مواقف تاريخية عن التضحية
مواقف تاريخية عن التضحية
التضحية هي بذل النفس والمال والوقت والجهد وكل شيء في سبيل مرضاة الله تعالى ، من أجل النهوض بالدين الإسلامي، وسيادة شرعه، وإعلاء كلمته، وإضعاف الباطل، وإرشاد الناس إلى الصراط المستقيم، لكي يفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة، وفيما يأتي بعض صور التضحية في التاريخ الإسلامي:
التضحية بالنفس
روى ابن عساكر في تاريخه، وابن الأثير في أُسد الغابة: أن عمر وجّه جيشاً إلى الروم فأسروا عبد الله بن حذافة، فذهبوا به إلى ملكهم، فقال ملك الروم: تنصّر أقاسمْك مُلكي وأزوجْك ابنتي، فرفض عبد الله، فقال له ملك الروم: تنصّر أعطِك ملكي كلّه، وأزوجك ابنتي، فرفض، فأمر ملك الروم به أن يصلب ويرمي الرماة حول أطرافه وأن لا يصيبوا منه مقتلاً، ثم أمر به فأُحضر، فعرض عليه النصرانية فأبى، فأمر ملك الروم بإناء كبير أن يُملأ زيتاً ثم يُوقدَ عليه حتى يغلي، ثم أمر بواحد من أسرى المسلمين فأُلقي في هذا الزيت فتحول إلى عظام في الحال، وعبد الله ينظر، فعرض عليه النصرانية فأبى، فأمرهم أن يحملوه ويلقوه في الزيت، فلما حملوه بكى، فأمرهم أن يرجعوا به فقال له عبد الله: لا تظنّ أني إنما بكيتُ جزعاً من الموت، ولكني كنتُ أتمنى أن يكون لي من الأنفس بعدد ما في جسمي من الشعرات، ثم تُسلّطََ عليَّ فتقتلني، ثم أُبعث فتُسلَّط عليَّ فتقتلني، فلّما علمتُ أنه ليس لي إلا نفس واحد يُفعل بها هذا في سبيل الله بكيت، فقال له ملك الروم: قبّل رأسي وأنا أطلق سراحك، فقال: أفعل بشرط أن تطلق سراح من معي من المسلمين، فوافق، ففعل، وكان معه ثمانون من المسلمين، فلّما رجعوا إلى عمر بن الخطاب قال: حقٌ على كل مسلم أن يقبّل رأس عبد الله وأنا أبدأ، فقام فقبّل رأسه.
التضحية بالمال
عن زيد بن أسلم عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدَّق، فوافق ذلك عندي مالاً، فقلت: اليوم أسبق أبا بكرٍ إن سبقته يوماً، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟، قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكلِّ ما عنده، فقال: يا أبا بكر ما أبقيتَ لأهلك؟، قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسبقه إلى شيءٍ أبداً، (رواه أبو داود والترمذي والدارمي والبزار والحاكم والبيهقي).
تضحيات الأنصار
لقد ضرب الأنصار أعظم الأمثلة على التضحية عندما هاجر إخوانهم المهاجرين إلى المدينة، ففتحوا لهم قلوبهم، وقاسموهم بأموالهم وطعامهم وبيوتهم وأراضيهم، حتى إنهم آثروهم على أنفسهم، فكسبوا بذلك رضوان الله تعالى عليهم، وتخّلد ذكرهم إلى يوم يبعث الناس لرب العالمين، فقال تعالى: "والّذينََ تَبَوّءَُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِليْهِمْ وَلَا يَجِدونَ في صُدُورِهمْ حاجَةً مِّمَّا أًوتُوا وَيُؤْثِرونَ عَلَى أَنْفُسِهمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصةٌ وَمنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِه فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُون".