ما هو مرض بهجت
مرض بهجت
مرض بهجت (بالإنجليزية: Behçet's disease)، أو داء بهجت أو متلازمة بهجت أو مرض طريق الحرير، هو مرض مزمن يُسبب حالة من الالتهاب في الجسم نتيجة حدوث التهاب في الأوعية الدموية، أي في الشرايين والأوردة ، الأمر الذي يُسبب تلف هذه الأوعية الدموية، وهذا ما يؤدي إلى ظهور الأعراض على المصابين به، حيث يتميز مرض بهجت بظهور الأعراض الثلاثية المتمثلة بقرح الفم المتكررة، والقرح التناسلية، والتهاب عنبية العين (بالإنجليزية: Uveitis)، وفي الواقع لا تظهر الأعراض على المصابين بهذا الداء أو المتلازمة بشكل مستمر، وإنّما تمر على المصابين فترات من اشتداد الأعراض تُعرف بالنوبات أو الهبّات (بالإنجليزية: Flare ups)، وأخرى من سكون الأعراض وحتى اختفائها، ومع مرور الوقت قد تخف شدة الأعراض بشكل عام فلا تُسبب الانزعاج كما في بداية الأمر حتى وإن لم تختفي بشكل كليّ، وفي سياق الحديث عن نوبات المرض يُشار إلى أنّ هذه النوبات طبيعة له، بمعنى أنّه قد يأخذ الشخص المعنيّ العلاج المناسب ومع ذلك تحدث نوبات بهجت، هذا لأنّ مرض بهجت له طبيعة خاصة تتمثل بحدوث النوبات ثم هدوئها كما أسلفنا، ولعلّ هذا ما يُصعّب على الأطباء المختصين معرفة أي العلاجات أنسب للشخص المعنيّ، وبالرغم من ذلك فحقيقة يستطيع مرضى بهجت أن يعيشوا حياة جيدة للغاية مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية التعامل مع الأعراض التي تظهر.
وأمّا بالنسبة لمدى شيوع مرض بهجت؛ فقد بينت الدراسات التي أجريت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي نُشرت في مجلة طب الأطفال الإيرانية (Iranian Journal Of Pediatrics) تبين أنّ نسبة انتشار مرض بهجت في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي 120 حالة من بين كل 100 ألف شخص، وقد كانت أعلى نسبة لمرض بهجت في تركيا، تليها إيران، وأقل النسب على الإطلاق كانت في الكويت.
أعراض مرض بهجت
حقيقة تنجم الأعراض والعلامات التي يُسببها مرض بهجت عن طبيعة الالتهاب الذي يُصيب الأوعية الدموية بنوعيها؛ الشرايين والأوردة، هذا ويجدر التنويه إلى أنّ هذا المرض يحدث التهابًا في الأوعية الدموية المختلفة بمعنى أنّه يؤثر في الصغيرة منها والكبيرة، والجدير ذكره أنّ طبيعة الأعراض والعلامات تختلف من شخص إلى آخر، فبعض المصابين قد يُعانون من أعراض بسيطة وتكون علامات المرض لديهم خفيفة، في حين أنّ بعض المصابين قد يُعانون من أعراض شديدة وحادّة، وبالنسبة لأكثر أعراض بهجت شيوعًا على الإطلاق القروح التي تظهر في الفم وتلك التي تُصيب الجلد والأعضاء التناسلية، ومن الأعراض والعلامات الشائعة أيضًا والتي قد تظهر في حالات الإصابة بمرض بهجت نذكر الآتي:
- الشعور بألم في الرأس أو صداع .
- الإحساس بألم في العضلات.
- الإعياء والتعب العامّ.
- الحساسية تجاه الضوء.
- آلام المفاصل وانتفاخها، وإنّ أكثر المفاصل تأثرًا هي مفاصل الركبتين والرسغين والكوعين والكاحلين.
