موضوع قصير عن عناية الإسلام بالطهارة والنظافة
أهمية الطهارة والنظافة في الإسلام
الإسلام هو دين الطهارة والنظافة ، حيث دعا المسلمين للعناية بالطهارة والنظافة في شتّى المجالات، وجعَلها شَعيرةً من شعائر هذا الدين، وفريضةّ من فرائضه، حتى إنه جعلها شرطاً من شروط الصلاة التي هي من أهمّ العبادات، وأعظم الواجبات، والطهارة من الأخلاق الفاضِلة، والعادات السامية، لذلك أوجب الله -سبحانه وتعالى- على المسلمين أن يطهّروا أبدانهم من الأنجاس، ويطهّروا قلوبهم من الأحقاد والأضغان، لذلك قسّم الإسلام الطهارة والنجاسة إلى قسمين:
- الطهارة الحسية والطهارة المعنوية: حيث إن:
- الطهارة الحسيّة: وهي الطهارة من الحدث والخبث.
- الطهارة المعنويّة: وهي طهارة المؤمن من الشرك والكفر.
- النجاسة الحسية والنجاسة المعنوية: حيث إن:
- النجاسة الحسية: هي أشياء معيّنة حكم الإسلام بقذارتها ونجاستها، وهي مقسّمة على النحو الآتي:
- أعيانٌ نجاستها مغلّظة: وهو الكلب.
- أعيانٌ نجاستها مخفّفة: مثل بول الصبي الرضيع.
- أعيانٌ نجاستها متوسّطة: مثل نجاسة البول، والدم، والميتة.
- النجاسة المعنوية: هي نجاسة الكفر، والفسق، والعصيان.
- النجاسة الحسية: هي أشياء معيّنة حكم الإسلام بقذارتها ونجاستها، وهي مقسّمة على النحو الآتي:
مجالات الطهارة والنظافة في الإسلام
اهتمّ الإسلام بالطهارة والنظافة اهتماماً لا يضاهيه أيّ إهتمامٍ من الشرائع الأخرى بها، حيث جعلها جزءاً من الإيمان، وقيمةً من أهمّ القيم الإسلامية، ولم يعتبرها مجرّد سلوكٍ متعارف عليه، أو مرغوب به اجتماعياً بأن يحصل من يقوم به على القبول الاجتماعي، وإنما جعلها قضيّةً إيمانيةً تتّصل بالعقيدة، يحصل صاحبها على الأجر، ويأثم من يتركها في بعض المجالات، وسيتمّ بيان مجالات الطهارة والنظافة في الإسلام فيما يأتي:
- الوضوء: من أهمّ المجالات التي تُظهر اهتمام الإسلام بالنظافة والطهارة أنه شرع الوضوء للصلوات الخمس في اليوم والليلة، وجعل الوضوء مختصّاً بالأعضاء التي تتعرّض بشكلٍ أكبر للتلوّث، وجعله شرطاً لقبول الصلاة، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بغيرِ طُهُورٍ)، كما رَغّب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإسباغ الوضوء على المكاره، وجعله سبباً لغفران الذنوب .
- الغسل : فقد جعل الإسلام أحكاماً خاصةً لغسل جميع البدن على النحو الآتي:
- الغسل الواجب: أوجب الإسلام الغسل بعد الجماع، وبعد الحيض، والنفاس، وغير ذلك من المواطن.
- الغسل المستحب: ندب الإسلام إلى الغسل في يوم الجمعة، والعيدين، وإذا مرّ سبعة أيّامٍ على آخر اغتسال.
- غسل اليدين: فقد شرع الإسلام غسل اليدين في الحالات الآتية:
- قبل الأكل وبعده.
- بعد الاستيقاظ من النوم.
- قص الشارب وإعفاء اللحية : ويظهر اهتمام الإسلام بالنظافة بتطبيق هذه السنة في الأمور الآتية:
- إن قصّ الشارب يقي الرجل المسلم من تعلّق الطعام بشاربه، أو تلوثّه بالمشروبات إن كان طويلاً.
- إن المسلم مندوبٌ إذا توضّأ أن يخلَّل لحيته ليتأكّد من نظافتها، وعدم تراكم الأتربة والغبار عليها.
