نماذج من الصدق في الإسلام
صدق أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-
لُقب أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بالصديق؛ لتصديقه النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في كُل ما جاء فيه، وكُل ما ورد عنه، وذلك لما روته عائشة -رضي الله عنها- أن المُشركين جاؤوا إلى أبي بكر -رضي الله عنه- وأخبروه أن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ذهب إلى بيت المقدس وعاد في نفس الليلة، وسألوه بتصديقه له.
وأجابهم: (فقالوا : هل لك إلى صاحبِك يزعم أنه أُسرِيَ به الليلةَ إلى بيتِ المقدسِ ؟ قال : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم ، قال : لئن كان قال ذلك لقد صدَقَ ، قالوا : أو تُصَدِّقُه أنه ذهب الليلةَ إلى بيتِ المقدسِ و جاء قبل أن يُصبِحَ ؟ قال : نعم إني لَأُصَدِّقُه فيما هو أبعدُ من ذلك ، أُصَدِّقُه بخبرِ السماءِ في غُدُوِّه أو رَوْحِه ، فلذلك سُمِّي أبو بكٍر الصِّديقَ).
وأخبر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- عنه أنه صدقه لما كذبه الناس، كما أنه كان صاحب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ورفيقه في الغار.
صدق عُمر بن الخطاب -رضي الله-
لما ذهب عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى الحج ووقف بالأبطح، ودعا الله -تعالى- أن يرزقه الشهادة في مدينة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقال له بعض الصحابة الكرام: يا أمير المؤمنين من يريد الشهادة يخرج إلى الثُغور، فأجابهم: أن هذا كان دُعاءه لربه، ولما وصل إلى المدينة طُعن وهو يُصلي الفجر، وفي مدينة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وهذا الموقف يدُل على صدقه مع الله -تعالى-، وصدقه فيما طلب منه.
صدق سعد بن مُعاذ -رضي الله عنه-
عُرف سعد بن مُعاذ -رضي الله عنه- في الصدق، فكان صديق الأنصار، وتُساوي منزلته في الصدق كمنزلة أبي بكر -رضي الله عنه- في المُهاجرين، فقد كان يُلقب بصدّيق الأنصار، وقد وصفه النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أنه من الصادقين عند اللقاء، الصابرين في الحرب.
ولما أُصيب في غزوة الخندق في كاحله، دعا الله -تعالى- أن يُبقه إن كان هُناك حربٌ بقيت بين المُسلمين واليهود، وقال الصحابة الكرام: فوالله لقد انقطع دمه فما قطر قطرة واحدة بعد دعائه الصادق، فجاء بعد ذلك حرب النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- وحربه مع اليهود، فنزلوا على حُكمه.
وورد ذلك في الحديث الصحيح: (أنَّ سَعْدًا قَالَ: اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أنَّه ليسَ أحَدٌ أحَبَّ إلَيَّ أنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ، مِن قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسولَكَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَخْرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فإنِّي أظُنُّ أنَّكَ قدْ وضَعْتَ الحَرْبَ بيْنَنَا وبيْنَهُمْ، فإنْ كانَ بَقِيَ مِن حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيءٌ فأبْقِنِي له؛ حتَّى أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ، وإنْ كُنْتَ وضَعْتَ الحَرْبَ، فَافْجُرْهَا واجْعَلْ مَوْتَتي فِيهَا، فَانْفَجَرَتْ مِن لَبَّتِهِ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ -وفي المَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِن بَنِي غِفَارٍ- إلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إليهِم، فَقالوا: يا أهْلَ الخَيْمَةِ، ما هذا الذي يَأْتِينَا مِن قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ منها رَضِيَ اللَّهُ عنْه).