هل التدخين يخفف الشهية ويقلل الوزن
التدخين
يُعَدُّ التدخين من العادات السيِّئة التي يَصعُب التخلُّص منها؛ حيث تحتوي مادَّة التبغ (بالإنجليزيّة: Tobacco) على النيكوتين (بالإنجليزيّة: Nicotine)، والذي يُسبِّب الإدمان، بالإضافة إلى أنّ الجسم، والدماغ يَعتادان عليها بشكلٍ سريع، ويبدأ الناس عادةً بالتدخين؛ لأسباب مُختلفة، كأن يكون أحد أفراد العائلة، أو الأصدقاء، من المُدخِّنين، أو لأنَّهم يعتقدون أنَّها تبدو عادة جذّابة. وتجدر الإشارة إلى أنَّ العديد من الموادّ الكيميائيّة التي تتكوَّن منها السجائر، كالنيكوتين، والسيانيد (بالإنجليزيّة: Cyanide) تُعتبَر من السُّموم التي قد يكون استهلاكها بجُرعات عالية قاتلاً، وتحصُل مُضاعَفات هذه السُّموم بشكلٍ تدريجيّ؛ ولذلك فإنّ التدخين على المدى الطويل قد يُسبِّب أمراض القلب ، والانتفاخ الرئويّ (بالإنجليزيّة: Emphysema)، والسكتات الدماغيّة، وعدَّة أنواع من السرطان ، كسرطان المعدة، والحلق، والرئة، والمثانة، بالإضافة إلى أنَّه يُمكن أن يُسبِّب مشاكل جلديّة، كالصدفيّة (بالإنجليزيّة: Psoriasis)، والتجاعيد، ويزيد من خطر الإصابة بالعدوى، كالالتهاب الرئويّ (بالإنجليزيّة: Pneumonia)، والتهاب القصبات (بالإنجليزيّة:Bronchitis).
أثر التدخين في الشَّهية والوَزن
تُشير العديد من الدراسات إلى أنّ وزن المُدخِّنين أقلّ من وزن غير المُدخِّنين، ويمكن أن يُؤثِّر التدخين في وزن الجسم من خلال زيادة الأيض، أو تقليل الشَّهية، كما أنَّه يُحفِّز نشاط الجهاز العصبيّ الودِّي (بالإنجليزيّة: Sympathetic nervous system)، إلّا أنَّ هذا التأثير في مُعدَّل الحَرق كان أقلّ عند الأشخاص المُصابين بالسُّمنة، ويعتمد ذلك أيضاً على النشاط البدنيّ، واللياقة للأشخاص، وقد ظهر أنَّ مُعدَّل الأيض عند النساء اللواتي أقلعن عن التدخين كان أقلّ بنسبة 16% منه وقت التدخين، وبالإضافة إلى ذلك، فقد وُجِد أنّ المُدخِّنين يكونون أكثر عُرضَة للإصابة بفَرْط نشاط الغُدَّة الدرقيّة مُقارَنةً بغير المُدخِّنين؛ ممّا يُساهم في زيادة مُعدَّل عمليّات الأيض .
وقد وجدت دراسةٌ أُخرى أنّ التدخين يُمكن أن يُؤثِّر في الشَّهية، والسيطرة على الوزن ؛ حيث لوحِظَ في الدراسة أنَّ الفئران التي تمّ تعريضها إلى دُخان السجائر ثلاث مرَّات في اليوم، ولمُدَّة أربعة أيّام، قد فقدت بعض الوزن، وازداد استخدامها لمخازن الدُّهون أيضاً، كما لوحِظَ أنَّه بعد اليوم الأوَّل، بدأت الفئران بتناوُل الطعام بشكلٍ أقلّ، واستمرَّ هذا الانخفاض طوال التجربة، ومن الجدير بالذكر أنَّ زيادة استخدام الطاقة، والدُّهون بشكلٍ كبير عند هذه الفئران، أدَّى إلى اختلال التوازن الداخليّ للجسم، وتجدر الإشارة إلى أنَّه على الرَّغم من أنّ الدماغ في العادة يُحفِّز المسارات الخاصّة بالشَّهية في الدماغ؛ لضَبط تناوُل الطعام، أو تقليل صَرْف الطاقة؛ كنتيجةٍ لنَقْص السُّعرات الحراريّة، إلّا أنّ الفئران التي تعرَّضت للدُّخان زادت من صَرْف الطاقة، واستخدام مخازن الدُّهون، كما حَصلت بعضُ التغيُّرات في أعضائها الداخليّة؛ حيث كان الكبد عند هذه الفئران أخفّ مُقارنةً بالفئران الطبيعيّة؛ ولذلك فإنَّه يُنصَح بعدم اللجوء إلى التدخين بهدف خسارة الوزن .
