مفهوم استراتيجية الإدارة اليابانية
استراتيجية الإدارة اليابانية
تسمى الإدارة اليابانية أيضَا ب إدارة الإجماع أو إدارة اللجنة، والتي تعد جزءًا فطريًا من الثقافة اليابانية ، إذ تنطوي على عملية صنع قرار بطيئة تحاول الوصول إلى إجماع حقيقي بدلاً من حل وسط، وعلى الرغم من بطء عملية صنع القرار إلا أن عملية التنفيذ تكون سريعة.
استراتيجيات الإدارة اليابانية
من أهم المصادر والوسائل والتحديات التي استنبط منها اليابانيون استراتيجية إدارية فاعلة ومتقدمة ومتطورة:
العزلة
عزلة شعب اليابان عن غيرهم من الشعوب وقتالهم المستميت في حقبة الساموراي للحفاظ على وحدة أرضهم والدفاع عنها وعدم السماح لأي نوع من الاحتلال التتاري أو غيره من التعدي على أرضهم أكسبهم روابط مشتركة وتآلفًا وتلاحمًا منقطع النظير وولاء واحترام كبير للسلطة الحاكمة، ثم تبع العزلة انفتاحًا كليًا على باقي الشعوب والثقافات كان من أهم أسبابه العنصرية اليابانية في تحدي الغرب والمحافظة على الاستقلال، وحتى بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن هُزِمت اليابان وفُرِضت عليها قوانين ومبادئ أمريكية حاولت في العقود اللاَحقة بشتى الوسائل التخلص من أي تأثير غربي أو أمريكي، وبصعوبة بالغة تقبلت بعض النظريات والقوانين.
الكفاءة الإنتاجية
(بالإنجليزية: Total Poduction Control (TQC)) وتعد أنجح استراتيجية إدارية تم زرعها في اليابان، فبسبب قانون الوظيفة الدائمة الذي أمَن الاستقرار النفسي والعملي للموظفين وإيجاد الألفة ومنع الحقد والجفاء والخصومة بينهم، كان التركيز دائمًا على الإنتاج وكفاءته، ويقوم المبدأ الياباني الفريد من نوعه في الكفاءة الإنتاجية على تقنيات مراقبة الجودة المفروضة نتيجة لنقاشات واسعة بين المدير والموظفين القائمين على الإنتاج ويُرحَب بأي اقتراح أو تحسين أو فكرةٍ من الموظف شرط إنجاح العمل والخروج بصورةٍ نهائيةٍ ذات كفاءةٍ إنتاجيةٍ عالية، كان هذا المبدأ قد تم اعتماده في ستينات القرن الماضي والتخلص تمامًا من المبدأ الأمريكي ورفضه في مراقبة الجودة (QC) القائم على أوامر تصدر من مدير العمل وعلى الموظفين التنفيذ دون نقاش.
تحفيز النمو الاقتصادي
تلعب عدة عوامل في تحفيز النمو الاقتصادي في اليابان منها:
- الارتفاع الهائل في الكفاءة الإنتاجية والجودة وبالتالي زيادة التجارة الخارجية.
- التطور التكنولوجي الكبير والانتقال إلى تطبيقات متطورة.
- زيادات كبيرة في النمو الزراعي يفوق معدل استهلاك الفرد بسبب ابتكار وتطوير وسائل جديدة.
- وفرة مصادر المياه النهرية والشلالات التي تم تسخيرها بشكل كبير لتوليد الطاقة الكهربائية بدلاً من التوربينات الغازية المعتمدة على الغاز والبترول.
الترابط المؤسسي
الترابط والعمل الجماعي ما بين قطاعات المجتمع وقطاع الأعمال والجمعيات الاقتصادية والصناعية والخدمية والبنوك والتعليم، حيث تتميز اليابان عن باقي دول العالم في طبيعة العلاقة ما بين القطاع الحكومي البيروقراطي وقطاع الأعمال بكافة مؤسساته من تمازجٍ وتلاحمٍ وتجانسٍ وترابط، أكسب الاقتصاد قوة فاقت القوى الغربية.
بناء القدرة الذاتية
ومن أهم الاستراتيجيات التي اتبعها اليابانيون في مؤسساتهم في بداية القرن العشرين هي بناء القدرة الذاتية أو الاعتماد على الذات من خلال اكتساب المتدربين اليابانيين للمبادئ والأساسيات العامة والمهارات والمعارف للعمل المؤسسي من الخبراء الأجانب ثم ابتكار نظرياتٍ جديدةٍ محليةٍ تتماشى مع مبادئهم الأصلية.
هاجس القلة والندرة
بينما يعاني الياباني مواجهةً دائمةً بينه وبين قلة الطبيعة الجغرافية والموارد الطبيعية لأرضه ويعاني صراعًا لإدارة هذه الموارد من أجل البقاء وتحدي الظروف تجد أن:
- المساحات الزراعية قليلة جدا، وبسبب انعدام فكرة الرَعي والحيوانات الأليفة التي قد تساعد في الزراعة، اضطر اليابانيون للاعتماد على المورد البشري في الزراعة والتكاتف جميعًا والتلاحم لإنتاج غذائهم كالأرز مثلًا.
- المنطقة الجغرافية الحرجة المعرضة دائمًا إلى أعاصير وزلازل حتَمت على الشعب التكاتف والصراع والتضحية من أجل البقاء.
- المساحة الصالحة للسكن صغيرة جدًا مما اضطرهم إلى أن يكون كل شيء منظمًا ومرتبًا لأبعد حد.
كل هذه التحديات ليس لها حل إلا الكفاءة والنظام لمواجهة صراع الحياة والبقاء ويدفعهم لذلك انتماؤهم الشديد لوطنهم والمسؤولية الاجتماعية لديهم والثقة المتبادلة النابعة من التجانس العرقي والألفة بينهم والاحترام الكامل، لذلك أوجدوا ما يسمى بقانون العيوب الصفرية (ZD) الذي مهَد لبرامج إدارة الجودة الشاملة (TQM).
قانون العيوب الصفرية (ZD)
بيئة العمل التي يسودها النظام والألفة والاحترام كما ذكرنا سابقًا خلقت هذا القانون والذي يعني لا عيوب على خط الإنتاج حتى وصلوا إلى برامج الجودة الشاملة والتوريد الفوري أو ما يسمى بالتخزين اللحظي فلا ضرورة للتكديس في مستودعات كبيرة في بلد لا يتسع لذلك.
الفريق متعدد المهمات
اختلافهم الوحيد عن غيرهم من الشعوب هو عملهم الجماعي الذي جعلهم قادرين على الإتيان بابتكاراتٍ وإبداعاتٍ استراتيجية، ففي معظم الشركات هناك فريق كامل متعدد المهمات يتكون من مهندسين ومنتجين ومراقبين ومسوقين، ويتم الاتفاق والعمل معًا فيعملون على ورقة عملٍ واحدةٍ لإنتاجٍ أكثرَ جودة وكفاءة.