ملامح الحياة الاجتماعية العصر الجاهلي
العصر الجاهلي
يطلق على مرحلة ما قبل الإسلام في جزيرة العرب العصر الجاهلي وتقدّر المدّة الزمنية لهذا العصر بقرن ونصف قبل الإسلام، وقد أطلق هذا المسمّى في العهد الإسلامي وتختلف الروايات حول سبب التسمية حيث عزى بعض المؤرخين ذلك إلى انتشار الأمّية في ذلك العصر وذهب بعضهم إلى عبادة الأصنام والتقرّب إلى الله من خلالها، وقد انتهى هذا العصر ببعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم واعتناق العرب للدين الإسلامي.
ملامح الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي
اتسمت الملامح الاجتماعية للعرب بالقبلية والتعصب للجماعة والتمسك بالعادات والتقاليد المتوارثة، وبالرغم من ظاهر الاسم إلا أنّ ذلك العصر تميّز بتمسّك العرب بالأخلاق الحميدة والتفاخر فيها من خلال الحس الأدبي والشعري العائد إلى فصاحتهم الكبيرة وقدرتهم على الحفظ، كما كان المجتمع آنذاك مقسّم تقسيم طبقي حيث ظهر السادة والعبيد والرقّ.
كان النمط المعيشي السائد للقبائل العربية هو النمط البدوي البسيط حيث عاشوا في داخل الصحراء خلف مصادر المياه والعشب للرعي، واتخذوا من الخيام مساكنًا لهم، وغالب أكلهم من التمر واللبن وكانوا يتميزون بالفصاحة اللغوية، أمّا في المدن الحضرية كمكّة المكرمة ويثرب والطائف ومدن اليمن والحيرة فقد كان نمط حياتهم أكثر ترفًا من ناحية الطعام المتنوّع والملابس الفاخرة وآنية الذهب والفضة، وكان غالب عملهم في التجارة ويسكنون بيوتاً حجرية.
العادات والتقاليد في العصر الجاهلي
شهد هذا العصر تمسّك العرب بالنظم الاجتماعية و العادات والتقاليد المتوارثة، وقد انتشرت الأخلاق والعادات الحميدة عند العرب آنذاك، ومن أبرز هذه العادات الحميدة هي إكرام الضيف حتى يصل بالشخص إلى حرمان نفسه وعائلته ليطعم ضيفه، وكان الصدق والوفاء بالعهود والالتزامات محمودًا عندهم، وكانوا يحسنون الجوار ويحمون المستجير ويذودون عنه بالسيف والدم إن استدعى الأمر.
وكانت الكرامة وعزّة النفس عندهم تاجًا يفتخرون فيه بالصبر والتحمل لضنك الحياة، وكانت الشجاعة في ميادين الحرب ونجدة المظلوم من الخصال التي امتازوا بها وألفوا بها الأشعار والأغاني، وكانوا يحترمون الأشهر الحرم والبلد الحرام ولا يسفكون فيها الدماء ومن مظاهر ذلك إمساك قبيلة هوازن عن قتال قبيلة كنانة عند دخولهم الحرم في حرب الفجّار .
وفي الجهة الأخرى كانت التقاليد المذمومة عند العرب في العصر الجاهلي مُنتشرة جهلًا وتوراثًا، فانتشر القمار والميسر وخاصةً في المدن الحضرية وعرفوا التطيُّر في الاختيار من خلال ترك الطير فإذا ذهب يُمنةً استبشروا وإذا طار يُسرةً تشاءموا ورجعوا عن أمرهم.
النظام القبلي في العصر الجاهلي
التنظيم القبلي المبني على العشائرية هو النظام السائد عند العرب في الجاهلية وينتسب الفرد إلى قبيلته التي ينتمي إليها، وكانت القبائل وحدات منفصلة مبنية على الدم والنسب دون حدود جغرافية أو سياسية واضحة، وقُسّم النسب عند العرب إلى مراتب أولها الشُعب وهي أعلى مراتب النسب كعدنان وقحطان تلاها القبيلة كمضر وربيعة ثمّ تنقسم القبيلة إلى العمارة كقريش وكنانة يليها البطن كبني عبد المناف وبني مخزوم تم تنقسم إلى الفخذ كبني أمّية وآخرها الفصيلة التي تنقسم عن الفخذ كبني العبّاس، وكان نظام القبيلة الاجتماعي ينقسم بشكل طبقي إلى ثلاثة أقسام رئيسية، نستعرضها فيما يأتي:
الصرحاء (الأحرار)
هم أبناء القبيلة وجمهورها وأعلى مراتبها يرتبطون بالدمّ فيما بينهم وخالص النسب، وكانوا دعامة القبيلة في الحروب ينتصرون لها ظالمة كانت أو مظلومة، وإذا خرج الحُرّ عن قبيلته أو سلك طريقًا يجلب العار نبذته القبيلة ويسمّى خليع القبيلة، وقد يلجأ إلى الصحراء ويسمّى حينها صعلوك.
الموالي
وهم الطبقة الثانية في القبيلة وعليهم نفس واجبات الطبقة الأولى ولكن لا يتمتعون بسائر الحقوق، ويتألفون من الحلفاء الذين لجأوا لهذه القبيلة بعد أن خلعتهم قبيلتهم أو العتقاء وهم العبيد الذين عُتقت رقابهم.
العبيد (الرقيق)
وهم الطبقة الأدنى في المجتمع المحرومة من الحقوق بالرغم من ثقل الواجبات عليها تجاه الأحرار والسادة.