وأخيراً، فإنَّه في الوقت الذي أكَّدت فيه الأبحاث على أنّ التبغ يُقلِّل الشَّهية، فقد كانت هنالك دراسات حول العلاقة بين تدخين السجائر، واضطرابات الأكل (بالإنجليزيّة: Eating disorder)، وقد أشارت إحدى هذه الدراسات إلى أنَّ الأشخاص المُصابين بمُختلَف اضطرابات الأكل، كفقدان الشَّهية العُصابيّ (بالإنجليزيّة: Anorexia nervosa)، والشَّرَه العصبيّ (بالإنجليزيّة: Bulimia nervosa)، واضطراب نَهم الطعام (بالإنجليزيّة: Binge eating disorder)، وغيرها، ازدادت لديهم مُعدَّلات التدخين، وإدمان النيكوتين، وقد افترض الباحثون أنَّ التدخين في حالات اضطراب الطعام يرتبط بالاندفاعيّة (بالإنجليزيّة: Impulsivity)، والتي غالباً ما يتّصف بها الأشخاص المُصابون بالشَّرَه العصبيّ، واضطراب نَهم الطعام.
الإقلاع عن التدخين وزيادة الوزن
قد يُعاني العديد من الناس من زيادة الوزن بعد الإقلاع عن التدخين ، إلّا أنّ هذه الزيادة عادةً ما تكون قليلة؛ حيث يَبلُغ مُتوسّط الوزن المُكتسَب من أربعة إلى خمسة كيلوغراماتٍ، على مَدار خمس سنوات، على الرغم من أنّ أغلب الوزن المُكتسَب يكون في السنة الأولى بعد تَرْك التدخين، وخاصّةً خلال الثلاثة شهور الأولى، ومن جهةٍ أُخرى، فإنَّ الطريقة التي يتغيَّر فيها الوزن بعد الإقلاع عن التدخين تختلف من شخصٍ إلى آخر؛ حيث يفقد بعضهم الوزن، ويكتسب البعض الآخر وزناً كبيراً، وتُعتبَر هذه الحالة قليلة جدّاً، ومن الجدير بالذكر أنَّ الأبحاث تُشير إلى أنَّ وزن الأشخاص الذين أقلعوا عن التدخين على المدى البعيد، يُشبه وزن الأشخاص الذين لم يسبق لهم التدخين.
ومن الجدير بالذكر أيضاً أنَّ التدخين يُؤثِّر في توزيع الدُّهون في جسم المرأة؛ حيث يُصبح جسمها يُشبه شكل التفَّاحة، أي أنَّ الدُّهون تتراكم حول منطقة الخصر، ويرتبط تراكُم الدُّهون في هذه المنطقة من الجسم بالعديد من المَخاطر الصحّية، كأمراض القلب ، والسكتات الدماغيّة، ومرض السكّري من النوع الثاني ، وقد تصل إلى الوفاة، ومن جهةٍ أُخرى، يكون الوزن الذي تكتسبه المرأة بعد الإقلاع عن التدخين مُتمركزاً في منطقة الوركين؛ وهي المنطقة الطبيعيّة لتراكُم الوزن عند النساء، وتجدُر الإشارة إلى أنَّ هنالك عدَّة أسباب قد تُؤدّي إلى زيادة الوزن بعد الإقلاع عن التدخين ، ومن هذه الأسباب ما يأتي:
- تناوُل الطعام بشكلٍ أكبر: فقد يُلاحظ العديد من المُدخِّنين أنَّ عاداتهم الغذائيّة تتغيَّر بعد الإقلاع عن التدخين؛ حيث يمكن أن يشعروا بالجوع بشكلٍ أكبر، كنوعٍ من أعراض الانسحاب ، إلّا أنّ الدراسات تُشير إلى أنَّهم يعودون في النهاية إلى عاداتهم الغذائيّة السابقة.