- الاعراض الشديدة: وهي أقل شيوعًا مما سبق، ومنها:
- أعراض ذات صلة بحدوث التهاب في الجهاز العصبي المركزي، ومنها محدودية حركة العين، ومواجهة صعوبة أو مشاكل في تنسيق الحركات المختلفة للجسم وخاصة الوجه، إضافة إلى التشنجات العصبية (بالإنجليزية: Seizures)، وفقدان الذاكرة، والإصابة بسكتة أو جلطة دماغية (بالإنجليزية: Stroke).
- التخثرات أو التجلطات الدموية.
- بعض الأعراض المرتبطة بالجهاز الهضمي مثل الإسهال أو حدوث النزيف أو الشعور بآلام في البطن.
- فقدان النظر.
ولمعرفة المزيد عن أعراض مرض بهجت يمكن قراءة المقال الآتي: ( أعراض مرض بهجت ).
سبب مرض بهجت
حقيقة لم يُعرف السبب الكامن وراء الإصابة بمرض بهجت بشكل واضح، ولكن يُعتقد أنّ تفاعلًا التهابيًا ذاتيًا (بالإنجليزية: Autoinflammatory condition) قد يكون له دور في ظهور هذا المرض، ويُقصد بالتفاعل الالتهابي الذاتي مهاجمة الجهاز المناعيّ لأنسجة الجسم السليمة عن طريق الخطأ، وفي حال الإصابة بمرض بهجت فإنّ الجهاز المناعيّ يُهاجم الأوعية الدموية، وأمّا بالنسبة للسبب الكامن وراء حدوث هذا الالتهاب المناعي الذاتي فإنه يُعتقد أنّ عاملَين اثنين يلعبان دورًا في ذلك، وهما العوامل الجينية والعوامل البيئية، فأمّا العوامل الجينية فتُفسّر بأنّ هناك مجموعات عرقية معينة تكون فرصة إصابتهم بمرض بهجت أعلى من غيرهم، وهؤلاء الفئة يُعتقد أنّهم يحملون جينات معينة تجعل إصابتهم بمرض بهجت مرتفعة، وأمّا بالنسبة للعوامل البيئية فلم يُحدّد عامل بيئي معين يُحفّز ظهور مرض بهجت، ولكن تبيّن أنّ الأشخاص الذين ينتمون للعرق الذي يرتفع إصابتهم بمرض بهجت يقل خطر إصابتهم بمرض بهجت في حال كانوا خارج مناطق سكن هذه الأعراق.
عوامل خطر الإصابة بمرض بهجت
توجد بعض العوامل التي تجعل الأشخاص أكثر عُرضة للإصابة بمرض بهجت منها ما يأتي:
- العمر؛ على الرغم من احتمالية إصابة الأفراد من جميع الأعمار بمرض بهجت، إلا أنّ الرجال والنساء في العشرينيات والثلاثينيات من العمر أكثر عُرضة للإصابة بمرض بهجت مقارنة بغيرهم، ومع ذلك يمكن أن يُصاب الأطفال وكبار السنّ بهذا المرض أيضًا.
- الموطن؛ إنّ الأشخاص الذين ينتمون لدول الشرق الأوسط وشرق آسيا أكثر عُرضة للإصابة ببهجت، ومن هذه الدول: تركيا، وإيران، واليابان، والصين.
- النوع؛ إذ يمكن أن يُصيب مرض بهجت الرجال والنساء، ولكن تكون شدته لدى الرجال أكبر ممّا هي عليه لدى النساء.
تشخيص مرض بهجت
حقيقة لا يوجد فحص مُحدّد يؤكد تشخيص الإصابة بمرض بهجت، ويُعزى السبب في ذلك إلى اعتماد الأطباء معايير محددة لتشخيص الإصابة، ومن هذه المعايير ظهور أعراض معينة على الشخص المعنيّ، ولأنّ الأعراض الخاصة بمرض بهجت قد تستغرق عدة شهور أو حتى سنوات لتظهر بصورتها الجلية؛ فإنّ تشخيص الإصابة ببهجت عادة ما يستغرق وقتًا ولا يكون مؤكدّا إلى بعد مرور فترة من الزمن، ويكون ذلك في العادة صعبًا، وأمّا بالنسبة لمعايير تشخيص بهجت فيأتي بيانها بشيء من التفصيل أدناه:
- طبيعة الأعراض التي تظهر على المصاب: يتمّ تأكيد تشخيص الإصابة بمرض بهجت من قبل الطبيب المختص في حال ظهر على المصاب ثلاث نوبات من القروح الفموية خلال الاثني عشر شهرًا التي مضت، وبشرط أن يكون قد ظهر على المصاب عرضان آخران من الأعراض التي يأتي بيانها أدناه:
- نوبات متكررة من القروح التي تظهر في الأعضاء التناسلية.
