، و إنَّ على اللهِ لَعهدًا لمن شرب المسكرَ أن يَسقِيَه من طينةِ الخَبالِ، عَرَقُ أهلِ النَّارِ).