- تأثير النيكوتين في الجسم: فقد وُجِد أنَّ الأشخاص الذين يُقلِعون عن التدخين يكونون أكثر عُرضَةً لزيادة الوزن؛ ولذلك تُصبح عمليّات الأيض عندهم أبطأ.
تجنُّب زيادة الوزن بعد الإقلاع عن التدخين
هناك عدَّة خُطوات يمكن أن تُساعد على الابتعاد عن التدخين، وتجنُّب زيادة الوزن ، ومن هذه الخُطوات ما يأتي:
- استخدام المُنتَجات بديلة النيكوتين: حيث يُمكن استخدام بعض البدائل للنيكوتين، كالعلكة، ولصقات النيكوتين (بالإنجليزيّة: Nicotine patch)، وأقراص المصّ؛ إذ تُساعد هذه المُنتَجات على الإقلاع عن التدخين، كما أشارت الدراسات إلى قُدرتها على تجنُّب زيادة الوزن؛ إذ إنّها تُقلِّل من الرَّغبة في النيكوتين، وبالتالي تُقلِّل من الحاجة إلى زيادة تناوُل الوجبات الخفيفة؛ للتخلُّص من الرَّغبة في التدخين.
- الحرص على الانشغال خلال استراحة التدخين: حيث قد يميل الكثير من الناس إلى تناوُل الطعام خلال الوقت الذي كانوا مُعتادين فيه على التدخين؛ ولذلك فإنَّ من الأفضل الانشغال بشيء ما، كمُمارَسة الألعاب على الهاتف، أو مَضْغ العلكة ، أو مُمارَسة بعض التمارين الرياضيّة.
- تناوُل الطعام بحِكمة: إذ تجب أوّلاً معرفة ما إذا كان الشخص يُريد تناوُل الطعام لأنَّه جائع، أو لتجنُّب الرَّغبة في التدخين؛ حيث إنَّ هذه الرَّغبة لا تستمرَّ سوى فترةٍ قصيرة لا تتجاوز (5-10) دقائق؛ ولذلك يمكن الانشغال بشيءٍ آخر بدلاً من الطعام، إلّا أنّه في حال كان الشخص جائعاً، فإنّه يُنصَح بعدم تناوُل الطعام أمام التلفاز، وأن يكون تركيزه على المَضْغ، والطعام الذي يتناوله.
- مُمارَسة التمارين الرياضيّة: حيث تُساعد التمارين الرياضيّة على تقليل الرَّغبة في تناوُل الطعام غير الصحّي، والتدخين، ومن جهةٍ أخرى فإنَّ التمرين يزيد من حَرْق السُّعرات الحراريّة؛ ولذلك يُنصَح الشخص بزيادة نشاطه البدنيّ بعد الإقلاع عن التدخين، كما يُنصَح الأشخاص الذين كانوا يُمارسون الرياضة سابقاً بأن يتمرَّنوا لفترات أطول.
- شراء الأطعمة الصحّية: عند التسوُّق يُنصَح بتجهيز قائمة بالأطعمة الصحّية التي يحتاجها الشخص، واختيار الخضار، والفواكه، ومُنتَجات الحليب قليلة الدسم، والأطعمة قليلة السُّعرات الحراريّة.
- تجنُّب الجوع: فقد يُؤدّي الجوع الشديد إلى تناوُل كمّيات كبيرة من الطعام؛ ولذلك يُنصَح بتناوُل الأطعمة التي تُساعد على الشعور بالشَّبع لفترات أطول.
- النوم لفترات كافية: حيث يمكن أن يُؤدّي النوم لفترات غير كافية إلى زيادة الوزن.