من أول صحابي ولد في الإسلام
أول مولود في الإسلام
يُعد عبد الله بن الزُبير أول مولودٍ للمُهاجرين في الإسلام، وكان ذلك في السنة الأُولى من الهجرة، بعد مقدم النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة، فجيء به إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد ولادته، فوضعه في حجره، وتروي أُمّه أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- عن ذلك، وتقول: (ثُمَّ أتَيْتُ به النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَوَضَعْتُهُ في حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ في فِيهِ، فَكانَ أوَّلَ شيءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ حَنَّكَهُ بتَمْرَةٍ ثُمَّ دَعَا له، وبَرَّكَ عليه وكانَ أوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ في الإسْلَامِ)، وكان مولده في شهر شوال من السنة الأولى للهجرة، وفرح الصحابة الكرام بمولده فرحاً عظيماً، حيثُ إنّ اليهود قالوا: إنّهم سحروا المُهاجرين حتّى لا يُولد لهم ولدٌ بعد الهجرة، فكان مولده تكذيباً لهم فيما قالوه.
سيرة الصحابي عبد الله بن الزبير
نسب عبد الله بن الزبير وصفاته
وُلد عبد الله بن الزُبير في أُسرةٍ ذات نسبٍ عريقٍ، فأبوه الزُبير بن العوام ، حواري النبي -عليه الصلاة والسلام- وابن عمته، وأحد العشرة المُبشرين بالجنة، وهاجر الهجرتين، وشهد بدراً وأُحداً واليرموك، وأُمّه أسماء بنت أبي بكرٍ، ذاتُ النّطاقين، وكان لها دورٌ كبير في خدمة الإسلام، ومن صفات عبد الله بن الزبير أنّه كان نحيفاً، خفيف اللحم، خفيف اللّحية، قليل شعر الوجه، وكان لا يُنازَع في العبادة والشجاعة والفصاحة، نشأ في بيت النبوّة، وروى ثلاثةً وثلاثين حديثاً، وكان يُكثر العمل للآخرة، ويُكثر من قيام الليل، وصيام النهار، ومن مناقبه أنّه كان أحد الرّجال الأربعة الذين كلّفهم عُثمان بن عفان -رضي الله عنه- بنسخ القُرآن.
بطولات عبد الله بن الزبير
شارك عبد الله بن الزُبير مع والده في غزوة الأحزاب وفتح مكة ، ولكنّه كان صغيراً، ولمّا توفي النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكُن عُمره يتجاوز الإحدى عشرة سنة، وكان لا يُسمح لمن هو أقل من خمس عشرة سنة بالمُشاركة في القتال، فكانت أُولى مُشاركاته في معركة اليرموك مع والده، ولكنّه مُنع عن القتال لصغر سنِّه، وبعد انتهاء المعركة شارك في علاج الجرحى، وفي عهد الخليفة عُثمان بن عفان -رضي الله عنه- قاد جيش المُسلمين الذي بعثه الخليفة إلى إفريقيّة؛ ليأتيهم بأخبار المُسلمين بعد أن انقطعت، ووصل إليهم، وجلس معهم، وقاتل معهم في حرب الرّوم وهزموهم، وقتل قائدهم جرجير، وكان على يديه فتح بلاد إفريقيّة، وقال عن ذلك ابن كثير: إنّه أول موقفٍ اشتُهر فيه شأن عبد الله بن الزُبير -رضي الله عنه-.
وقد شارك مع والده في معركة الجمل، وكان أول من ضرب الدراهم بشكلٍ مُستدير، فجعل النّقش على أحد الوجهين مُحمدٌ رسول الله، وعلى الوجه الآخر أمر الله بالوفاء بالعهد، وبُويع له بالخلافة بعد موت يزيد بن مُعاوية في سنة أربعة وستين من الهجرة، ودامت خلافتُهُ تسع سنين، وتُوفّي في مكة سنة ثلاثة وسبعين من الهجرة.