ما هي تجربة قطة شرودنغر؟
من هو إيروين شرودينجر؟
إيروين شرودينجر (Erwin Schrodinger) من الفيزيائيين البارزين في فيزياء الكم، وكان بارزاً في فيزياء الكم قبل تجربته الفكرية الشهيرة "قطة شرودينجر"، وقد قام بابتكار معادلة الموجة الكمومية، وهي الآن المعادلة التي تُعَرّف الحركة في الكون، ولكن المشكلة هي أنها عبَّرت عن كل حركة على شكل سلسلة من الاحتمالات، وهذا الأمر يتعارض بشكل مباشر مع الطريقة التي يستخدمها معظم العلماء في ذلك الوقت -وربما حتى يومنا هذا- مع كيفية التعامل مع الواقع المادي، وقد كان شرودينجر نفسه هو أحد هؤلاء العلماء، فأبتكرمفهوم قطة شرودنجر ليوضح من خلالها بعضاً من الأمور المتعلقة بفيزياء الكم.
لماذا تم تصميم تجربة قطة شرودينجر؟
خاصية التراكب
لقد قام كل من الفيزيائيين نيلز بور وفيرنر هايزنبرغ بوضع تفسير في فيزياء الكم والذي يسمى بتفسير كوبنهاجن بين عامي 1925 و 1927، وينص تفسير كوبنهاجن على أن الأنظمة الفيزيائية التي تَحكُمها ميكانيكا الكم بشكل عام، لا يكون لها خصائص محددة قبل قياسها، أي أن الكائن/ الجسم يوجد في تراكب (بالإنجليزية: superposition) عدة حالات، وهذا يعني أن له خصائص مختلفة في ذات الوقت، أي يمكن للجسم الكمومي على سبيل المثال أن يتواجد في مكانين اثنين في وقت واحد، أو أن يكون لهما سرعتان مختلفتان في ذات الوقت، ولهذه الحالات احتمالات مختلفة، يتم وصفها بواسطة الدالة الموجية للكائن (بالإنجليزية: wavefunction) . وعند إجراء القياس يتم تقليل الحالات العديدة الممكنة إلى قيمة واحدة، أي أن الدالة الموجية تنهار.
هدف التجربة
إن تجربة قطة شرودينجر ليست تجربة حقيقية، ولم تَقُم بأي إثباتات علمية، وليست كذلك جزءاً من أي نظرية علمية، إن قطة شرودينجر هي مجرد أداة تعليمية قام باستخدامها عالم الفيزياء البارز في فيزياء الكم إيروين شرودينجر، فقد قام شردونجر بتصميم هذه التجربة الفكرية ليوضح كيف سيبدو تفسير كوبنهاجن بفيزياء الكم، في حال تم استبدال المصطلحات الرياضية المستخدمة لشرح التراكب في العالم المتناهي بالصغر بمصطلحات في العالم العياني، حتى يتمكن الشخص العادي من تصورها وفهمها، ويتم كذلك إيضاح سوء الفهم الحاصل لتفسير نظرية الكم ، ويثبت التفسيرات الخاطئة البسيطة حولها.
ما هي تجربة قطة شرودينجر؟
تفترض هذه التجربة الفكرية الشهيرة أن لدينا قطة، يتم وضعها في صندوق فولاذي مغلق، ويتحتوي بداخله على عداد جيجر وهو عبارة عن كاشف إشعاعي، وقارورة تحتوي على السم بداخلها ومطرقة ومادة مشعة، عندما تتحلل هذه المادة المشعة، وينطلق منها إشعاع يتمكن الكاشف الإشعاعي عداد جيجر من كشف هذا الإشعاع، مما يؤدي إلى أن يقوم بدفع المطرقة لينطلق السم الذي بداخل القارورة الذي سيؤدي لقتل القطة فيما بعد، إلا أن التحلل الإشعاعي عبارة عن عملية عشوائية ولا يمكن التنبؤ بموعد حدوثه، أي أن الذرة المشعة التي سوف تتحلل في المادة المشعة الموجودة في هذا الصندوق في حالة التراكب، أي أنها متحللة وغير متحللة في ذات الوقت، وذلك إلى أن يتم فتح الصندوق وملاحظة الأمر، فقبل أن يتم فتح الصندوق لا يعلم المراقب إن كانت القطة حية أو ميتة، لأن مصيرها مرتبط بتحلل المادة المشعة وحدوث اضمحالالٍ لها، ولذلك تكون القطة حية ومية معاً بشكل متساوي معاً.
ما الذي تُدلّل عليه تجربة قطة شرودينجر؟
إن تجربة قطة شرودينجر تنتهي بأن تقول أن هذا القط يكون حياً وميتاً في ذات الوقت، لكن وجود هذا في العالم الحقيقي يُعدُّ أمراً سخيفًا تماماً ولا يمكن أن يحدث هذا الشيء في الواقع، أي أن تكون القطة حية وميتة في ذات الوقت معاً، حيث إن ما أرادت به هذه التجربة إظهاره، أن انهيار جميع النتائج المحتملة إلى نتيجة واحدة فقط لا يكون مدفوعاً بوجود المراقبين أو بتوافر القياسات الواعية فقط، بحيث أن كل تفاعل يقوم به جسيم كمي يمكن أن ينهار به حالته، وذلك لأنه بمجرد أن تتفاعل الذرة المشعة مع عداد جيجر فإن حالتها غير المتحللة ستنهار إلى حالة واحدة محددة، إما أن عداد جيجر سيعمل بالتأكيد وتموت القطة، أو لن يتم تشغيله على الإطلاق وستبقى القطة حية، ولكن لن يحدث كلا الأمران في وقت واحد، أي أن انهيار الحالة الكمومية لا يكون مدفوعًا بالمراقبين أو توافر القياسات الواعية فقط، وكانت عبارة "قطة شرودنغر" مجرد أداة تعليمية اخترعها شرودنغر لجعل هذه الحقيقة أكثر وضوحًا وأسهل للفهم.