نبذة عن جابر بن حيان
جابر بن حيَّان
يُعدّ أبو موسى جابر بن حيّان الأزدي، أحد مؤسسي الصيدلة الحديثة، ولُقّب بأسماء عدّة من أبرزها أبو الكيمياء العربي، والحراني، والصوفي، بينما كان يُعرف عند الأوروبيين باسم جابر، ووالده حيّان الأزدي من قبيلة الأزد في اليمن، كان ابن حيّان يعمل في مجال العطارة والصّيدلة في مدينة الكوفة العراقية حيث كان يعيش، وبرع في علوم الكيمياء والصّيدلة والفلسفة والطّب، وهو عالم مسلم وكيميائي وفيلسوف وموسيقي، وكتب الكثير من المؤلفات، إذ يُنسب إليه أكثر من 3000 مقال وكتاب، شملت العديد من المجالات، والعلوم مثل: علم الكونيات، والموسيقى، والطّب، والسّحر، وعلم الأحياء، بما فيها الجيل الاصطناعي للكائنات الحية، بالإضافة إلى مؤلفاته في الكيمياء، والهندسة، والمنطق.
حياة جابر بن حيان
وُلد جابر بن حيّان عام 721م في بلدة طوس بالقرب من محافظة خراسان في إيران، إبان الحكم الأموي، وهو أكاديمي وباحث من القرن العشرين، واختلفت الروايات حول أصله العرقي، إذ يرى البعض بأنّه ينحدر من خراسان الإيرانية، وانتقل إلى الكوفة، بينما أشار آخرون بأنّه سوريّ الأصل، وانتقل إلى ايران، وتؤكد مصادر أخرى بأنّ والده كان صيدلانياً من قبيلة الأزدي، وهاجر ابن حيّان مع عائلته عندما كان صغيراً إلى اليمن، حيث درس فيها تحت وصاية العالم الحميري، الذي علّمه الرياضيات وعلوم القرآن وعدّة أمور أخرى، وتتلمذ ابن حيّان أيضاً على يد الإمام جعفر الصادق.
درس ابن حيّان الكيمياء والطّب في عهد الخليفة العباسيّ هارون الرشيد تحت رعاية وزراء الخليفة الذين كانوا من عائلة البرامكة (بالإنجليزية: Barmecides)، ثمّ مارس مهنة الطب بدعم من الخلافة العباسيّة، وتوفي بعد تجاوزه التسعين من عمره في عام 815م، ليترك وراءه إنجازات ومؤلفات ذات أثر كبير على الكيمياء في العصور الوسطى.
إنجازات جابر بن حيان
يُعدّ جابر بن حيّان من أبرز العلماء وأذكاهم في العصر الذهبي للإسلام، وهو مؤسس الكيمياء في العالم الحديث، وأجرى العديد من التجارب الكيميائية بنفسه، وله الكثير من الإنجازات والاكتشافات والإسهامات في مجال الكيمياء من أبرزها الآتي:
- إنتاج حمض النيتريك وحمض الكبريتيك، حيث يعتبر حمض الكبريتيك حمضاً معروفاً جداً لاستخداماته الواسعة، فهو يُستخدم في بطاريات المركبات.
- إدخال خواص عديدة للمواد، مثل؛ الرطوبة والجفاف والبرودة والدفء.
- فصل الشوائب عن عنصر الذهب، بالاستعانة بعنصري الرصاص، والملح الصخري.
- الوصول إلى طريقة لتنقية عنصر الزئبق.
- اكتشاف بعض المواد التي تجعل الماء أكثر ليونة، وأطلق عليها اسم المواد القلوية.
- تصنيع مادة أكوا ريجيا (بالإنجليزية: Aqua Regia)، وهي مزيج من الأحماض التي لها القدرة على إذابة الذهب.
- تطوير أكثر من 20 نوعاً من معدات وأدوات المختبر، مثل: الإمبيق، وفرن التقطير، ولازال بعضها يُستخدم في الوقت الحالي.
- تطوير طريقة لتنقية المواد بواسطة عملية التبلور.
- أول عالم يجعل من علم الكيمياء علماً تجريبياً قائماً على نظريّة الطبيعة والعناصر الأربعة وهي؛ الماء والهواء والأرض والنار.
