مظاهر العنف المدرسي
مظاهر العنف المدرسي
تُعتبر ظاهرة العنف المدرسي أكثر أشكال العنف ضد الأطفال انتشاراً في مختلف أنحاء العالم، وهي ذات تأثيراتٍ جسدية ونفسية بالغة السوء على الطلاب لما يُرافقها من أعمال الترهيب والتنمّر والقمع؛ الأمر الذي دفع هيئة الأمم المتحدة إلى عمل دراسةٍ شاملة أظهرت أهم أشكال العنف المدرسي؛ والتي تراوحت بين التنمّر، والعنف الجسدي، والنفسي، والجنسي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، بالإضافة إلى العنف الذي يتعدّى حدود المدرسة؛ بما في ذلك العنف المرتبط بالقتال في الشوارع، وتشكيل العصابات، واستخدام الأسلحة بأنواعها المختلفة.
العنف النفسي والجسدي
تتعدَّد أشكال العنف النفسي (بالإنجليزية: Psychological abuse) التي يمارسها الطلاب على بعضهم البعض أو التي يمارسها بعض المعلمين على الطلاب؛ وهي تتضمن مختلف التهديدات اللفظية أو السخرية، والاستخفاف، والتهكم، والإذلال، والإقصاء، والنبذ، وإصدار الشائعات المهينة بين الآخرين، ويعتبر العنف النفسي ظاهرةً واسعة الانتشار في مختلف الدول والمجتمعات؛ لكن لا يوجد قانون واضح يجرِّم مرتكبيها؛ وذلك لصعوبة قياس مدى التأثر السلبي في دواخل الأشخاص الذين تعرضوا لهذا النوع من العنف، أما من الناحية الجسدية؛ فهو يشتمل على استخدام القوة البدنية بشكلٍ متعمد في تعنيف المستضعفين من الطلاب؛ كالضرب، والدفع، واللكم، والصفع، وغيرها من السلوكيات السلبية التي تختلف أبعادها على الشخص المعنَّف؛ إذ إنها قد تصل للعجز المؤقت، أو الدائم، أو في أسوأ الأحوال قد تتسبب بالوفاة.
تحمل ظاهرة العنف النفسي والجسدي في طياتها تأثيراً سلبياً على كلا الطرفين من الطلاب؛ إذ إنها تُضعف من الأداء الدراسي العام لهم، وتؤدي لانعزال الطلاب الذين يتعرضون للتنمر؛ مما يقلل من مستويات الثقة بالنفس واحترام الذات لديهم وينعكس على البطء في تطور مهاراتهم الاجتماعية وتزايد معدلات الإحباط والاكتئاب ونوبات القلق التي تعتريهم، كما قد يؤدي ذلك إلى اتجاههم للسلوك العدواني وقلة تعاطفهم مع الاخرين وخاصةً عند تلقيهم لهذا النوع من التعنيف من قِبَل الأساتذة والمعلمين في سياق العملية التعليمية؛ حيث إنها تزيد من الصعوبات في التعامل مع الطلاب وتزرع العداء في نفوسهم وتزيد من عدم استجابتهم لما هو في الصالح العام لهم، ولذلك يُعتقد بأنّ سبب التنمر الناتج عن الطلاب المتنمرين نابعٌ من الإحباط والغضب والإذلال والرغبة في الرد على السخرية الاجتماعية.
التنمُّر
عرَّفت منظمة اليونسكو التنمُّر (بالإنجليزية: Bullying) على أنّه حالةٌ يتعرّض فيها الفرد للخطر بشكلٍ مستمر ومتكرّر بسبب سلوكياتٍ سلبية صادرة عن شخصٍ آخر أو مجموعةٍ من الأشخاص في حين لا يستطيع هو الدفاع عن نفسه، وتشتمل هذه السلوكيات على التهديدات، ونشر الإشاعات بهدف الإذلال العلني، ونبذ الفرد من مجموعةٍ ما عن عمد دون سبب، وكشف الأسرار، والحديث عن الأفراد من ورائهم، وكتابة عباراتٍ أو رسم رسوماتٍ على الجدران للتشهير والاستخفاف بهم، بالإضافة إلى التنمّر على شبكات التواصل الاجتماعي من خلال تأليف الإشاعات بغرض الإهانة، أو الترهيب، أو حتّى لمجرَّد التسلية.
يعدُّ التنمُّر شكلاً من أشكال العنف الذي له تأثيراتٌ نفسيةٌ بالغة على ضحاياه؛ للحدِّ الذي قد يجعل من أبسط الأعمال اليومية؛ كالذهاب إلى المدرسة أو تناول الطعام في فترة الاستراحة، صعبةً ومؤذيةً بالنسبة لهم، إلى جانب ما يُسبّبه من مشكلات صحية، واجتماعية، ونفسية، وأكاديمية، وعقلية، بالإضافة إلى تسبُّبه بتغييرٍ ملحوظ في أنماط وعادات الأكل، عدا عن تدنّي مستوى التحصيل الدراسي ، وقلة المشاركة في الأنشطة المدرسية، وزيادة نسبة التغيّب عن الحصص الصفية والتسرّب من المدرسة، وقد لوحظ أنّ الأطفال الذين تعرّضوا للتنمُّر أكثر عرضةً من غيرهم للاكتئاب ، والشعور بالوحدة، والقلق، وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانوا يستمتعون بها فيما سبق، بالإضافة إلى أنه وجد أنّ هناك عددٌ قليل من الأطفال الذين تعرضوا في طفولتهم للتنمُّر الشديد قد يميلون للانتقام ممن تنمر عليهم قديماً من خلال تدابير عنيفة للغاية؛ وعليه فإنه من الواجب التنديد بالتنمُّر بجميع أشكاله وعدم التساهل في التحكّم به ومنعه.
العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي
يندرج تحت العنف الجنسي (بالإنجليزية: Sexual violence) جميع الممارسات التي تتعلّق بالاغتصاب، والتحرّش، والرسائل النصية الخادشة، والصور أو الفيديوهات الإباحية التي تتناقل بين الطلاب داخل المدرسة أو خارجها، ويُعدُّ العنف الجنسي من أكثر أنواع العنف خطورةً على الصحة النفسية؛ لما يُسبّبه من آثار اجتماعية ونفسية على المدى الطويل تستمرّ إلى ما بعد مرحلة البلوغ، كما تنعكس على سلوكيات الفرد مع أسرته بعد الزواج، ويُشار إلى أنّ معاناة الفتيات من الطالبات من العنف الجنسي تكون أكبر؛ حيث إنّهم يُشكّلون نسبةً أكبر من ضحايا هذه الظاهرة، ويُعانون من تأثيرات جسدية وصحية بعيدة المدى تزيد العبء النفسي عليهم.
القتال والاعتداء الجسدي وعنف العصابات
يعتبر العنف الجسدي القائم على قتال الشوارع والعصابات الذي يحصل داخل المدارس امتداداً للعنف الذي يحدث خارجها ويصعب التمييز بينهما، حيث ينعكس العنف المنزلي وما يشهده طلاب المدارس في بيئاتهم المحلية على سلوكياتهم بشكل واضح، فقد وُجد أنّ الدول التي تشهد حالة عدم استقرار سياسي تزداد حدّة ممارسات العنف في مدارسها إذ تتعدّى الضرب لتصل إلى حدّ الطعن وإطلاق النار أو حتى ممارسة الأعمال غير المشروعة مثل الاتجار بالمخدرات.