مقومات الحضارة العربية الإسلامية
مقوّمات الحضارة العربية الإسلاميّة
تمتاز الحضارة العربية الإسلاميّة بالعراقة، فقد وجدت منذ آلاف السنين، وتميّزت عن غيرها من الحضارات بالثبات والقوة والأصالة، وعدم تأثرها بالمقوّمات الخارجية؛ لأنّها قامت على هدي القرآن والسنّة النبوية الشريفة، على عكس الحضارات الأخرى التي أخذت بالذوبان والزوال مع مرور الزمن، سنتحدث هنا عن مقوّمات الحضارة العربية والإسلاميّة.
العقيدة
تقوم العقيدة في الإسلام على تعظيم صلة العبد بربه، وتعطيه شريعة وقيماً معيّنة تنظم الحياة الاجتماعية حسب هداية الله -عز وجل-، حيث ترتكز هذه العقيدة على شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، وهي تعني الإفراد بالعبودية لله -سبحانه وتعالى- وحده لا شريك له، والاعتراف بالسلطان والخلق له وحده، ومن أهم مقوّمات العقيدة ما يأتي:
- السمو الإنساني
إذ أعطت هذه العقيدة لمعتنقيها وحامليها الطهارة في أسمى صورها ومعانيها، كالطهارة من الشهوات، فلا تطوّعه غريزة الشر، بل تعطيه عقيدته قوة يستطيع بها القضاء على أيّة نزوة أو هوى، فلا يضعف، ولا يستكين لإغراءات الشهوات، فقد قال -تعالى-: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ).
- الرجاء وطمأنينة القلب
تبعث هذه العقيدة في نفوس أصحابها طمأنينة القلب والرجاء في الله، إذ يربي الإيمان المسلم على نفسيّة طيّبة قائمة على الثقة بالله.
- النمو الحقيقي للأشياء
تبعت العقيدة الإسلاميّة في نفوس أهلها التصور الواقعي والحقيقي لقيم الأشياء، دون أن يطغى عليها بهر الشبهات، فمن يعرف ربه يعرف قيمة إيمان وشيمة نفسه، ويعلم كذلك أنّ النّاس كلهم يرزقون من خيرة الله وكلهم عبيد، وإذا استعان صاحب العقيدة فإنّما يستعين بالله وحده لا شريك له، وإذا طلب فليطلب من الله.
- وحدة المجتمع وترابطه
حيث إن الالتزام بالعقيدة الإسلامية يبعد البغضاء والكراهية عن المسلمين، ويجعلهم أمة واحدة، قال -تعالى-: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ).
النظام الاجتماعي
الأساس الثاني للحضارة العربية الإسلاميّة هو النظام الاجتماعي المترابط والمتكامل الذي جاء به الدين الإسلامي، وهو نظام رباني متكامل اختاره الله -تعالى- للبشريّة لينظموا به حياتهم الخاصّة، ويسعدوا به في الدنيا والآخرة، ولا تتداخل معه أنظار البشر القاصرة وأهواؤهم الشاردة، وإنما هو وعي إلهي دقيق ينظّم حياة الناس وينسّقها ويحميها من الضعف والهوان، ومن أهم مقوّمات النظام الاجتماعي:
- المساواة بين البشر
يقيم الإسلام المجتمعات العربية الإسلاميّة على قاعدة مهمّة وضروريّة لاستقرار الحياة البشريّة وهي المساواة التامّة بين البشر.
- الحريّة
تتجلّى الحريّة في المجتمع العربي الإسلامي في أسمى مقاصدها وأجل معانيها وأروع مظاهرها، ومن هذه الحريّات: حريّة الرأي، وحريّة التفكير، وحريّة القول وحريّة الاعتقاد.