ما هو مصدر الرياح
مصدر الرياح
تتوزع الحرارة الصادرة من الشمس إلى سطح الأرض بصورة متفاوتة، فالأشعة الشمسية تعمل على تسخين الهواء الملامس والقريب من اليابسة بمعدل أعلى مما هو عليه فوق التجمعات المائية مثل البحار والمحيطات.
ويمكن تفسير ذلك بأن الحرارة النوعية للماء أكبر من الحرارة النوعية لليابسة أي أن كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة كتلة من الماء أعلى من الكمية اللازمة لرفع كتلة من اليابسة، وبالتالي تصبح كثافة الهواء على اليابسة أقل مما هي عليه فوق التجمعات المائية؛ لأن الهواء الدافئ أخف وزناً مقارنة بالهواء البارد.
وتؤدي هذه الفروق الحرارية بين طبقات الأجزاء السفلى والعليا للغلاف الجوي أثناء النهار إلى توليد طاقة قادرة على تحويل القدرة الحرارية الناتجة عن سقوط أشعة الشمس إلى قدرة حركية تمتلكها جزئيات الهواء، وتتمثل هذه القدرة الحركية بانتقال الهواء الدافئ الموجود أعلى اليابسة إلى طبقات الجو ذات الضغط المنخفض ليحل مكانه الهواء البارد الملامس لمياه البحار والمحيطات.
ويحدث عكس ذلك عند غياب أشعة الشمس (أي في أثناء الليل)، حيث يظهر الهواء الملامس لسطح الأرض أكثر برودة مقارنة بالهواء على سطح البحار والمحيطات.
وينتقل الهواء من خط الاستواء إلى قطبي الأرض الشمالي والجنوبي؛ بسبب اختلاف مستويات الضغط الجوي، حيث تتعرض المناطق الواقعة على خط الاستواء إلى معدل أعلى من الحرارة الصادرة من الشمس مقارنة بالمناطق القطبية، وبالتالي يسخن الهواء القريب من سطح الأرض في المناطق الاستوائية وتقل كثافته؛ لينتقل الهواء من مناطق الضغط المرتفع (المناطق الاستوائية) إلى مناطق الضغط المنخفض (القطبين).
مصدر الرياح من وجهة نظر أرسطو
يعتقد العالم أرسطو أن المصدر الأساسي للرياح هو البخار اليابس الساخن أو الدخان الناشئ بسبب حرارة الشمس، وفسّر ذلك بأن أشعة الشمس تولّد نوعين من البخار الساخن، هما: البخار الساخن الرطب الذي يُشكّل الأمطار، والبخار الساخن الجاف الذي يشكّل الرياح.
واستطاع أرسطو بذلك إظهار الاختلاف في الطبيعة التي تكوَّن من خلالها كل من المطر والرياح، كما أظهر أن الرياح والهواء يختلفان في طبيعة التكوين، فالرياح تمتلك حركة ذاتية من تلقائها دون التأثُّر بحركة الهواء؛ لذلك اعتبر أرسطو أن الرياح تمثّل أحد الموجودات ذات الطبيعة المركبة.
في الحقيقة تعتبر الاستنتاجات السابقة للعالم أرسطو بخصوص الرياح غير صحيحة، فالرياح والهواء لا اختلاف بينهما، حيث إن الرياح تعتبر هواء متحرك بشكل أفقي على سطح الأرض، وهذا الهواء هو خليط من غازات الغلاف الجوي المحيط بكوكب الأرض .
كما أن الرياح لا تتحرك من ذاتها كما ذكر أرسطو، بل أن سبب حركتها يعود إلى درجة الحرارة التي تحدّد إن كان الضغط الجوي مرتفعاً أو منخفضاً، حيث تنتقل الرياح من المناطق الباردة ذات الضغط المرتفع إلى المناطق الساخنة ذات الضغط المنخفض، وتحدد قوتها بناءً على الفرق في الضغط بين المنطقتين.
أهمية الرياح
تلعب الرياح دور هام في التأثير المباشر على الإنسان وممارساته اليومية المختلفة، حيث استغل الإنسان طاقة الرياح منذ القدم في تشغيل طواحين الهواء، وساعدتهم على رفع المياه من الآبار، كما استخدموا الرياح في عمليات النقل من خلال بناء السفن والطائرات الشراعية التي تعتمد بشكل أساسي على قوة وحركة الرياح، وفي الآونة الأخيرة أصبحت الرياح مصدر هام لتوليد الطاقة الكهربائية في بعض الدول المتقدمة.