- التسوّك : وهو أوّل ما كان يقوم به النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الدخول إلى بيته، وقد حثّ على استخدامه لتطهير الفم من بقايا الطعام، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لَوْلا أنْ أشُقَّ علَى المُؤْمِنِينَ -وفي حَديثِ زُهَيْرٍ- علَى أُمَّتِي، لأَمَرْتُهُمْ بالسِّواكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ).
- التطيب بالمسك وغيره: فقد حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- على التطيّب بكلّ أنواعه، وخاصة المسك، وعلى قبول الطيب، لأن الطيب يُبهج النفس، ويسرُّها، ويبعث على النشاط والقوة.
- إكرام الشعر: من مظاهر اهتمام الإسلام بالنظافة أنه أمر المسلم إذا كان شعره كثيفاً وأراد أن يتركه أن يسرّحه ويدهنه.
- نظافة الملبس: فقد كان شعار الإسلام أن يهتمّ المسلم بلباسه، ودليل ذلك قوله تعالى: (يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ)، وقصّة الرجل الذي سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل الذي يُحبّ أن يكون ثوبه حسناً، ونعله حسناً، فبيّن له الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن هذا ليس من الكبر، بل من مظاهر النظافة التي اعتنى بها الإسلام.
- نظافة بيت المسلم: فقد حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على نظافة أفنية البيوت؛ وهي الأماكن الواسعة المحيطة بالبيت، فمن باب أولى الاهتمام بنظافة البيت.
- نظافة المسجد: فقد أمر الله -سبحانه وتعالى- نبيَّه إبراهيم وولده إسماعيل بتطهير المسجد الحرام؛ لأن المساجد بيوت الله سبحانه وتعالى، فلا بدّ من المحافظة على نظافتها، وطهارتها، وتبخيرها، لأنها مكانٌ للسجود ، والركوع، والاعتكاف، والذكر.
- تغطية أواني الطعام: فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بتخمير الأواني، وإيكاء الأسقية، حثَّاً منه وترغيباً على النظافة والطهارة.
- طهارة مكان الاستحمام: فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- من أن يبول المسلم في المكان الذي يَستَحِمّ به صوناً لذلك المكان من النجاسة، وحتى يبقى طاهراً، وحتى يُبعد وساوس الشيطان بأن النجاسة لا زالت باقيةً في ذلك المكان.
- طهارة الإناء الذي ولغ فيه الكلب: فقد أمر الإسلام بتطهير الإناء الذي ولغ فيه الكلب سبع مراتٍ بالماء، إحداهنّ بالتراب، أو أولاهن بالتراب.
الحكمة من تشريع الطهارة والنظافة
شُرعت الطهارة للمسلم للحكم الآتية:
- تعظيماً لمقام الربوبية: لأن الإنسان المسلم مأمورٌ بالوقوف بين يدي ربه ومناجاته، فناسب ذلك أن يكون متطهّراً من الأحداث والنجاسات.
- حفاظاً على كرامة المسلمين بين الناس: لأن الناس تنفر من الشخص غير النظيف، فناسب ذلك أن يشرع الله -سبحانه وتعالى- الطهارة للمسلمين، حتى يتمّم لهم مكارم الأخلاق ، ومحاسن العادات.
- استجابةً لنداء الفطرة لدى المسلمين: لأن الإسلام دين الفطرة، فكان من الطبيعي أن يأمر أتباعه بالطهارة والنظافة، لأن الإنسان يرغب فيهما بجبلّته وفطرته، ويبتعد عن القذارة والأوساخ بطبعه وفطرته.
- المحافظة على صحّة البدن: لأن الطهارة والنظافة من أهمّ أسباب الوقاية من الأمراض.
ثواب المتطهّرين
إن الذي يتتبّع نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهّرة، يظهر له اعتناء الإسلام بالطهارة والنظافة، وترتيب الأجر عليهما، ومن ذلك ما يأتي:
- حب الله -سبحانه وتعالى- للمتطهرين: ودليل ذلك قوله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
- الطهارة نصف الإيمان: ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ).
- الطهارة مكفّرةٌ للذنوب: وهي كذلك مُضاعَفةٌ للأجور، ومَنهاة عن الفجور، وضياءٌ لصاحبها يوم النشور، وطهارة الأجساد سببٌ لطهارة القلوب، وتزكية النفوس أيضاً.