من ثمرات غض البصر
طاعة لله واتباع أوامره
أمر الله -عزّ وجلّ- نبيّه محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بغض البصر، وبواسطته أمره أن يأمر أمّته كذلك بغضّ البصر، فقال -تعالى-: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) .
والمُراد من غض البصر؛ عدم استخدام النظر ومنعه من النظر إلى ما حرّمه الله، ذلك لأنّ غضّ البصر طريقٌ موصلٌ إلى زيادة الإيمان، وربطه الله في الآية بالحفظ من الزنا فإطلاق البصر يؤدي إلى الوقوع في الزنا، فمن التزم بأمر الله حاز على الأجر والثواب، ومن عصاه وقع فيما حرّمه الله ونهاه عنه.
يورث القلب البصيرة والحكمة وحلاوة الإيمان
يُمدُّ غضُّ البصر قلب المسلم بنور الإيمان، فينعكس على الوجه والأعضاء جميعها، وحين يمتلئ القلب نوراً يُبصر ويمتلك ويمتلئُ حكمةً وعلماً، والله -عزّ وجلّ- يجازي من جنس العمل، فمن يغض بصره عن محارم الله؛ يجازيه الله -تعالى- بالبصيرة التي تزيد إيمانه حلاوةً وتؤدي للحكمة في كل شيء حوله، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
سد باب الفتنة والوقوع في المحرمات
ربط الله -تعالى- غضِّ البصر بحفظ الفرج، فحفظ النظرة سبب في حفظ الفرج؛ لأن الأمر يبتدئ بالنظرة، ثمّ الخطرة، ثمّ الخطوة، ثمّ الخطيئة، فالنظرة هي المقدمة لارتكاب المعاصي والمحرمات.
والإمتناع عن غضّ البصر يؤدي إلى الإمتناع عن حفظ الفرج، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تُتبعِ النَّظرةَ النَّظرةَ فإنَّما لَكَ الأولى وليسَت لَكَ الآخِرةُ)، وعلى المؤمن الصادق السمع والطاعة لأمر الله وأمر رسوله.
شكر الله على نعمة البصر
أنعم الله على عباده بنعمٍ لا عدّ لها ولا حصر ، فمنها الظاهرة ومنها الباطنة، ومنها ما يُدركه الإنسان وما لا يدركه، ومن الواجب على العبد أن يشكر الله -تعالى- على نعمه، ويتحقق الشكر على هذه النعم من خلال استخدامها وتوظيفها فيما أمر الله -تعالى- به وبما يُرضيه والابتعاد عمّا نهى عنه.
حيث قال الله -تعالى-: (وَاللَّـهُ أَخرَجَكُم مِن بُطونِ أُمَّهاتِكُم لا تَعلَمونَ شَيئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرونَ) ، وغضُّ العبد بصره عن المحرمات والشهوات من أوجه شكر الله -تعالى- على نعمة البصر.
خشية الله والاستشعار بمراقبته
يجب على العبد المسلم أن يحرص على غض البصر خشيةً من الله واستشعاراً لمراقبته له في جميع أحواله، فالله -تعالى- يعلم ما تخون الأعين من استراق النظر على ما لا يحب النظر إليه، ويعلم الله -تعالى- ما ينويه صاحب النظرة ويُبطُنه داخل نفسه إذا ما أطلق البصر تجاه من لا يحلُّ له، قال -تعالى-: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) .
ومن صور إستشعار العبد لرقابة لله؛ الإستحياء من الله -تعالى- إذ يُستحب للعبد حتى وإن كان وحيداً مُنفرداً أن لا يكشف عورته، وذلك طاعةً لله وطلباً لرضاه واستشعاراً لرقابته -سبحانه-، وقد ورد عن معاوية بن حيدة أنه قال: (يا رسولَ اللهِ عوراتُنَا ما نأتِي منها وما نذرُ؛ قال: احفظْ عورتكَ إلّا من زوجتكَ أو مما ملكتْ يمينكَ، فقال: الرجلُ يكون مع الرجلِ إن استطعتَ أن لا يَراها أحدٌ فافْعَل، قلتُ: والرجلُ يكون خالياّ قال: فاللهُ أحقّ أن يُسْتَحيا منهُ).