- التهاب في العين .
- قروح أو ندب في الجلد.
- حساسية الجلد عند إجراء اختبار باثرجي (بالإنجليزية: Pathergy test) والذي سيأتي بيانه في الفحوصات.
- الفحوصات الطبية الأخرى: يمكن أن يلجأ الطبيب المختص لطلب مجموعة من الفحوصات الأخرى لتأكيد الإصابة بمرض بهجت، وإنّ هذه الفحوصات عديدة، ويعتمد اختيار الطبيب لنوع الفحص على طبيعة الأعراض التي تظهر عليه، ومن الفحوصات الممكن إجراؤها في مثل هذه الحالات ما يأتي:
- فحوصات الدم (بالإنجليزية: Blood tests).
- فحوصات البول (بالإنجليزية: Urine tests).
- الفحوصات التصويرية، ومن الأمثلة عليها: التصوير بالأشعة السينية أو أشعة إكس (بالإنجليزية: X-rays)، والتصوير الطبقي المحوري (بالإنجليزية: Computerised tomography) واختصارًا CT scan، وكذلك التصوير بالرنين المغناطيسي (بالإنجليزية: Magnetic resonance imaging) والمعروف اختصارًا ب MRI.
- أخذ خزعة من الجلد (بالإنجليزية: Skin biopsy).
- اختبار باثرجي: يمكن من خلال هذا الفحص الكشف عن حساسية الجلد كما سبق بيانه، وذلك بإحداث وخزة صغيرة تُشبه وخزة الدبوس أو الإبرة الطبية في الجلد، ومراقبة فيما إن ظهرت بقعة حمراء على الجلد، ولكن يجدر التنويه إلى أنّ ظهور هذه البقعة الحمراء لا يعني بالضرورة الإصابة بمرض بهجت، ولكن يُعدّ هذا الفحص ولا سيّما نتيجته الإيجابية من الوسائل التي تساعد على تشخيص الإصابة ببهجت.
ولمعرفة المزيد عن تشخيص الإصابة بمرض بهجت يمكن قراءة المقال الآتي: ( تشخيص مرض بهجت ).
علاج مرض بهجت
في واقع الأمر لا يُوجد علاج يشفي من مرض بهجت، ولكنّ الخيارات الطبية المتاحة تساعد بشكل واضح على التخفيف من الأعراض التي يُعاني منها المصاب، وذلك عن طريق تخفيفها للالتهاب المُحدث في أجزاء الجسم المختلفة، وعليه يمكن القول إنّ الهدف الرئيسيّ من العلاج هو تخفيف شدة الالتهاب التي تحدث في الجسم، والحدّ من تلف الأعضاء وتضررها، وبشكل عام فإنّ العلاج يعتمد على عوامل عدة، منها طبيعة الأعراض التي يُعاني منها المصاب، وشدة الحالة، وكذلك طبيعة الأعضاء التي تعرضت للضرر جراء الإصابة بالمرض، وقبل الخوض بالخيارات الدوائية المستخدمة لعلاج بهجت نُنوه إلى أنّ هذه الأدوية قد تُسبب ضعفًا في الجهاز المناعي بصورة تجعل المصاب عرضة للعدوى، إضافة إلى زيادتها لفرصة الإصابة بهشاشة العظام، ولذلك يجب الالتزام بالزيارات الدورية للطبيب المختص، وإخباره عن الآثار الجانبية التي لاحظها، فقد يصف الطبيب أدوية أخرى تُسيطر على هذه الأعراض وتحدّ من مضاعفاتها، هذا ويُنصح المصابون بأخذ إجراءات الحيطة والحذر للحد من الإصابة بالعدوى، ومن ذلك أخذ اللقاحات الخاصة بالإنفلونزا ، والالتهابات الرئوية، والهربس النطاقي (بالإنجليزية: Shingles).