وتعتبر الرياح أيضاً ذات أهمية كبيرة في تحقيق نوع من التوازن في درجات الحرارة على سطح الأرض من خلال نقل الطاقة الحرارية من مكان إلى آخر، كما تعمل الرياح على زيادة نسبة الرطوبة وكميات هطول الأمطار في الجو؛ بسبب نقل بخار الماء من أماكن تكوُّنه إلى مناطق أخرى.
أنواع الرياح
تتنوع الرياح تبعاً لمصدرها واتجاهها إلى أنواع مختلفة، نذكرها فيما يلي:
الرياح الدائمة
وتنقسم إلى الأنواع الآتية:
- الرياح التجارية
وهي الرياح التي تتشكل بسبب انتقال جزء من الهواء في طبقات الجو العليا ليتجه نحو مناطق الرهو الاستوائية الهادئة نسبياً، وقد سميت الرياح التجارية بهذا الاسم؛ لأن البحّارة في العصور الوسطى استخدموها بشكل أساسي لتحريك السفن التجارية عبر البحار والمحيطات.
- الرياح العكسية أو الغربية
وهي الرياح المعاكسة في الإتجاه للرياح التجارية.
- الرياح القطبية
وتمثّل الهواء الذي ينتقل من قطبي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي ذات الضغط الجوي المرتفع باتجاه منتصف الكرة الأرضية.
الرياح الموسمية
وهي الرياح التي تتشكل بمواسم محددة، وغالباً ما تتكوّن في فصل الصيف وتكون محمّلة بالأمطار، وفي فصل الشتاء تنتقل هذه الرياح نحو المناطق التي تتميّز بجفاف شديد وبرودة قارسة مثل المناطق الصحراوية.
الرياح المحلية
وهي الرياح التي يكون تأثيرها محلي وعلى منطقة محددة الاتساع على سطح الأرض، كما تهب في فترات زمنية قصيرة، وتتنوع هذه الرياح إلى أشكال مختلفة، مثل: الرياح الخماسينية، ورياح السَموم، ونسيم الجبل، ونسيم الوادي، ونسيم البر والبحر.
خصائص الرياح
تتميَّز الرياح ببعض الخصائص التي يتمُّ قياسها والتعرف عليها من خلال بعض الأجهزة، وفيما يأتي بيان تلك الخصائص بالتفصيل:
اتجاه الرياح
تشير خاصية اتجاه الرياح إلى الجهة التي تهبُّ منها الرياح، ويستخدم من أجل معرفة أو قياس اتجاه الرياح أداة تسمَّى "ريشة الريح" أو "ريشة الطقس"، حيثُ تتكون كل ريشة رياح من جزئئن هما: جزء أمامي وجزء خلفي، وأكثر أجهزة ريشة الريح شيوعًا هو الجهاز على شكل السهم، إذ إنَّ رأس السهم هو الجزء الأمامي، وذيل السهم هو الجزء الخلفي.
يثبَّت السهم على عمود بحيث يكون حرًا طليقًا في حركته عندها تتحرك الريح، وتكون مساحة الجزء الأمامي من ريشة الريح أصغر من مساحة الجزء الخلفي، وعندما تهب الريح تضغطُ على الجزء الخلفي من السهم، وبالتالي يضطر السهم لمحاذاة نفسه والانسياق لقوة الريح، ويدل طرفه الخلفي على الاتجاه الذي تهبُّ منه الريح.
سرعة الرياح
تشير خاصية سرعة الرياح إلى المسافة التي تقطعها الرياح خلال وقت معين، وكلما زادت سرعتها زادت قوتها وشدتها، وتقاس سرعة الرياح باستخدام جهاز قياس سرعة الرياح أو شدة الرياح، ويسمى أيضًا كوب مقياس شدة الرياح، إذ يتألف من ثلاثة أو أربعة أكواب ثبتت بشكل متشابه بزوايا قائمة على محور عمودي.
تعتمد طريقة قياس شدة الرياح في ذلك الجهاز على أنَّ شدة الرياح على سطح الأكواب الداخلي أكبر منها على السطح الخارجي، وهذا يؤدي إلى تدوير الكؤوس، وسرعة دوران الأكواب يدل على سرعة الرياح وشدتها، ويتناسب معدل الدوران مع سرعة الرياح طرديًا.