- ترجمة إنجازاته في الكيمياء إلى اللغة اللاتينيّة، ولغات أوروبية مختلفة.
مؤلفات جابر بن حيان
ألّف جابر من حيّان العديد من الكتب القيّمة، وقُسمت إلى 4 فئات، وهي كما يأتي:
- كتاب 112: تضمّ هذه المجموعة النسخة العربية من لوحة الزمرد، وهي إحدى الأعمال القديمة الّتي تتحدث عن أساس الكيمياء، وكانت هذه الكتب مخصصة للبرامكة ووزراء الخليفة هارون الرشيد، وتُرجمت إلى اللاتينية في العصور الوسطى، واشتهرت بشكلٍ واسعٍ في أوروبا.
- كتاب السبعين: كُتبت هذه المجموعة باللغة العربية، وتُرجم معظمها إلى اللغة اللاتينية في العصور الوسطى.
- الكتب العشرة: تتحدث الكتب العشرة عن التّصحيح، كما أنّها قدمت وصف عن بعض العلماء مثل؛ أرسطو، وأفلاطون، وفيثاغورس، وسقراط.
- كتب الموازين: تضمّن هذه المجموعة نظريته المشهورة جدًا، وهي نظرية التوازن في الطّبيعة.
- كتب أخرى: يوجد العديد من الكتب المنسوبة إلى ابن حيّان، والتي تُرجمت وكُتبت باسمه اللاتيني "جابر"، وهي كتاب مجموع الكمال، وكتاب التحقيق في الكمال، وكتاب الأفران، وكتاب اختراع الحقيقة، وكتاب العهد.
المجموعة الجابرية
تضم المجموعة الجابرية العديد من النظريات المتنوّعة، ولكن أكثر هذه النظريات غموضاً، هي التي تتحدث عن نوع من علم الحساب (الأعداد)، ويُطلق عليها اسم التوازن، أو طريقة التوازن، والتي تتضمن كيفية تحديد عناصر الطبيعة الأربعة، وهي البارد، والساخن، والرطب، والجاف في مادة ما، حيث تمّ إعطاء كل حرف من الحروف الأبجدية العربية قيمة عددية معينة، ثمّ تمّ ربطها مع عناصر الطبيعة المتنوّعة، وفقًا لترتيب الحروف، وتُشير النصوص الجابرية إلى أنّ كل الأشياء تحتوي على حقيقة واقعية مخفية، وأخرى ظاهرة، والّتي اكتُشفت بالطريقة الموصوفة، وتشير أيضاً أنّ الطبيعة المتوازنة تقع في التناسب 1:3:5:8، والتي دائماً ما تكون ضمن العدد 17 أو مضاعفاته.
تشمل المجموعة الجابرية أيضاً على نظرية جابر بن حيّان، التي تتحدث عن أنّ المعادن المعروفة تتكوّن في الأصل من عنصري الكبريت والزئبق، حيث قدّم بن حيّان الدراسات التي تُعطي وصفاً دقيقاً وتفصيلياً عن سبائك المعادن وكيفية تنقيتها، وإجراء الاختبارات عليها من خلال طريقة التقطير التجزيئي، ومن الجدير بالذكر أنّ مادة كلوريد الأمونيوم كانت تُشكّل أهمية كبيرة في اختراعات العالم ابن حيّان؛ وذلك بسبب قدرتها على الاندماج مع معظم المعادن المعروفة في ذلك العصر؛ ممّا يجعل المعادن قابلة للذوبان ومتطايرة بدرجاتٍ مختلفةٍ ومتفاوتةٍ.
الخلاصة
جابر بن حيّان واحد من أعظم علماء المسلمين، الذين كان لهم دورٌ بارز في شتّى العلوم، وخاصةً براعته في علم الكيمياء، حيث استحق ابن حيّان الألقاب الّتي نُسبت إليه بجدارة، وقد عاش حياةً طويلةً مليئةً بالعطاء، كان له فيها الأثر الكبير، حيث ترك للعالم بأسره العديد من الإنجازات والمؤلفات والإسهامات المهمة في الكيمياء، وقد أشاد به الكثيرون، حيث قال عنه أحد المفكرين في الغرب: "إنّ فضل جابر على الكيمياء، كفضل أبقراط في الطّب، وأرسطو وطاليس في علم المنطق، وإقليدس في علم الهندسة".