ومن الخيارات العلاجية المتاحة للسيطرة على أعراض بهجت نذكر الآتي:
- الكورتيكوستيرويدات الموضعية: (بالإنجليزية: Topical corticosteroids)، وتُعدّ الخط العلاجي الأول لمرضى بهجت، وتُباع بأشكال صيدلانية مختلفة، منها المراهم والكريمات والجل، ومنها كذلك الغسول الفموي وقطرات العيون، ويصف الطبيب المختص هذه الأدوية لمرضى بهجت لتُطبّق بشكل مباشر على الجزء المتأثر بالمرض.
- الكورتيكوستيرويدات الفموية: (بالإنجليزية: Oral corticosteroids)، قد يصفها الطبيب المختص للسيطرة على الالتهاب المصاحب لمرض بهجت كذلك، ومن الأمثلة عليها دواء بريدنيزون (بالإنجليزية: Prednisone).
- دواء كولشيسين: (بالإنجليزية: Colchicine)، وهو دواء عُرف باستخدامه في علاج مرض النقرس (بالإنجليزية: Gout)، وقد ثبتت فعاليته كذلك في علاج مرض بهجت، إذ يُقاوم الالتهاب الحاصل في الجسم، والجدير بالبيان أنّ هذا الخيار الدوائي يُلجأ إليه في حال فشلت الكورتيكوستيرويدات بنوعيها الموضعية والفموية في السيطرة على المرض وأعراضه.
- الأدوية المُثبطة للمناعة: (بالإنجليزية: Immunosuppressant drugs)، يلجأ الطبيب في الغالب للأدوية التابعة لهذه المجموعة في حال كان المرض شديدًا، ومن الأمثلة على الأدوية التابعة لهذه المجموعة الدوائية: سيكلوفوسفاميد (بالإنجليزية: Cyclophosphamide)، وأبريميلاست (بالإنجليزية: Apremilast)، وسيكلوسبورين (بالإنجليزية: Cyclosporine)، وآزاثيوبرين (بالإنجليزية: Azathioprine)، وميثوتركسيت (بالإنجليزية: Methotrexate).
- المستحضرات الدوائية الحيوية: (بالإنجليزية: Biologics)، وهي بروتينات معقدة مُستخرجة من كائنات حية، ويقوم مبدأ عملها على استهداف أجزاء معينة في الجهاز المناعي لتثبيط الالتهاب الحاصل في الجسم، ويُلجأ إليها في حالات بهجت الشديدة كذلك، ومن الأدوية التابعة لهذه المجموعة: إنترفيرون ألفا (بالإنجليزية: Interferon alpha)، وأداليموماب (بالإنجليزية: Adalimumab)، وإيتانيرسيبت (بالإنجليزية: Etanercept)، وإنفليكسيماب (بالإنجليزية: Infliximab).
ولمعرفة المزيد عن علاج مرض بهجت يمكن قراءة المقال الآتي: ( علاج مرض بهجت ).
التعايش مع مرض بهجت
لأنّ طبيعة مرض بهجت يصعب التحكم بها قد يشعر المصاب بنوع من الإحباط بين الحين والآخر، ولكن عليه اتباع مجموعة من النصائح التي تساعده على تخطي نوبات المرض والتعايش معه للحصول على أفضل النتائج، ومن هذه النصائح ما يأتي:
- أخذ القسط الكافي من الراحة أنثاء نوبات المرض وهبّاته، مع الحرص على الابتعاد عن التوتر والقلق قدر المستطاع.
- ممارسة التمارين الرياضية عند امتلاك الجسم الطاقة الكافية، ويُنصح بممارسة رياضة المشي أو السباحة، إذ تساعد الرياضة على تحسين المزاج ومرونة المفاصل، وتقوية الجسم عامة.
- التواصل مع المصابين بالمرض ذاته والانضمام إلى مجموعات الدعم الخاصة به، فهذا يساعد على تحسين النفسية وتخطي صعوبات المرض.